أظهر تقرير جديد لمكتب اوكسفام بالمغرب بعنوان : “ضريبة عادلة من أجل مغرب منصف”، أن المغرب يخسر اكثر من 2.45 مليار دولا سنويا نتيجة التهرب الضريبي في الوقت الذي وصل في معدل البطالة بين الشباب الي اكثر من 42 بالمائة.
كما كشف التقرير مظاهر إنعدام المساواة في المغرب وأوضح كيف يمكن للنظام الضريبي أن يصبح أداة للحد من الفوارق الإقتصادية والإجتماعية.
وقال تقرير اوكسفام الجديد “إن الفوارق الإقتصادية والاجتماعية في المملكة المغربية هي نتيجة لسياسات عمومية غير ملائمة تستجيب لتوصيات المؤسسات المالية الدولية. فالمغرب منذ الاستقلال، اعتمد نماذج اقتصادية تزيد من الفوارق الطبقية وتضع جزءا كبيرا من المواطنين في حالة هشاش” حسب عبد الجليل لعروسي، مسؤول الحملات في أوكسفام المغرب اليوم.
وأشار ذات التقرير، إلى أنه يلزم موظفا يتقاضى الحد الأدنى من الأجور 154 سنة حتى يصل إلى ما يتقاضاه ملياردير مغربي في 12 شهرا.
ويعتبر المغرب من أكثر الدول اتساعا من ناحية الفوارق الاجتماعية ومن بين الدول المفتقرة للعدالة الإجتماعية على المستوى الدولي، ففي الوقت الذي يعاني فيه أكثر من 1.6 مليون شخص من الفقر والتهميش وانعدام الضرورات الأساسية، بلغ مجموع ثروة أغنى ثلاثة من أصحاب المليارات بالمغرب سنة 2018 إلى حوالي 4.5 مليار دولار، بينما يعيش 4.2 مليون شخص في الفقر.
ويأتي التقرير قبيل تنظيم المناظرة الوطنية الثالثة حول النظام الجبائي المغربي التي ستنعقد يومي 3 و4 مايو المقبل.
ويسلط التقرير الضوء عن اختلالات الخدمات الاجتماعية، إضافة للبطالة وعدم الإستقرار المهني، بالإضافة إلى التمييز ضد النساء، ووجود نظام لجباية الضرائب غير عادل، الأمر الذي يعطل التنمية الإجتماعية بالمغرب ويعمق الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
ويشير ذات التقرير إلى أن ٪ 82 من العائدات الضريبية على الشركات تستخلص فقط من ٪2 من الشركات و 2.45 مليار دولار هي تكلفة الخسائر الضريبية التي يتكبدها المغرب كل سنة بسبب التهرب الضريبي للشركات متعددة الجنسيات.
أما معدل البطالة في صفوف الشباب (ما بين 15 و24 سنة) على المستوى الحضري فيصل إلى 42،8%، ويبلغ متوسط مدة التمدرس في المغرب إلى 4،4 سنوات، في حين لا يتوفر المغرب إلا على 6،2 طبيب لكل 000 10 شخص مقابل 12 طبيب في الجزائر وتونس و37،1 في إسبانيا. بينما 51% من المصاريف الطبية يتم تغطيتها من طرف الأسر مقابل 21% في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وأن حوالي نصف (46 ٪) السكان النشيطين لا يتمتعون بالتغطية الصحية بينما معاشات النساء تقل بنسبة 70 ٪ عن معاشات الرجال، أما في المناطق القروية ففقط 64٪ من الساكنة تستفيد بشبكة الربط بالمياه الصالحة للشرب.
وأن المرأة المغربية تقضي حوالي خمس ساعات في اليوم في العمل المنزلي مقارنةً بـالرجال اللذين لا يتجاوزون 43 دقيقة فقط.
كما يوضح التقرير أن: “شخصا ينتمي الي الوظائف العليا مثلا له فرصة الانتماء لنفس الفئة الاقتصادية والاجتماعية التي ينتمي إليها والده بنسبة 456 مرة أكثر مقارنةً بابن عامل بسيط. من الجلي أن النموذج التنموي الحالي لا يرقى إلى تطلعات السكان وعلى وجه الخصوص الشباب والنساء. لأنه يمركز الثروة لدى أقلية بينما يعيش الملايين في وضع مختل وغير عادل”. يضيف العروسي.
وحسب أسماء بوسلامتي، مسؤولة برنامج الحوكمة في مكتب أوكسفام بالمغرب: إن “جباية الضرائب العادلة هي وسيلة فعالة للحفاظ على التماسك الاجتماعي ، إذ تساعد على تقويم أوجه إنعدام المساواة من خلال تدارك اختلالات توزيع الثروات، وتعبئة الموارد اللازمة لتمويل البنية التحتية والخدمات العمومية التي تعود بالنفع على المجتمع بأكمله. إن المادة 39 من الدستور تضمن المساواة بين المواطنين أمام الضرائب، والتي يجب استخلاصها وفقًا لقدرة كل شخص”.
ودعت منظمة أوكسفام المؤسسات الحكومية إلى الحد من إنعدام المساواة ، واتخاذ السياسات الملموسة لمحاربة الفقر والفوارق الإجتماعية من خلال الخطوات الآتية :
بلورة وتطوير برنامج عمل وطني لمواجهة الفوارق الاجتماعية، وتبني هدف طموح يهم تقليص الفوارق الإجتماعية في أفق 2030 في إطار أهداف التنمية المستدامة، وإنتاج بيانات إحصائية محدثة ومتاحة للعموم حول تفاوت الدخل وتركيز الثروة، ثم اتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة لتصحيح الفوارق الجهوية وعدم المساواة بين الجنسين وتحسين الحكامة على جميع المستويات.
إضافة إلى إطلاق خطة لتقنين النشاط الاقتصاد، وتبني نظام ضريبي عادل يساهم في تقليص الفوارق الاجتماعية، علاوة على تحسين تصاعدية النظام الضريبي في مجمله.
أما بالنسبة للضريبة على الدخل، فتقترح اوكسفام زيادة شرائح جديدة على مستوى الأجور الأكثر ارتفاعا لصالح الشرائح الأكثر انخفاضا، وإدخال ضرائب تصاعدية على الأملاك المملوكة والمنقولة، وإدخال تحليل قائم على النوع لمجموع الضرائب من أجل المساهمة في الحد من أوجه عدم المساواة بين الجنسين، بالإضافة إلى توسيع الوعاء الضريبي لجعل مساهمة مجموع الفاعلين الاقتصاديين داخل البلد أكثر عدلا، ووضع مكافحة التهرب الضريبي على قائمة الأولويات.