دقت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، ناقوس الخطر بشأن مصير المؤسسات الاستشفائية التابعة للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط، باعتباره غارقاً في براثين الفساد الإداري وضعف الحكامة وتدهور الخدمات الصحية وإلغاء المجانية وفرض الأداء على الفقراء، وذلك على هامش اجتماع المجلس الإداري للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط يوم (الخميس) 21مارس 2019، تحت رئاسة وزير الصحة.
وقالت الشبكة المغربية، إن الخدمات الطبية المقدمة بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط ،الذي يضم عشرة مستشفيات ومؤسسات طبية، أصبحت متردية وسيئة جدا، وأسوأ من أي زمن مضى. بل أصبح المركز الاستشفائي في السنوات الأخيرة يحتل مرتبة متأخرة كواحد من أسوأ المستشفيات على المستوى الوطني، وتضيف الشبكة “قطعاً هذا التصنيف لم يأت من فراغ بل نتيجة لواقع مثبت بالدليل القاطع ويتعلق الأمر بسوء التدبير والتسيير وضعف الحكامة والفساد الإداري وواقع الاختلالات المالية الكبرى، من خلال تحويل أكبر مؤسسة استشفائية بالمغرب إلى مجال للتجارة في صحة المواطن، كما يقع بمستشفى مولاي يوسف حيث يتم استخلاص نفقات العلاج من المرضى المصابين بداء السل دون موجب قانون، رغم المجانية التي يحظى بها علاج داء السل من طرف وزارة الصحة وبدعم مالي من برنامج المنظمة العالمية للصحة، فضلا عن فرض الأداء على المرضى حاملي وصل أو بطاقة الراميد وبعدم قبول الوصل المسلم من طرف السلطات العمومية من أجل العلاج، في انتظار الحصول على البطاقة ودفع المواطنين إلى شراء أدوية ومستلزمات طبية بدعوى افتقادها في المستشفيات التابعة للمركز بما فيها ادوية المستعجلات والحالات الطارئة”.
وحذرت الشبكة من الإهمال المسبب للأخطاء الطبية والوفيات، ومحاولة إقبار ملف وفيات الأطفال الخدج بمستشفى الأطفال رغم خطورتها، فضلا عن وضعية المستعجلات بمستشفى ابن سينا، ومستشفى الأطفال والاختصاصات والرازي للأمراض النفسية والعقلية بسلا التي تفتقد للأدوية على طول السنة.
وأضافت أن المركز الاستشفائي بعد أن كان ملاذا آمنا لجميع المرضى من مختلف الطبقات الاجتماعية ومن مختلف جهات المملكة، لمكانته في المنظومة الصحية ولخبرة أطبائه وممرضيه والحكامة الرشيدة لإدارته وحسن تدبيره للعلاجات ونتائجه خدماته عالية الجودة التي يشهد بها الجميع، حيث كان يمتلك كل المقومات اللازمة للتشخيص، والعلاج الطبي والجراحي، والكفاءات والخبرة الطبية والتمريضية وما كان يحتويه من أدوية وتجهيزات طبية، فتحول اليوم في ظل إدارته الحالية إلى مركز استشفائي ينتج الرداءة والضعف والإهمال والاختلالات، والنواقص يكون دائما ضحيتها المرضى المعوزون. وذلك ناتج أساسا عن سوء التدبير وضعف الحكامة وغياب الشفافية وقلة الموارد البشرية وتقادم الأجهزة الطبية، وتعطيلها وندرة الأدوية، والمستلزمات الطبية، والجراحية بما فيها تلك الخاصة بالإنعاش الطبي، وأصبحت المستشفيات التابعة للمركز الاستشفائي الجامعي إبن سينا بالرباط بيئة غير ملائمة للعمل الطبي والتمريض، حيث تغلب عليها الرداءة، وقلة الأجهزة وتعطلها وندرة الأدوية وارتفاع الأخطاء الطبية مما دفع عدد من الأطباء والممرضين الأكفاء إلى تقديم الاستقالة والهجرة الى القطاع الخاص.
وذكرت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، بأن الحصيلة السنوية ضعيفة جدا، ومؤشرات أداء المركز الاستشفائي سلبية جدا، فالأخبار لا تنقطع عن المشاكل المزمنة والمتفاقمة سنة عن سنة بهذا المركز الاستشفائي والتي تظل دون علاج مما يجعل حصيلته السنوية سلبية جدا، سواء على مستوى الاستثمار، أو على مستوى التسيير، خلافا لما يتم تقديمه كل سنة أمام وزير الصحة في اجتماعات المجلس الإداري من تقرير وبرامج طموحة لن تجد طريقها الى التنفيذ بسبب تدبير تقليدي متجاوز ويسيئ للمرضى.
وطالبت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، احترام حقوق المرضى في الصحة والعلاج واعتماد المجانية الكاملة للمرضى حاملي بطاقة الراميد كما نص على ذلك القانون ومدونة التغطية الصحية الأساسية، والقبول بالوصل في الحالات المستعجلة تفاديا للانعكاسات المحتملة على صحة المرضى وحياتهم. كما طالبت السيد وزير الصحة عبر المنابر الإعلامية الى الوقوف على المشاكل الإدارية والتدبيرية التي لا تعد ولا تحصى، والتي ظل المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط غارق فيها، خاصة على مستوى تدبير ماليته وتبذيرها في صفقات موجهة، كصفقة مراقبة دخول وخروج الموظفين، وصفقات الصيانة والمختبر المركزي والتدبير المفوض للتغذية والحراسة والنظافة، التي تعرف مشاكل عدة، وعدم احترام الشركات لدفتر التحملات واحترام الحد الأدنى من حقوق العاملين بها واستغلالهم البشع بتواطئ مع الإدارة، وأساسا حقوق المرضى في تغدية ملائمة لوضعهم الصحي، إضافة إلى ضرورة حماية حقوق المرضى العاملين بالمركز.
ورصدت الشبكة عدة اختلالات وحالات فساد في مجالات رئيسية، تشمل الاختلالات المالية الكبرى لعملية تدبير مالية المركز الاستشفائي من خلال تدبير المداخيل اليومية من المرضى لقاء الخدمات المقدمة، حيث تقوم شركات خاصة بهذه المهمة في بعض المستشفيات في حين تظل هده المهمة مسندة إلى موظفين في مستشفيات أخرى، ناهيك عن اقسام المستعجلات التي تعرف تلاعبات خطيرة في تدبير المداخيل المالية التي تفرض على المرضى، رغم أن القانون ينص على عدم الأداء بالمستعجلات.
إضافة إلى غياب الشفافية في المداخيل السنوية للمستشفيات التابعة للمركز، ومجالات نفقاتها واختلالات وافساد الصفقات العمومية بعيدا عن الحاجيات الأساسية للمستشفيات التابعة للمركز، والتي تمت برمجتها في المجالس الإدارية السابقة في غياب الشفافية وعدم اشراك المسؤولين بها في ترتيب الأولويات والحاجيات الضرورية، لتقديم الخدمات الصحية تفاديا لهدر الإمكانيات المتوفرة، وتحويل نفقات شراء أدوية ومستلزمات طبية ضرورية إلى نفقات ثانوية، أو إعادة نفس الصفقة كفضيحة البرنامج المعلوماتي، ومراقبة دخول وخروج الموظفين والسفريات للخارج .. فرغم ما تخصصه وزارة الصحة من ميزانية سنوية مهمة لفائدة المركز الاستشفائي، فضلا عن المداخيل اليومية للمستشفيات العشرة التي تغيب فيها الشفافية خاصة في تدبير مداخيل المستشفيات نقدا في المستعجلات ومكاتب الدخول والإجراءات المالية.
وأشارت ذات الشبكة إلى غياب معطيات حقيقية عن مؤشرات أداء المستشفيات المعتمدة عالميا، كمعدلات الوفيات العامة، ووفيات الأطفال والأمهات أثناء الوضع،ومتوسط مدة الإقامة، وكذلك معدل الاشتغال واستغلال الأفرشة والكفاءة، ومعدل وسرير طبيب وسرير ممرض، والمواعيد والجودة والسلامة، والوقاية من انتقال العدوى والإنتاجية والفعالية ورضا المرضى، حيث يتضح أن نسبة الوفيات عرفت ارتفاعا ملحوظا، وخاصة وفيات الأطفال الرضع، والخدج ووفيات الأمهات اثناء الوضع وبعده بسبب تدني الخدمات الصحية وتدهورها، وتعطيل المواعيد إلى سنة من اجل الفحص والتشخيص والعلاج والعمليات الجراحية، بسبب سوء التدبير وضعف التسيير والاختلالات المالية المخصصة لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية، وتكدس المرضى في قاعات بمستشفى الطفال.
ونبهت الشبكة المغربية إلى واقع المستشفيات التابعة للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا، وخاصة تلك المتعلقة بالنظافة وبيئة المستشفيات التابعة للمركز، حيث يوجد اهمال تام للمصالح وللمرافق الصحية بها، فأصبحت قدرة ومتسخة وتعج بالروائح الكريهة في الممرات وفي المرافق الصحية المشتركة بين المرضى والعاملين، مما أدى إلى ارتفاع معدل التعفنات الداخلية للمستشفيات بشكل خطير فاقت 10 في المائة، الشيء الذي سيؤدى إلى تفشي أمراض أخرى داخل المستشفى، وهو ما يعكس في نفس الوقت الانهيار المتزايد للخدمات الصحية به، والذي يقف على شفا كارثة إنسانية. الأمر الذي يدفع بالمرضى وأسرهم الى السعي لمغادرة مستشفيات المركز الاستشفائي ابن سينا في اقرب وقت ممكن، بيئة صحية متعفنة يشتغل فيها العاملون من أطباء وممرضون وإداريون وتقنيون في غياب أية حوافز مادية، بالإضافة الى تعقيد مساطير ولوج العلاج خاصة لحاملي بطاقة الراميد والتمييز بين من يؤدي تكاليف العلاج والتشخيص وحامل لبطاقة الراميد في المواعيد العمليات الجراحية والتشخيص، وحرمان حاملي وصل الراميد من الاستفادة المجانية من التشخيص والعلاج.
ودعت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، المجلس الإداري برئاسة السيد وزير الصحة إلى التصدي لهذه الوضعيات الإفسادية، ووضع صحة المريض فوق كل اعتبار، والاهتمام ببيئة العمل في المستشفيات التابعة للمركز، وبتحسين أجور العاملين من أساتذة أطباء جامعيين وممرضين وممرضات وقابلات وتقنيين وأطر إدارية وأعوان، وذلك للحد من الاستقالات والهجرة الى القطاع الخاص ووضع حد لكل التعاملات الفاسدة في إدارة المركز لتحفيز جميع العاملين للقيام بمهامهم ومسؤلياتهم الطبية والإنسانية في أحسن الظروف، وفي بيئة سليمة وبصورة مُرضية للمرضى، وتفادي الأخطاء الطبية وفقدان الثقة في المستشفى العمومي.فضلاً عن مراقبة ميزانية المركز والنفقات المترتبة عنها ونتائجها السنوية وأحكام الرقابة والتجويد وإعمال المحاسبة الإدارية الشفافة وذلك لمعالجة الاختلالات المالية.