هناك أغنية شهيرة للفنان السعودي الكبير محمد عبده تحت عنوان اخر زيارة .. مثل عنوان الفيلم السعودي الذي عرض اليوم ضمن المسابقة الرسمية للدورة 18 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش المقام بين 29 نونبر و7 دجنبر 2019.
إذ يقول مطلع الأغنية : آخر زيارة .. حسيت في اخر زيارة.. شي بعيونك مختلف.. وشي بحديثك مختلف.. حتى سكوتك مختلف .. كنت بشكوك.. وشفت الحقيقه فعيونك .. تعترف ..موقف غريب موقف .. ابدا ماينوصف..
ولعل كلمات الأغنية تحمل في طياتها الكثير من تفاصيل الفيلم الذي احتضنته قاعة المؤتمرات بالمدينة الحمراء من إخراج عبد المحسن الضبعان وبطولة مساعد خالد، وفهد الغريري، وأسامة القس، وعبد الله الفهد.
ويعكس اختيار الفيلم السعودي توجه المهرجان في انتقاء الأفلام الأولى والثانية لمخرجين شباب إذ أن “آخر زيارة” هو العمل الروائي الطويل الأول للمخرج عبد المحسن الضبعان، الذي قدم في وقت سابق خمسة أفلام قصيرة، هي: “الباص” (2007)، “ثلاثة رجال وامرأة” (2009)، “الوقائع غير المكتملة لحكاية شعبية” (2010)، “هذا هو منزلي” (2012)، و”المفتاح” (2013)، إضافة الى مسلسل تلفزيوني بعنوان “42 يوم” (2016).
ويحكي الفيلم الذي كتبه السيناريست فهد الأسطا على مدى 74 دقيقة عن علاقة متشنجة بين أب وابنه تظهر بشكل جلي خلال زيارة الاثنين للجد الذي يوجد على فراش الموت.
ويحاول الفيلم تسليط الضوء على التحولات السياسية والاجتماعية التي يشهدها المجتمع السعودي بين ثلاث أجيال : الجيل القديم/الجد الميت الذي سيدفن للابد، والجيل الحاضر/الأب الحائر التائه وجيل المستقبل/الابن الثائر الذي يعيش علاقة متوترة تدفعه للتمرد على والده.
وإذا كان تغييب المرأة من الفيلم انتقاد للمجتمع الذكوري السعودي في وقت أصبحت المرأة تحطم الحواجز، وكأن الفيلم يقول ما يحدث غير كافي، فإنه مع ذلك يحمل بين طياته فكرا محافظا حد الرجعية من خلال ثنائية تقسم الفيلم الى نصفين : المراهق الثائر الشقي الذي يعيش في المدينة قليل التدين مقابل ابن العم القنوع السعيد الذي يعيش في القرية المحافظ على الصلاة. بالإضافة الى التقابل بين الماضي والحاضر، العرس والجنازة، الديني والعلماني .. وسيأخذ المخرج موقفا عندما سيركز في أحد المشاهد على الشرخ في جدار البيت وكأن التمرد هو بداية انهيار بيت العائلة.
وبالنظر إلى مستوى الفيلم، يحق لنا التساؤل إن كان الاهتمام بالفيلم السعودي يدخل في إطار “الغرابة”، أو له أساس سياسي يعكس الانفتاح السعودي الخجول الذي تعرفه المملكة علاقة بالفنون جميعها من الموسيقى والغناء الى المسرح والسينما. أم هو فقط اختيار يدخل في إطار الكوطا والتنوع الجغرافي بين الأفلام إذ يبقى أكبر إنجاز يمكن أن يحققه فيلم سعودي هو المشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش بعد مشاركة خجولة في مهرجان “كارلوفي فاري السينمائي الدولي” الذي هو مهرجان من الصنف أ على غرار مهرجان كان أو برلين.
هل يحق للسياسي التحكم فيما هو فني صرف؟