تنظيم مصر كأس إفريقيا لعام 2019، خبر يتزامن مع استمرار تألق محمد صلاح، ما يعطي للقاهرة فرصاً كبيرة لأجل الاستفادة، لكن كيف سيتم ذلك؟ هل هي استفادة اقتصادية في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الاقتصاد أم سياسية بالأساس؟
بعيداً عن حسابات السياسة وصعوبات الحياة اليومية، شكّل الثلاثاء الـ8 من يناير 2019 يوماً سعيداً للمصريين، خاصة منهم من يتابعون كرة القدم، فمصر نالت مجدداً شرف تنظيم كأس إفريقيا، وهو حدث يمنح منتخب الفراعنة الحظوظ الأكبر للتتويج باللقب، إذ فازوا به ثلاث مرات من أصل أربع نظمت فيها مصر البطولة. بينما في الجهة المقابلة، أضاف محمد صلاح إنجازاً جديداً إلى مسيرته بتتويجه أفضل لاعب في إفريقيا للعام الثاني توالياً.
ولم يكن المصريون يعوّلون على تنظيم الكأس الإفريقية لهذا العام، إلّا أن سحب الاتحاد الإفريقي للتنظيم من الكاميرون بسبب التأخر في تطوير البنى التحتية وكذا بسبب المشاكل الأمنية، فتح المجال أمام كل من مصر وجنوب إفريقيا للمراهنة على التنظيم، لتفوز الأولى بفارق واسع وصل إلى 17 صوتاً.
هل ستستفيد مصر مالياً من هذا التنظيم؟
تحمل آخر بيانات البنك الدولي تأكيدات بتراجع نسبة التضخم ونمو الناتج المحلي الإجمالي في المصر، لكن ذلك لا ينفي أن البلد عانى في السنوات الأخيرة من صعوبات اقتصادية كثيرة، وكمثال على ذلك يصل عدد المصريين تحت خط الفقر، حسب تقديرات منسوبة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى 30.2 بالمئة، بينما تصل نسبة البطالة، حسب الأرقام الرسمية، إلى قرابة 12 بالمئة. وفيما تحمل بعض التقارير الدولية أرقاماً أكثر سوداوية، تصف الحكومة المصرية الصعوبات الاقتصادية بـ”منعطف تتعدد فيه التحديات”.
من هنا يطرح السؤال حول مدى الاستفادة الممكنة من تنظيم كأس إفريقيا. رئيس القسم الرياضي في جريدة الشروق المصرية، شريف عبد القادر، يرى في حديث لـDW عربية، أن التنظيم “سينعش مصر سياحياً واقتصادياً”، موضحاً أن البطولة “ستعود بالنفع على البنى التحتية، إذ سيتم تجديد الملاعب وعدد من المنشآت الحيوية”، فضلاً عن “تحقيق عائدات مالية كبيرة من خلال البث والإعلانات وبيع التذاكر”، مبرزاً أن مصر حققت مداخيل كبيرة لمّا نظمت البطولة عام 2006، وأن اختيار مصر منظمة للبطولة يؤكد استعداد هذه الأخيرة لحدث من هذا الحجم.
مبروك لمصر تنظيم كأس الأمم الأفريقية ٢٠١٩ .قبلة الحياة تعود للكرة المصرية أتمني أن نحسن الاستفادة منها على كافة المستويات ، المنظومة تحتاج تكاتف الجميع لتقديم صورة تليق بعظمة بلدنا مصر ،كل الأمنيات الطيبة لتقديم بطولة مبُهرة للجميع
— محمد أبوتريكة (@trikaofficial) 8 janvier 2019
في الجهة المقابلة، يقول علاء صادق إن مصر ستدفع مبلغاً كبيراً جداً، أكثر ممّا ينبغي، مقابل هذا التنظيم، متحدثا لـDW عربية عن أن الدولة لن تجني أكثر ممّا ستنفقه على البطولة، وستكون خاسرة بحسابات الربح المادي. ويستدل صادق على كلامه بالقول إن جنوب إفريقيا اشترطت من الاتحاد الإفريقي الحصول على 40 بالمئة من الحصة المخصصة للدول المستضيفة من الإيرادات المالية بدل 20 بالمئة، وبرّرت ذلك أن المدة المتبقية لتنظيم النهائيات غير كافية لتوفير المال اللازم، وهو ما جعل هذا الأخير يتجه إلى مصر التي لم تضع مثل هذا الشرط.
تحديات بالجملة
عانت مصر من هجمات إرهابية متكررة خلال السنوات الماضية راح ضحيتها عشرات المدنيين. كما تأثر الدوري المحلّي سلباً بإقامة المباريات دون جمهور أو بأعداد جد قليلة بعد مأساة مباراة الأهلي والنادي المصري عام 2012، قبل أن يعلن في الأشهر استئناف عودة الجمهور لمباريات الدوري. وفي هذا السياق يرى شريف عبد القادر أن تنظيم الكأس سيكون له أثر كبير على تشجيع عودة الجماهير إلى الميادين.
من ٢٠٠٦ إلى ٢٠١٩ حدثت متغيرات كثيره فى مصر وفى كرة القدم بوجه خاص
كان الجمهور هو السبب الرئيسي لنجاح التنظيم فى ٢٠٠٦
وعلى المسؤلين بذل كل الجهد لعودة هذا الجمهور للمدرجات
بالجماهير ستنجح البطوله
بالتوفيق لمصر فى تتظيم #كأس_أمم_أفريقيا_2019— Ahmed Abdou (@AAbdou27) 8 janvier 2019
كما يستبعد علاء صادق تماماً وقوع عمليات إرهابية أو حوادث خطيرة إبّان كأس إفريقيا، مشيراً إلى قوات الأمن والجيش المصريين، قادرة على تأمين حضور الجمهور للمباريات، نظرا لتوفرها على أعداد كبيرة من المنتسبين. ويرى صادق أن التحدي لن يكون مطروحا حتى بالنسبة لمباريات المنتخب المصري، فيما ستكون المهمة أسهل بالنسبة للمبايات الأخرى.
ومن التحديات الأخرى التي تواجه مصر، هي ضرورة الإسراع بتأهيل البنى التحتية وتجديدها حتى تكون مستعدة لاستقبال الجماهير، وما يزيد من قوة هذا التحدي، أن البطولة ستشهد للمرة الأولى مشاركة 24 منتخبا بدل 16، فضلاً عن أنها ستكون أوّل بطولة إفريقية تقام في فصل الصيف، وما يتيحه ذلك من حضور جماهيري، أكثر من الدورات التي كانت تقام في فصل الشتاء.
هدية للسيسي لتحسين السمعة؟
تتصاعد انتقادات المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان للدولة المصرية، ويعدّ هذا الوضع الحقوقي أحد معالم الخلاف بين مصر من جهة والكثير من الدول الغربية من جهة أخرى، حتى وإن بقي هذا الخلاف على استحياء مقابل ما تدره مصالح الطرفين عليهما معاً. من هذا المنطلق، يقول علاء صادق إن الهدف وراء التنظيم سياسي بالأساس، وهو تحسين صورة مصر أمام العالم، وتغيير الصورة المعروفة حاليا، أي “صورة مصر القمع، مصر غياب الأمن”.
مصر تنظم كأس أفريقيا للمرة الخامسة.. ما الجديد
نظمها عبد الناصر والسادات ومبارك مرتين
ماذا عاد علي مصر البلد او الشعب
في ٢٠٠٦ احتفل مبارك وسوزان
بالبطولة والآلاف في المقابر
لدفن ضحايا العبارة السلام
لا تفرحوا بحدث لا يفيدكم
عودة تريكه لمصر
اعظم من ١٠٠
كأس امم— Dr. Alaa Sadek (@DrAlaaSadek) 8 janvier 2019
ويقول صادق إن النظام في مصر “يجيد استغلال الرياضة لصالحه وتحقيق أهدافه”، والمسؤولون حالياً عن البلد سيكونون المستفيدين الأكبر من هذه البطولة، لأنهم “يعرفون جيدا كيف يسوّقون الرياضة لصالحهم”. ويعطي صادق المثال بتأهل المنتخب المصري إلى نهائيات كأس العالم 2018 وما نتج عن ذلك من استغلال سياسي، تكرّر كذلك في إنجازات محمد صلاح.
بيدَ أنه في الجانب الآخر، يرى شريف عبد القادر أن مصر تستفيد في كل المجالات، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، من التظاهرات والإنجازات الرياضية، فـ”تأهل مصر لكأس العالم لم يحدث منذ 28 سنة، والأكيد أن الحكومة ستستفيد منه لتوطيد العلاقات مع دول أخرى وخلق معاملات اقتصادية واجتماعية”.
ويتابع المتحدث أنه في بلد نامٍ كمصر، يبقى من حق الحكومة الاستفادة من أيّ حدث أو إنجاز رياضي سيضع مصر على الخارطة العالمية، معطياً المثال بترويج محمد صلاح لاسم مصر في المحافل الدولية، وما يحققه ذلك من مكاسب كبيرة للبلاد، تظهر في انتعاش السياحة وخلق فرص العمل وتسليط الأضواء على مصر.