“أبناء حلالة” أو “بقايا الخونة” عبارات تسمم حياة الكثير ممن جاؤوا إلى الدنيا كثمرة لعلاقة غير شرعية بين جنود أجانب ومغربيات. DW عربية تسلط الضوء على قصص بعضهم عاكسة تأزم حالتهم النفسية ونظرة مجتمع لا يرحم ولا ينسى.
إبراهيم رجل ذو قامة طويلة وعينين زرقاوين ويعيش بالقنيطرة تحت وابل من النعوت القدحية. شارك إبراهيم، الذي يبلغ من العمر 70 سنة، قرّاء DW عربية قصته المؤثرة، التي لم يسردها له أحد من أهله بل أسرته التي احتضنته. يقول إبراهيم إنه عانى الأمرين بسبب والده الذي كان جندياً أمريكياً بالمغرب وارتبط بعلاقة غير شرعية مع والدته، الأمر الذي جعلها تتخلص منه بعد الولادة هرباً من “ثقل العار”.
محاولات البحث عن الأب، لم تحبطها العوائق، بل تكبد إبراهيم مشقة البحث وتقفي الأثر. غير أن الأمر لم يؤت أكله، لمضي سنوات يسميها إبراهيم بالعجاف، لأنه لم يتمكن من الوصول لأي خيط رابط في القصة. يقول إبراهيم إنه لا يفكر في البحث عن الأم، معتبراً إياها المذنب الوحيد في القصة لأنها تخلت عنه وهو رضيع لا حول له ولا قوة. وعن نظرة المجتمع يؤكد أنها لا ترحم وتسبب له تأزيماً في وضعيته النفسية لأنه ينعت بنعوت جارحة لكرامته.
تحدي الماضي
“صفية” تقول إنها تدفع ثمن خطأ لم ترتكبه. والدها الجندي الفرنسي، الذي عاش بالمغرب وتحديداً بنواحي الرباط، ظل لسنوات وهو يقيم علاقة غير شرعية مع ثلاث نسوة أخوات من نفس الأسرة، وهو الأمر الذي اعتبرته الجرم الخارج عن الدين، كونه جمع بين الأخوات اللواتي أنجبن منه أطفالاً.
فضلت صفية البقاء في المزرعة، التي كانت تقطن بها الأم والخالات إلى جانب الخليل المشترك، رغم الانتقادات التي تحل عليها كالوابل كل يوم، لا لذنب اقترفته إلا لأنها ابنة الفرنسي الجندي خادم المستعمر الذي “جعل من جسد الأم والخالات مستوطنات انقضت مهمتها بعد حين”، على حد تعبير صفية.
وتؤكد لـ DW عربية أنها ترفض معرفة أبيها، لأنها لا تريد منه جزاء ولا شكوراً، سوى الانعتاق من أسر نظرة المجتمع السلبية. غير أن المثير في قصتها أنها ظلت مصرة على العيش في المزرعة التي كانت بها أمها رفقة الجندي، رغم أن الأمر يجر عليها مجموعة من الويلات.
وعن عدم مغادرتها لها تقول إنها تعلن تحدي تغيير الصورة النمطية، لأنها امرأة عفيفة رغم قذارة الماضي، وتمكنت من تكوين أسرة رفقة زوج يعينها على تخطي ثقل المعاناة.
أحبته “حد التعب”
“همة” امرأة مسنة، تبلغ 98 سنة و تقطن لوحدها بإحدى المناطق المجاورة لمدينة الرباط، لم تسلم هي الأخرى من يد المستعمر، تحكي لـ DW عربية التي زارتها في كوخها الصغير، أنها كانت تشتغل كخادمة في بيت أحد المزارعين الفرنسيين المستعمرين بالمغرب، وكان متزوجاً من امرأة فرنسية غير أنه أقام معها علاقة دامت لسنوات في الخفاء.
وأنتجت هذه العلاقة طفلاً هو اليوم أب ل5 أبناء، لكن مباشرة بعد إنجابها للطفل أصبحت محط مجموعة من المضايقات والتهديدات بعد هجرة خليلها، وتحكي أنها في إحدى الأيام تعرضت للضرب المبرح والتهديد من قبل زوجته ومجموعة من الرجال الذين يشتغلون في المزرعة ذاتها، وبكلمات مشحونة بالألم والحزن، تقول: “سقطت ضحية قصة حب واهية، حيكت تفاصيلها بدقة متناهية، لأجد نفسي أماً عازبة، تحمل من العار ما يكفيها إلى أرذل العمر، ورغم كل ما حدث ليّ فقد أحببته حد التعب”.