تنعقد الدورة الحادية عشرة من المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية في مراكش، هذا الأسبوع، في وقت يشهد المغرب أكبر موجة للهجرة الغير شرعية منذ عشرات السنين، حسب الاحصائيات التي أقرتها صحيفة “الباييس ” الاسبانية، بالاضافة الى ارتفاع نسبة الهجرة وطلب اللجوء على المستوى العالمي حسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة ، وهو ما جعل العديد من الدول تستغلها كورقة مساومة وضغط على بعض الدول المستقبلة للمهاجرين.
وتأتي هذه الدورة التي يستضيفها المغرب، في وقت أصبحــت الهجــرة موضوعا يشكل حساســية في البلــدان التــي تعرف العديد من المشاكل، خاصة فيما يتعلق بتوفير فرص للشغل والاندماج، مما يسفر على تعريض العديد من المهاجرين حياتهم للخطر، سواء عن طريق البحر أو الصحراء في محاولة منهم للبحث عن حياة أفضل وعيش كريم، تحترم فيه حقوق الانسان كاملة.
ليس هذا فقط، بل من بين الأسباب الأكثر التي وقفت عليها تقارير حقوق الانسان الدولية و منظمة الأمم المتحدة، استمرار الفقـر المدقـع وعـدم المساواة بين الجنسـين بالاضافة الى الكوارث الطبيعية التي أصابت العديد من المناطق العالمية،فكانت سببا عجل بالبحث عن الهجرة من طرف العديد من الأشخاص في أقرب فرصة، خاصة داخل القارة الأسيوية وامريكا الجنوبية، وهو مازاد من عدد المهاجرين والنازحين.
ولهذه الأسباب وغيرها من الأسباب الأخرى، كان من الضروري أن تعتني العديد من الحكومـات في جميـع أنحـاء العالم بهذه المعضلة، لتحقيـق مجموعة من القفزات الايجابية والنوعية في مجال الهجرة، عبر سن قوانين تؤطر نظام الهجرة بين الدول، بالاضافة الى اعتمادها على شراكات دولية تكون سانحة لضمان هجرة مفيدة للكل، ومن بين هذه الشراكات العالمية هناك الرئاسـة المشـتركة للمنتـدى العالمـي حـول الهجـرة والتنميـة بين ألمانيـا والمغـرب وهو ما اعتبرته الأمم المتحدة مقاربة جد ايجابية.
فقد اعتبرت الورقة التأطيرية للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية الصادرة عن المنظمين لهذا الحدث، والمنظوية تحت منظمة الأمم المتحدة، أن هذه الرئاسة المشتركة بين المغرب وألمانيا لها ثلاث نقاط مهمة وفريدة، متمثلة أولاً في طبيعة هذه الرئاسة إذ “تضع شركاء الشمال والجنوب على قدم المساواة في تدبير النقاشات حول الانشغالات المشتركة المتعلقة بالهجرة.” وثانياً، اعتبر المنظمون أن كل من المغرب وألمانيا قاما “بوضع أهداف واضحة ومركزة للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية على مدى عامين (وهي الفترة التي تتزامن مع إعداد الميثاق العالمي للهجرة والتنفيذ السريع للجوانب المتعلقة بالهجرة في أهداف التنمية المستدامة) “. وثالثاً فقد أعطت الحكومتان المثال للعديد من الدول وذلك عبر “تطبيق سياسات استشرافية للهجرة على مستوى بلديهما”.
المنتدى العالمي الحادي عشر للهجرة والتنمية بمراكش، سيكون كامتداد للمؤتمر السابق الذي احتضنته ألمانيا ببرلين، وحسب الورقة التأطيرية للمنتدى التي توصل موقع “احاطة.ما”بنسخة منها فسيكون الموضوع العام للمنتدى ككل هو : “الوفاء بالالتزامات الدولية لتحرير طاقات جميع المهاجرين لأجل التنمية” بعدما كان موضوع منتدى الدورة العاشرة “نحو عقد اجتماعي عالمي حول الهجرة والتنمية”
وستتم مناقاشة الاطار العام للموضوع عبر ثلاثة محاور رئيسة، ستدرج عبرها تلقائيا الأسئلة المرتبطة بحقوق الإنسان ومقاربة النوع والمقاربات الحكومية، مع ضمان المشاركة المجتمعية ككل، وذلك من خلال ست موائد مستديرة، اذ سيخصص لكل محور مائدتين مستديرتين، وذلك للاستفاضة في الموضوع مع الخروج بتوصيات ونتائج مع طرح أسئلة توجيهية في كل مائدة مستديرة.
المحور الأول سيناقش موضوع “من الهشاشة الى القدرة على التكيف الاعتراف بدور المهاجرين نساء ورجالا كفاعلين في التنمية” بينما سيناقش المحور الثاني موضوع “تشجيع التنقل داخل الجهات من أجل تعزيز نقل الخبرات وتناسق السياسات” في حين سيناقش الموضوع الثالث “وضع حكامة جيدة للهجرة من أحل تنمية مستدامة”.
وتطمح الرئاسة المشتركة بين المغرب وألمانيا “أن تقترح على الحكومات التفكير في مساهمة المنتدى العالمي في خلق الحوار العالمي حول الهجرة والتنمية مع تنفيذ السياسات عبر استعراض نتائج عشر سنوات وعبرفهم الروابط بينها وبين السياسات الوطنية والجهوية والمحلية.
وسيصبح الميثاق العالمي للهجرة في المراحل النهائية قبل اعتماده، خاصة بعد عدد من المشاورات الوطنية والإقليمية والدولية بشأن هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة، وبذلك تم تدشين مرحلة مهمة نحو إرساء “عقد اجتماعي عالمي”.
وبهذا سيكون المنتدى العالمي للهجرة والتنمية المنظم بمراكش، من طرف الأمم المتحدة، بمثابة الخطوة الأولى والرئيسة، اذ من خلاله ستصير سنة 2019 حاسمة بالنسبة للحكومات المشاركة في المنتدى، بالاضافة الى جميع الجهات الفاعلة على المستويات المحلية والوطنية والدولية، للبدء في تنفيذ “العقد الاجتماعي العالمي”.