قدم ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي، يوم الجمعة، عرضا حول آخر مستجدات مفاوضات الإتفاقية الأخيرة للصيد البحري، المبرمة بين المغرب والإتحاد الأوروبي، وذلك أمام لجنة الخارجية والحدود والدفاع الوطني والمناطق المغربية المحتلة.
وتطرق الوزير خلال هذا الاجتماع، إلى محاور هذه الإتفاقية بدءا بجولة المفاوضات من أجل ابرام اتفاق جديد، حيث أفاد بوريطة أنه “في 8 يناير2018، قدمت المفوضية الأوروبية توصية لمجلس الإتحاد الأوروبي للسماح بمباشرة المفاوضات مع المغرب لإبرام بروتوكول جديد للصيد”، مضيفا أنه “في 19 فبراير 2018، أعطى المجلس الأوروبي الضوء الأخضر لإنطلاق هذه المفاوضات”.
وأبرز أنه في 27 من الشهر نفسه، “أصدرت المحكمة حكمها بخصوص عدم تضمين اتفاقيات الصيد بين المغرب والإتحاد الأوروبي للأقاليم الجنوبية، وذلك على خلفية قضية كانت قد وضعتها الجمعية البريطانية المناصرة للبوليساريو “Western Sahara Resource Watch”، أمام المحكمة العليا في لندن”.
وأردف أن المغرب حينها “اعتبر القرار، وإن لم يأت بجديد بالنظر لما جاء به القرار السابق بخصوص الإتفاق الفلاحي، جنوحا للمدعي العام وتطرف مواقفه، حيث كان قد خلص إلى انعدام الصلاحية القانونية لكل النصوص التي ترتب عنها إبرام اتفاقية الصيد مع المغرب، والبروتوكولات التي جاءت إثرها، وطالب بإلغائها”.
وأضاف بوريطة أمام اللجنة، أنه “ورغم ذلك فقد عبر المغرب على أهمية مواصلة التعاون مع الشريك الأوروبي مع الحفاظ على توابث المملكة، وذلك بالتأكيد على عدم قبول أي اتفاق لا يتضمن أقاليمه الجنوبية، كما اعتبر أن قرار المحكمة يشكل امتحانا لمدى صلابة الشراكة التي تجمعه والإتحاد الأوروبي”، مؤكدا حينها لمجلس الإتحاد “أن مستقبل المغرب والإتحاد مقبل على مرحلة حاسمة في علاقتهما الثنائية، إما أن تنتهي بتقوية شراكتهما وتحصينها، وإما أن تؤشر لطي صفحة أمضيا أكثر من 50 سنة في كتابتها”.
وأكد الوزير، أنه “من خلال موقف المغرب الصلب وتشبته بأقاليمه الجنوبية، جعل المفوضية الأوروبية تقوم بتقديم مقترح جديد، وذلك في 21 مارس 2018، للمجلس للسماح لها بفتح المفاوضات مع المغرب لتعديل اتفاقية الشراكة الحالية بين الإتحاد الأوروبي والمغرب في قطاع الصيد وتجديد بروتوكول الصيد”.
واستعرض خلال الجلسة، أهم مبادئ هذا التعديل الجديد التي كرسها مقترح التفويض الجديد. أولها، احترام الصيد المستدام والمسؤول في إطار احترام القانون الدولي ووجود منفعة متبادلة. وثانيها، تغطية الإتفاق الجديد للمياه المتاخمة للصحراء. وثالثها، تعزيز الحوار مع المغرب بشأن التوزيع الجغرافي للدعم القطاعي والفوائد الإجتماعية والإقتصادية للإتفاقية والبروتوكول، وذلك من أجل ضمان استفادة الساكنة المحلية، لاسيما من حيث البنية التحتية وخلق المقاولات والتدريب المهني و تحديت قطاع الصيد، مع مراعاة مبادئ وتوجهات السياسة الأوروبية المشتركة الجديدة للصيد ل 2013 و التعديلات التي جاءت في اتفاقية لشبونة لعام 2009.
وذكر بوريطة أنه بتاريخ24 /07/2018، “وبعد ست جولات من المفاوضات، توصل الطرفان إلى اتفاق تم بموجبه التوقيع بالأحرف الأولى، على اتفاقية الصيد المعدلة وبروتوكول تطبيقي جديد، مستدام ومتكافئ، وفي مصلحة الطرفين، في إطار احترام استدامة الثروات البحرية وتكريس المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وكذا على تبادل الرسائل المصاحب لهما”.
وتسمح الإتفاقية المعدلة والبروتوكول ل128 باخرة بالصيد لمدة 4 سنوات في المياه الأطلسية، المتاخمة للمغرب والممتدة من رأس سبارطيل إلى الرأس الأبيض، بما فيها المياه المتاخمة لأقاليمنا الجنوبية، الشيء الذي مكن من ادراج الأقاليم الجنوبية ضمن بنود الإتفاق، مع الحفاظ على تجدد الموارد السمكية في الواجهة المتوسطية للمغرب، حيث يغطي البروتوكول ساحل المحيط الأطلسي حصريًا. ومن ناحية أخرى يحتوى الإتفاق رسائل للأبعاد السياسية والدبلوماسية، في دعم المسار الأممي لحل قضية الصحراء.
ويغطي البروتوكول الجديد ست فئات من المصايد، حيث تُمنح أكبر الحصص للصيد السطحي الصغير لبعض الأسماك الصغيرة كالسردين والماكرو، وذلك حسب وضعية المخزون السمكي المتاح. كما يتيح تثمين منتوجات الصيد وتحسين أوضاع البحارة والمساهمة في التنيمة الإقتصادية والإجتماعية للساكنة، ما سيؤدي إلى رفع نسبة العمالة المغربية على متن السفن الأوروبية.
واعتبر وزير الخارجية، أن “ابرام هذا الاتفاق، بعد مفاوضات صعبة، يعد انتصارا جديدا للمغرب على أعداء وحدته الترابية، من خلال استمرار استفادة أقاليمنا الجنوبية من مقتضيات اتفاق الصيد البحري وتعزيز الشراكة بين المغرب والإتحاد الأوروبي من خلال الحفاظ وتحصين الإتفاقيات التي تربط الجانبين”.
كما أشار إلى صرامة المفاوض المغربي في مواجهة المحاولات الساعية للتشويش على الشراكة التي تربط المغرب بشركائه الأوروبيين، التي أدت إلى تكريس المغرب كمفاوض وحيد من جهة، وعزل البوليساريو من جهة أخرى. لافتا إلى أن “هذا الإنجاز لا يجب أن يمنعنا من توخي الحذر في المستقبل تجاه تحركات وعناد أعداء وحدتنا الترابية، الذين لن يدخروا أي جهد من أجل محاولة التشويش وعرقلة هذا الإنجاز”.