أعرب الفاعل الحقوقي مولاي أحمد الدريدي، في “رسالة عتاب” خطية إلى المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، شوقي بنيوب، عن قلقه الحقوقي إزاء استقبال الأخير للمتهم في قتل الشهيد أيت الجيد، بمعية مجموعة من المحامين من دفاعه، نظير النقيب محمد الشهبي، وعبد اللطيف الحاتمي من هيئة الدار البيضاء، والطيب لزرق، محامي بهيئة الرباط، وعمر حالوي بهيئة فاس.
وجاء في نص الرسالة التي توصل إحاطة.ما بنسخة منها، “أن الصورة التي تم نشرها على نطاق واسع، من طرف الكتائب الإعلامية “الذباب الإلكتروني” للإسلام السياسي، تدخل في خانة التوضيب والإخراج لترهيبنا، كما حدث أول يوم في محاكمة المتهم، حيث حضر رئيس الحكومة السابق، مع ميليشياته، على مثن سيارة الجيب السوداء، التي كانت تتقدم الجموع، كمشهد لإعلان الحرب. استقبالك للمتهم، مع محاميه، بصفتك منسقا للسياسات الحكومية في مجال حقوق الإنسان، يعني أن هناك شيء ما يتم إعداده للتأثير على القضاء”.
وقال أحمد الدريدي، “إن فزعي، وقلقي، جعلاني أتذكر آخر حوار صحفي لك مع المجموعة الإعلامية للأحداث المغربية ذاك “الحوار” الذي اختلط فيها الحقوقي بالسياسي، حوارا كنت منتصرا في ثناياه للمقاربة القانونية الضيقة، في تعارض مع ما كان يجب اعتماده، بصفتك المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، أي المقاربة الحقوقية الواسعة، في جل القضايا المتداولة على مستوى الفضاء العمومي، والتي لها صلة ما بالمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان”.
وأضاف الدريدي، “السيد المندوب، لقد ارتكبت تجاوزا معيبا قانونا، إن لم أقل خطأ جسيما سياسيا، باستقبالك لمتهم في قضية بين أيدي القضاء، بل وابتعدت حتى عن هذه المقاربة، التي انتصرت لها أثناء حوارك مع المجموعة الإعلامية للأحداث المغربية”.
وتابع ذات المتحدث متسائلاً، “فهل الأمر يتعلق بجلسة “استماع”، أم هناك ضغوطات، وإحراج من طرف الحزب الذي يترأس الحكومة، ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، لتوريطك في عمل يعتبر تدخلا سافرا في شؤون السلطة القضائية، التي بدأت تلامس طريق استقلاليتها، منذ تنصيب مجلسها الأعلى من طرف رئيس الدولة جلالة الملك محمد السادس، في أبريل 2017، أي في اليوم الموالي الذي استقبل فيه حكومة السيد العثماني، وكذا على بعد بضعة أيام من تنصيب رئاسة النيابة العامة”.
وأوضح الدريدي، “إن تزامن هذه التعيينات للسلطة التنفيذية وركائز السلطة القضائية، المستقلة عنها، كما جاء في دستور 2011، له دلالة كبيرة، تتعارض مع ما قمت به، من استقبال للمتهم في ملف اغتيال الشهيد أيت الجيد بن عيسى، والذي قد يستعمل كنوع من المساهمة في التعتيم على مجريات القضية أمام القضاء، وإمكانية استغلال الاستقبال من طرف كتائب الاسلام السياسي، واستعمالها في زرع صورة ضبابية عن الوضعية الحقوقية في بلادنا، خدمة لأنجداتهم الدولية، التي يشرف عليها التنظيم العالمي”.
وزاد الدريدي، “لقد كان الأجدر بك أن تستحضر بأن الدفوعات الشكلية، وغيرها، يجب أن تكون أمام المحكمة، وأنه ليس من مهامك التدخل في أية قضية معروضة أمام القضاء، علما أن مهامك الأساسية، هي متابعة السياسة الحكومية، خاصة في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، والتنسيق في ذلك مع القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية، فضلا عن تتبع تفعيل الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وإعداد وتقديم التقارير الوطنية أمام الآليات الأممية المختصة”. كما دعا جلالة الملك، وفق البلاغ.
وقال الفاعل الحقوقي، “إن استقبالك المذكور تم خارج المهام المنوطة بك قانونا، إلا إذا كان هذا الاستقبال يتعلق بزملاء لك في المهنة، وهنا كان عليك، ورفعا لكل لبس أو غموض، أن تصدر بلاغا رسميا تفاديا لكل تأويل”.
وأضاف، “أما إن صح تقديري وتقديرات الأوساط الحقوقية في بلادنا بوجود ضغوطات عليك، فإن الأمر يقتضي بتصحيح هذا الخطأ الجسيم، وتدارك تبعاته، وعليك أن توجه دعوة لعائلة الشهيد أيت الجيد، وهيئة دفاعه، لعقد لقاء معهم، لتبديد كل التوجسات والمخاوف، التي أثارها هذا الاستقبال المريب، وذلك حتى تحدث نوعا من التوازن في التعاطي مع هذه القضية”.
وأشار الدريدي، “ومن جهتي آمل، وأتمنى أن تتمتع عائلة الشهيد، ومعها دفاعها بحق استقبالها لإخبارها بخصوص ما جرى في هذا الاستقبال، وصلته بالقضية الجارية امام المحكمة”.