مثلت، الأربعاء، 11 امرأة سعودية أمام المحكمة الجزائية بالرياض، العاصمة السعودية، لتقديم لوائح دفاعهن في الجلسة الثانية للاستئناف في أحكام بتهم التواصل مع وسائل إعلام أجنبية.
وذكر شهود عيان حضروا المحاكمة أن الناشطات السعوديات المعتقلات، منذ أكثر من عام، قلن إنهن تعرضن للتعذيب، والتحرش الجنسي، خلال التحقيقات، في قضية تثير انتقادات منظمات حقوقية.
وقالت المنظمات الحقوقية إن التهم الموجهة إليهن شملت الاتصال مع وسائل إعلام أجنبية، ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان، في الجلسة الثانية لمحاكمتهن، التي منع المراسلون الأجانب والدبلوماسيون من حضورها. وتضع هذه المحاكمة المملكة تحت المجهر بالنسبة إلى قضايا حقوق الإنسان.
صعق بالكهرباء وتحرش وجلد ومحاولة انتحار.. والحكومة تنفي
وطغى التأثر على الجلسة، التي حضرها أقرباء الناشطات، إذ بكت بعض المتهمات، وعانقن بعضهن أمام هيئة من ثلاثة قضاة، واتهمنَ المحققين بصعقهن بالكهرباء، وجلدهن، وملامستهن أثناء اعتقالهن، وفق ما روى شخصان، كانا بين الذين سُمح لهم بدخول قاعة المحكمة، لوكالة الأنباء الفرنسية. وقامت إحدى الناشطات على الأقل بمحاولة انتحار إثر تعرضها لسوء معاملة في السجن، بحسب ما أفاد أحد أقربائها. لكن الحكومة تنفي بشدة تعرض النساء للتعذيب أو التحرش الجنسي.
لجين وإيمان وهتون وراء القضبان
واعتقلت السعوديات، وبينهن الناشطة لجين الهذلول، والمدونة إيمان النفجان، والأستاذة الجامعية هتون الفاسي، في ماي في إطار حملة أمنية واسعة استهدفت ناشطين.
وقال شقيق وشقيقة لجين الهذلول، المقيمان في الخارج، إن سعود القحطاني، المستشار السابق برتبة وزير في الديوان الملكي، الذي تم إعفاؤه من منصبه إثر قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، أشرف على تعذيب الناشطات.
وقال وليد الهذلول لشبكة “سي إن إن” الأمريكية إن “كبير مستشاري (ولي العهد) الأمير (محمد بن سلمان) كان يهدد باغتصاب شقيقتي وقتلها وتقطيع جسدها”. وأضاف “كان ينبغي أن يكون هو أمام المحكمة اليوم وليس شقيقتي”. ولم يظهر القحطاني علنا منذ إعلان إقالته.
حملة ضد ناشطين ومعارضين
والناشطات متهمات بـ”النشاط المنسّق لتقويض الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي للمملكة”، وفق ما قال المدعي العام بداية الشهر. ووصفهن الإعلام الرسمي سابقا بأنهن “خائنات” و”عميلات سفارات”.
غير أن منظمات حقوقية اطلعت على لائحة الاتهامات قالت إنها لا تذكر التواصل مع جواسيس أجانب أو عملاء لأنظمة استخبارات خارجية.
وطلبت لجين الهذلول من المحكمة إمهالها شهرا للرد على التهم الموجهة إليها، موضحة أنه لم يتسن لها تحضير مرافعاتها، على ما قال وليد. وأضاف أن عائلته مُنعت من إيصال وثائق قانونية خطية إليها داخل زنزانتها. ولم يتضح كيف سترد المحكمة على هذا الطلب.
وكان من المتوقع أن تجري المحاكمة في المحكمة الجزائية المتخصصة التي أنشئت من أجل قضايا الإرهاب وتم استخدامها لمحاكمات سياسية. لكن أقرباء المعتقلات قالوا، الأربعاء، إنهم تلقوا اتصالا من السلطات في منتصف الليل يبلغهم بأنه تم نقل المحكمة إلى المحكمة الجزائية في الرياض بدون إعطاء السبب.
طلب عفو ملكي
وأثارت هذه الخطوة تكهنات بأن المحاكمة قد تمهد الطريق أمام الإفراج عن الناشطات، بعد أن تسببت حملة القمع بانتقادات واسعة ضد الأمير محمد بن سلمان.
وتأتي محاكمة الناشطات في وقت تسعى السعودية لاسترضاء المجتمع الدولي في أعقاب الانتقادات التي تعرضت لها منذ مقتل خاشقجي في قنصلية المملكة في إسطنبول في أكتوبر.
ووجّهت بعض الناشطات رسالة إلى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لطلب إصدار عفو عنهن، بحسب أفراد في عائلاتهن.
وكانت الاعتقالات جزءا من حملة نفذتها السلطات السعودية وشملت أيضا ناشطين ورجال دين ومعارضين في السنوات السابقة، وأثارت انتقادات حول محاولة لسحق المعارضة السياسية.
وتشير تقارير الى أن الدول الغربية، لا سيما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا، شددت الضغط على المملكة من أجل إطلاق سراح الناشطات.