إذا كان المذهب السريالي اقترن باسم سلفادور دالي في الفن التشكيلي، فإن اسم المخرج الإسباني الشهير لويس بونويل هو المرادف لهذا المذهب في السينما.
لكن المخرج الإسباني سلفادور سيمو أراد أن يصنع فيلم رسوم متحركة يتناول سيرة بونويل الإنسان، الذي حارب كوابيسه وهواجسه ليصنع فيلما وثائقيا بعيدا كل البعد عن البيت الثري الذي نشأ فيه.
يحكي الفيلم، الذي يعرض ضمن قسم البانوراما الدولية في الدورة الحادية والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، رحلة بونويل ورفيقه ومنتجه رامون آثين لتصوير الفيلم الوثائقي ”أرض بلا خبز“ عن إقليم لاس أورديس الفقير بعد أن سلمه أحد علماء الأنثروبولوجي دراسة قام بها عن سكان ذلك الإقليم على أن يصنع بونويل فيلما عنه.
بالتوازي مع رحلة بونويل الشاقة لإخراج الفيلم، يأخذنا المخرج سيمو في رحلة داخل كوابيس بونويول وهواجسه التي تتمحور حول طفولته المضطربة وعلاقته المعقدة مع والديه. كما يصور الفيلم الهلاوس البصرية التي كان يعاني منها المخرج والتي كانت تدفعه للتصرف بطريقة اعتبرها البعض غريبة الأطوار.
ويجسد الفيلم صراعا من مستويين، أحدهما خارجي بين بونويل وآثين الذي يريد من صديقه أن يركز على تصوير هموم سكان تلك المنطقة لكنه يصطدم دوما بمتطلبات بونويل المفرطة، كإصراره على أن يمثل سكان القرى بعض المشاهد بدلا من التقاطها بشكل طبيعي والتعامل مع الحيوانات بقسوة كإطلاقه النار على ماعز جبلي فقط لكي يتمكن من تصويرها وهي تسقط.
أما الصراع الآخر فداخلي حيث يحاول بونويل أن ينتزع نفسه من ظل سلفادور دالي ومن تصوراته عن شعور والده حياله، وعن غرابة أطواره ليصنع فيلما عن مجتمع مهمش لا يعرف عنه الإسبان شيئا.
يمزج الفيلم بين الرسم المتحرك ولقطات حقيقية من أفلام بونويل ولا سيما من فيلم ”أرض بلا خبز“، الذي أثار عرضه في إسبانيا في عام 1932 جدلا شديدا دفع المحافظين لمنع توزيعه في أنحاء البلاد بحجة أن الفيلم ”يشوه السمعة الطيبة للشعب الإسباني“.
تستمر الدورة الحالية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي حتى 29 نوفمبر.