هيمنت الروح الغجرية القادمة من أوروبا الشرقية للثلاثي دان غاريبيان، على الآثار التاريخية لموقع شالة، وسيطرت على فكر جمهور منبهر أكثر فأكثر برثاء روماني هادئ، وترانيم يونانية، أو أغنية أرمينية راقصة.
وانصهر الأكورديون والقيتار وصوت دان غريبيان الذي يعد بلا شك الأكثر تمثيلا لأصوات الشرق الغامضة، الدافئة والأسطورية، في كشكول موسيقي ناعم ألهب حماس الجمهور الحاضر بمناسبة الدورة الـ 18 لمهرجان “موازين.. إيقاعات العالم”.
ومنذ الأغنية الأولى، حظي المستمعون بفرصة سفر حقيقية، تلتها متعة طويلة بفضل المقاطع التي أبدعها أنطوان جيرارد بالأكورديون، والإيقاعات الرخيمة لقيثار بونوا كونفريت، والصوت المهاجر الجذاب لدان غريبيان.
فبنظرة قوية، وملامح تعكس سنوات من الخبرة، أخذ عازف القيثار الموهوب وذو الصوت الاستثنائي، الجمهور في العالم الموسيقي لأوروبا الشرقية، جاعلا من حركات أصابعه تسير بكل انسجام وتناسق مع صوته المذهل بشكل لا يدع مجالا للشك حول موهبته الفريدة.
وحملت المقاطع شبه الحزينة لهذا الثلاثي والنابعة من القالب التقليدي، الجمهور إلى لحظات الحنين التي تحكي قصة ترتبط بكل فرد، أدت إلى ظهور كلمة وأغنية نتجرأ فيها أخيرا على الحديث عن الحب، والأحلام، المنفى أو حتى الموت.
وقد عرفت هذه الفرقة كيف تخلق من خلال موسيقاها، لحظة مشاركة حقيقية، غنية بالعواطف، تتخللها ألحان البلوز اليوناني، الموسيقى التقليدية للبلقان، بالإضافة إلى الأغاني والقصص الغجرية والأرمينية والروسية.
واشتهر دان غريبيان، مؤسس مجموعة براتش، منذ السبعينيات، بصوته الدافئ. وفي نهاية سنة 2015، قرر براتش وضع حد لمغامرة استمرت أكثر من 40 سنة. ومنذ ذلك الحين، يواصل دان غريبيان مسيرته من خلال تجربة الثلاثي، وهو فضاء أكثر حميمية يجمع بين أداء بونوا كونفريت على القيتار وأنطوان جيرارد على الأكورديون.
يشار إلى أن مهرجان موازين يعد ثاني أكبر حدث ثقافي في العالم، وذلك باستقطابه لجمهور يفوق مليونين من الحاضرين خلال دوراته الأخيرة.
وتقترح الدورة الثامنة عشر لهذا الملتقى الموسيقي الرائد عالميا، والمنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، برمجة متنوعة من مستوى عال باستضافة أكبر نجوم الموسيقى العربية والعالمية.