“الثلج الأحمر”.. ماض يلقي بظلاله الغامضة على حاضر سيكشف جريمة قتل بشعة

وسط أجواء مناخية قارسة وغموض رهيب يثير فضول المشاهد، تدور أحداث الفيلم الياباني “الثلج الأحمر” للمخرجة اليابانية ساياكا كاي، حيث تبدأ رحلة عبر الذاكرة للكشف عن سر اختفاء طفل صغير.

قبل ثلاثين عاما، اختفى الطفل “كاتومي” في ظروف غامضة داخل مشهد يسير فيه على ثلج ملون بالدماء، ويحاول شاب صحفي تقليب دفاتر الماضي ليعيد إثارة القضية التي تم إغلاقها منذ فترة طويلة، والتي اختفت مع الطفل، بعد تحقيق صوري بر أ المرأة التي لزمت الصمت وكانت مشاركة في تفاصيل الجريمة.

يبدأ الصحفي “كوداشي” رحلته نحو كشف الحقيقة، حيث تعترض طريقه ذكريات سيئة ومخيبة، وصمت عنيد وأكاذيب محبوكة، فتشتعل المشاعر الخفية وتتصاعد موجة العنف جراء صراع الأحداث المتزاحمة والمعاناة النفسية لشخصيات الفيلم.

من خلال لقائه مع مفتش شرطة سابق، استطاع “كوداشي” من خلال مذكرات قديمة سلمها إليه أن يصل إلى أول خيط في فك لغز اختفاء الطفل، حيث سيقابل الأخ الأكبر للطفل “كاتومي”، وابنة الشاهدة “سايوري”، محاولا إقناعهما بالتعاون معه.

بعد ذلك تأخذ المخرجة ساياكا كاي المشاهد في رحلة عبر ذاكرة أخ الطفل الذي كان يلعب معه يوم اختفائه والشاهدة “سايوري”، اللذين يعيشان صدمة ليلة اختفاء الطفل، حيث تلاحقهما الكوابيس الليلية، وصوت ضميرهما القاتل، وشعور بالذنب لا يفارقهما.

تعيش”سايوري” مع عشيقها العجوز الذي يعرضها لجميع أنواع التعذيب الجسدي، كما كانت تفعل معها أمها خلال طفولتها القاسية، حيث تحاول المخرجة تسليط الضوء على الحالة النفسية والجسدية لشابة تعيش دون روح مع ثقل معرفتها لحقيقة جريمة لم تستطع الإفصاح عنها، وجسد متآكل من أثر التعذيب. بعد محاولات متكررة للصحفي في إقناع “سايوري” بقول الحقيقة ورفضها لذلك كل مرة، يضطر للبحث عن أخ الطفل الذي يعمل في صباغة الأواني الخشبية، والذي سيقرر التعاون معه لإقناع الشاهدة والبحث عن الحلقة المفقودة تلك الليلة.

وفي سبيل ذلك سي قتل الصحفي “كوداشي” على يد عشيق الفتاة الذي ليس من مصلحته الكشف عن الماضي الأليم المشارك في كواليسه، لتسلط بعدها المخرجة الضوء على أخ الطفل الذي سيكمل الرحلة التي بدأها الشاب الصحفي، حيث سيعلم من الفتاة أن أخاه قتل وبعدها أحرقت جثته لإخفاء الأدلة بمشاركة والدتها التي كانت تستقطب الأطفال الصغار وتتاجر بأحلامهم وأحلام عائلاتهم.

في فيلم “الثلج الأحمر” تستخدم المخرجة ساياكا كاي أسلوبا أنيقا ومذهلا في الصورة والصوت لرسم عالم يلقي بظلاله الغامضة على حاضر استطاع كشف حقيقة قتل طفل صغير، كما أبدعت المخرجة اليابانية في تصوير النهاية من خلال امتطاء أخ “كاتومي” و الفتاة “سايوري” لنفس القارب الصغير داخل عرض البحر باعتبارهما يتقاسمان نفس الماضي الطفولي القاسي ونفس المصير المجهول.

عملت ساياكا كاي مخرجة مساعدة في فيلمين قصيرين “بوردن لاين” سنة 2000 و”ويبليت” سنة 2001، شاركا في عدة مهرجانات منها مهرجان سانتا في للأفلام القصيرة، ومهرجان أوبرهاوزن الدولي للأفلام القصيرة، ومهرجان روتردام الدولي للفيلم، وتشكل أعمالها كمخرجة فردية الفيلم المتوج “ذ كورس أوف ذي أونداين”، وفيلمها الطويل الأول “الثلج الأحمر”.

ويتنافس الفيلم الياباني “الثلج الأحمر”، في أول عرض عالمي له بقصر المؤتمرات بمراكش، على جائزة النجمة الذهبية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته ال17.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة