اختار الناقد المغربي سعيد يقطين جريدة “القدس العربي” للرد على لحسن الداودي وزير التعليم العالي الذي أهان خريجي كليات الآداب والحقوق وقال عنهم أن مصيرهم هو البطالة، وذلك بنشر مقال حول هذا الموضوع بعنوان “ليس دفاعا عن الآدابيين”.
اذ استهل الأستاذ الجامعي سعيد يقطين مقاله وكأنه يذكر الوزير الداودي بحقيقة مشكلة البطالة بالمغرب، أن “مشكل الشغل في المغرب ليس مشكلا لغويا ولا أدبيا، ولكنه مشكل سياسي، كما أن مشكل التعليم في المغرب، ليس مشكل الشغل من عدمه إذ لا يمكن عزل مشكل الشغل في المغرب عن مختلف المشاكل التي يتخبط فيها منذ الاستقلال إلى الآن”.
وفي رد صريح على الداودي قال يقطين “ليست عندنا فقط بطالة حملة الشهادات، من كليات الآداب، بل عندنا كل أنواع البطالات، ومن كل الكليات العامة والمدارس الخاصة… لكن اعتبار «الأدبيين» خطرا، وادعاء أن الشعب الأدبية لا أهمية ولا قيمة لها، والمعول عليه هو الباكالوريا المهنية أو العلمية، لحل مشكل علاقة التعليم، عموما، والجامعة، بصورة خاصة، بالشغل، فليس سوى تهويم وهروب إلى الأمام. ”
وأوضح الناقد المغربي في نفس المقال، أن التمييز بين «الأدبي» و»العلمي» و»التقني» و»المهني» ليس وليد اليوم، “إذ نجده يمتد إلى فجر الاستقلال. ولا أنسى، أبدا، النظرة التحقيرية التي كانت توجه إلى «الأدبيين» في السبعينيات، كانوا يعتبرون عالة على التعليم المغربي”.
وتساءل يقطين، في هذا الصدد، عن ماهية مبررات هذا التمييز التاريخي الذي يتكرر اليوم بالصيغة نفسها، وهل المشكل في الأدب، وكلية الآداب، أم في المنظومة التعليمية والسياسية ككل؟ مذكرا، في هذا السياق، أن أقسام اللغة العربية وآدابها موجودة في الكليات العريقة في العالم أجمع، وفي هذا خير دليل أن العربية وآدابها ذات بعد تاريخي وإنساني، هذا أولا.
وثانيا: إن كليات الآداب والعلوم الإنسانية هي كليات السيادة الوطنية، بمعنى أنها الكليات التي تتصل بواقع المجتمع وقضاياه الاجتماعية والتاريخية والثقافية.
وأبرز الأكاديمي يقطين أن الدور الذي لعبته كلية الآداب في المغرب أكبر مما تقوم به إلى اليوم كل الكليات العلمية والتقنية والمدارس والمعاهد النخبوية والخاصة. بحيث يقول في مقاله “فهي مصدر الوجود الثقافي والفكري المغربي، وهي التي بواسطتها صار للمغرب وجود على المستوى العربي والدولي.
ويكفي أن نذكر محمد بنشريفة، وعباس الجراري، وعبد الله العروي، ومحمد عابد الجابري، والخطيبي ،وطه عبد الرحمن، وعبد القادر الفاسي الفهري، وجرمان عياش، واللائحة طويلة، وفي كل التخصصات، من الدراسة اللغوية إلى الأدبية، مرورا بالتاريخ والجغرافيا والفلسفة والمنطق، والعلوم الإنسانية، والدراسات الإسلامية. وهؤلاء الرواد لهم امتداد حتى الساعة في كل التخصصات، ويكفي أن نذكر أن كلية الآداب في الرباط أول ناشر في المغرب، وأن أجيال الباحثين المغاربة من الشباب، الآن، رغم الظروف والإكراهات، يفرضون وجودهم داخل المغرب وخارجه.