جمال الخنوسي – مراكش
يبدأ فيلم “لاس نينياس بيان” أو الفتيات الطيبات” برسم معالم حياة البذخ والثراء التي تعيشها بطلة الفيلم. نحن في مكسيك سنة 1982، حيث تعيش صوفيا كملكة بين صديقاتها المنتميات للطبقة البورجوازية، مال وبيزنس وثرثرة نسائية.
تركز المخرجة على أدق تفاصيل الرفاه بشكل عميق كي يكون السقوط المدوي للشخصية واضحا وقويا. فعندما ضربت الأزمة الاقتصادية المكسيك، عانت صوفيا كثيرا في محاولاتها الحفاظ على مستوى العيش نفسه. ورغم تشبثها بأنفتها، فإنها فشلت في الحفاظ على شلتها المكونة من صديقات سطحيات ووصوليات.
وبرهنت المخرجة أليخاندرا ماركيز أبيلا على تمكنها الجيد من ادواتها الاخراجية، بل ان الفيلم تمرين اخراجي رائع، إلا أن العمل الذي يمتد على مدى 94 دقيقة تشوبه بعض لحظات الوهن والتخبط وكان من الممكم حذف العديد من المشاهد دون أن يؤثر ذلك في شيء من قيمة الفيلم.
وتكمن صعوبة الفيلم في دقة التوازن بين التعاطف مع شخصيات على حافة الافلاس، على صورة بلد يتهدده انهيار محدق، ومجتمع مخملي يرفض التخلي عن امتيازاته البورجوازية والتافهة. لهذا صرحت بطلة الفيلم إيسلي سالاص لوسائل الاعلام بالقول : “من الصعب أن تحب صوفيا، ولكن من المستحيل ألا تحبها وأنت تشهد انهيار عالمها المبني على الدلالات الجوفاء”.
ويعد las ninas bien ثاني فيلم طويل للمخرجة بعد Semana Santa ‘سيمانا سانتا’ (2015) حيث أبانت فيه عن دقة كبيرة واهتمام بالتفاصيل وتأثيث الصورة خدمة لغايات الفيلم الذي يصور لحظة انهيار.
وفي نهاية الفيلم المقتبس من رواية للكاتبة المكسيكية ماريا غوادلوبي لويسا، ستصعد بورجوازية جديدة متسلقة بلا نخوة بدل البورجوازية الاصيلة التي ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب، وستتعلم البطلة معنى “اقتسام الحلوى” وتتأقلم مع “الوضع الجديد” الذي يتطلب منها الكثير من التنازلات. ويبقى حلمها بلقاء النجم الاسباني خوليو ايغليسياس، هو الامل الاسمى في حياتها لأنه يذكرها دائما بحقيقتها المرة : لقد عاشت حياة مسرعة تافهة بينما السعادة في أن تحيا التفاصيل الصغيرة.