الاعتداء الإرهابي في نيوزيلندا ـ آثار تقود إلى البلقان؟

رسم الإرهابي اليميني المشتبه بارتكابه الاعتداء المزدوج على مسجدين في كريست تشيرش بنيوزيلاندا أسماء بالأبجدية الكيريلية على سلاحه، وهو تعبير عن إيديولوجية تؤشر على ارتباطه بمنطقة البلقان. فما مدى تأثره بهذه الإيديولوجيا؟

في الوقت الذي حمل فيه الإرهابي الأسترالي برينتون تارنت عملية الاعتداء التي ارتكبها على فيسبوك، ترك المشتبه به آثارا امتدت إلى البلقان. فالبث المباشر للاعتداء الإرهابي المزدوج صاحبته أغنية حربية لصرب البوسنة الذين شنوا في التسعينات حربا ضد جيش البوسنة والهرسك المكون غالبيته من المسلمين.

وأغنية “كرادزيتش قُد رجالك الصرب” تمجد قائد صرب البوسنة السابق رادوفان كرادزيدش الذي حكمت عليه محكمة جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة في 2016 بأربعين عاما سجنا. كما حُكم على كرادزيدش بمشاركته في مذبحة سريبرنيتسا التي قُتل فيها في يوليو 1995 أكثر من 8000 مسلم.

سائح يبحث عن إلهام إرهابي

الأغنية الحربية دُونت في 1993 من طرف زليكو غموزا، وهدفها الرفع من معنويات الوحدات الصربية. “مروع ما فعله هذا الرجل في نيوزيلاندا. بالطبع أنا أشجب هذا الفعل، ويؤسفني هذا العدد من الناس الأبرياء”، كما نقلت الصحيفة الصربية “كورير” عن الموسيقي الموهوب. زليكو غموزا يعيش اليوم في كرواتيا ويخشى الآن على حياته. وكانت تلك الأغنية ستدخل عالم النسيان لولا أن مجهولين قاموا قبل أكثر من عشر سنوات بإنتاجها بصيغ جديدة في شكل فيديو ووضعوها في الإنترنت.

وهذه الفيديوهات المعادية للمسلمين تم النقر عليها بملايين المرات وكتابة تعليقات عنصرية عليها. وبعد الاعتداء نأى صاحب حساب يوتوب ناجح بنفسه عن الاستخدام الذي شهده الفيديو من طرف الإرهابي الأسترالي وكتب تحت الفيديو بأنه يتضامن مع ضحايا كريست تشيرش.

أسفار عبر البلقان

الإرهابي برينتون تارنت سافر عدة مرات إلى البلقان قبل تنفيذ الاعتداء. وفي 2018 زار أماكن تاريخية كسائح في بلغاريا. ثم سافر، حسب معلومات النيابة العامة البلغارية إلى رومانيا والمجر. وقبلها بسنتين زار صربيا والبوسنة والهرسك وكرواتيا.

فهل كان يبحث حينها عن مجموعات نازية تقليدية، وإذا كان الأمر كذلك فإنه كان في المكان الخاطئ في صربيا. فبسبب العداء التاريخي للدكتاتورية النازية ودولة الأوستاشا الكرواتية المرتبطة بهتلر، يرفض الصرب الذين يميلون إلى الفكر اليميني القومي في غالبيتهم هذه الايدلوجية. فالتعصب الوطني الصربي المتطرف معروف عنه أنه معاد للغرب ومتعاطف مع الروس.

إيديولوجية مشتركة

ومن الممكن أيضا أن تكون حرب التحرير لشعوب البلقان ضد الأتراك قد ألهمت الإرهابي تارنت. فحسب اعتقاده يوجد ربما ارتباط بينه والأمير الصربي لازار الذي سقط في القرن الرابع عشر في ساحة القتال ضد العثمانيين إضافة إلى “مدافعين آخرين عن المناطق المسيحية”.

والظروف الغريبة للاعتداء وأسماء المقاتلين التاريخيين المكتوبة بالكيليرية على سلاحه ضد الغزاة العثمانيين هي علامة توحي بإيديولوجية مشتركة تنتقي ما يحلو لها. فهي أقل ما تكون مؤشر على وجود ارتباط إرهابي مع البلقان أو شبكة من المساعدين هناك. وعلى غرار أسفاره إلى البلقان قد يكون الإرهابي تارنت قد تأثر بالبيان اليميني المتطرف للقاتل النرويجي واليميني المتطرف، بيرينغ برايفيك.

ويبدو أن هناك ترابط بين العالم الفكري للقاتل تارنت وبين فكر برايفيك. فحتى هذا الأخير مجًد عسكريين صرب برهنوا على “عقلية حروب صليبية” في حرب كوسوفو. والنموذج الذي يحتذي به كان عنصر الفيلق الأجنبي الصربي ميلوراد أولميك لخييا الذي خلف أثرا دمويا في حروب يوغوسلافيا. وحُكم على لخييا كمدبر الاعتداء على رئيس الوزراء الصربي زوران دجينجيتش في 2003 بأربعين عاما سجنا.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة