ينظم مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد الدورة الثامنة لمؤتمره السنوي “حوارات أطلسية” الذي يستضيف قرابة 400 شخصية يمثلون 66 جنسية، وذلك بمراكش خلال الفترة الممتدة ما بين 12 و14 دجنبر. وستتمحور الحوارات هذه السنة حول موضوع “الجنوب في عصر الاضطرابات” امتدادا لموضوع السنة الماضية 2018 تحت عنوان “ديناميات أطلسية: تجاوز نقاط القطيعة”.
وهذا الخيار تمليه التحديات المتعددة التي تواجهها بلدان الجنوب في ظل استمرار الصراعات والتهديدات الإرهابية، وارتفاع معدلات البطالة لدى الشباب، والتوسع الحضري السريع، اضافة الى تداعيات تغيرات المناخ.
من جهتها، تعرف إفريقيا نموا ديموغرافيا غير مسبوق – مما يشكل مصدر قلق للبعض، ومصدر أمل للبعض الآخر، كما أن القارة تواجه عدم الاستقرار الحالي وتنافس القوى العظمى على الموارد الطبيعية ومناطق النفوذ.
على المستوى الدولي، فان ارتفاع الشعبوية والنزعة القومية، وتكريس النظرة الضيقة إلى المصلحة الوطنية والأمن القومي، والتشكيك في الديمقراطية التمثيلية ونظام الحكم الدولي الذي ساد منذ نهاية الحرب الباردة كلها اشياء تلقي بظلالها على دول الجنوب وافريقيا من بينها.
في ظل هذه المعطيات، سيبحث المؤتمر سبل مساعدة صناع القرار على إعادة النظر في رؤاهم واستراتيجياتهم، مع مراعاة المناخ والاقتصاد الدائري وتحديات التعليم والديناميات الناتجة عن القوى الناشئة.
كما ستناقش قضايا رئيسية أخرى، تتعلق باحتمالات حدوث أزمة مالية دولية جديدة، وتراجع تعددية الأطراف، وإصلاح نظام الحكامة الدولي، والتدخلات العسكرية في إفريقيا، اضافة الى الثورة الصناعية الرابعة، والتوسع الحضري وتعزيز ديناميات التصدي لتغيرات المناخ من خلال تعبئة الموارد المالية والتكنولوجية اللازمة.
اقتراح إطار مرجعي جديد
منذ إطلاقه عام 2012، يسعى المؤتمر إلى إدماج جنوب المحيط الأطلسي في النقاش الجيوسياسي العالمي. وقد تبنى المؤتمر من اجل ذلك مقاربة تعتمد على اخضاع الاشكالات لمناقشة قائمة على الحقائق والأرقام.
وتهدف الحوارات الأطلسية إلى تشجيع خطاب واضح ووضع حلول مبتكرة، من خلال مناقشة وجهات نظر السياسيين والأكاديميين والمحللين والمراقبين من الشمال والجنوب بروح من الانفتاح والشفافية والإثراء المتبادل.
في 12 دجنبر، سيتم تقديم تقرير “تيارات أطلسية”، والذي ككل سنة سيستهل فعاليات المؤتمر، وذلك قبل الحوار الافتتاحي. ولقد ساهم في هذا التقرير السنوي، والذي اعدت مقدمته أميناتا توري، رئيسة وزراء السنغال السابقة، ثلة من الباحثين من أفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأوروبا. ويجذر الذكر بأن معظمهم من كبار الباحثين في مركز السياسات.
حوار بين القارات وبين الأجيال
تسجل الدورة الثامنة من “حوارات أطلسية” مشاركة 400 شخصية يمثلون 66 جنسية، منهم (26٪) عن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (19٪) عن أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (23٪) عن أوروبا، (13٪) عن أمريكا الشمالية و (9 ٪) عن أمريكا الجنوبية. ويعمل المدعوون في مجالات تتعلق بصنع القرارات السياسية، كمجال الأعمال التجارية (12 ٪)، والخدمات الاستشارية (9 ٪)، والبحث العلمي (12 ٪)، وخلايا التفكير (19 ٪)، والقطاع العام (9 ٪)، والمنظمات الدولية (10 ٪)، بالإضافة إلى المجتمع المدني (12 ٪) ووسائل الإعلام (10 ٪).
من بين القادة السياسيين المتوقع حضورهم نذكر خمسة رؤساء دول وحكومات سابقين، بمن فيهم أولوسيجون أوباسانجو (نيجيريا) و أميناتا توري (السنغال)
و15 وزيرة ووزيراً سابقا، بما في ذلك نجاة فالو بلقاسم (التعليم، فرنسا)، أوبياجيلي إيزكويسيلي (التعليم، نيجيريا)، نونو سفيريانو تيكسيرا (الدفاع، البرتغال)، باولو بورتاس (الشؤون الخارجية، البرتغال) ونظرائه إجناسيو ووكر (تشيلي)، مايو أفيلا (سلفادور)، خورخي كاستانيدا (المكسيك) وهوبرت فيدرين (فرنسا). ويتوقع حضور دبلوماسيين ذوي خبرة عالية أمثال جون بيتر فام، المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى البحيرات العظمى، وأنخيل لوسادا، الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل، وريتشارد دانزيغر، مدير المنظمة الدولية للهجرة (IOM) في أفريقيا الغربية والوسطى بالإضافة إلى جواو فايل دي ألميدا ، سفير الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة. كما سيعرف المؤتمر مشاركة نشطة في المناقشات لباحثين معروفين على الصعيد الدولي، مثل جون ساويرز، المدير السابق للاستخبارات البريطانية MI6، جريج ميلز، مدير مؤسسة براينتورست Brenthurst في جنوب أفريقيا، أو ويليام زارتمان من جامعة جون هوبكينز. بالإضافة إلى ممثلين للقطاع الخاص، بمن فيهم ثيون نيانغ (السنغال) ودومينيك لافون (فرنسا). كما جرت العادة كل سنة، ستتم إدارة المناقشات من قبل صحفيين معروفين، بما في ذلك كلود جرونيتسكي (ترو أفريكا)، وبورزو دراغي (ذي إندبندنت)، زينب بدوي وألان كاسوجا (بي بي سي).
تماشيا مع التقاليد التي ذأب عليها منذ نشـأته، يواصل مؤتمر “حوارات أطلسية” منح الشباب مكانة بارزة حيث يشارك فيه 50 من الرواد الشباب، تتراوح أعمارهم بين 23 و35 عاما، تم انتقاؤهم طبقا لمعايير جد دقيقة. هؤلاء القادة الجدد والذين ينحذرون من 27 دولة، سيشاركون في دورات تدريبية على القيادة سيديرها خبراء رفيعو المستوى، وذلك أيام 9 و10 و11 من دجنبر بجامعة محمد السادس المتعددة الاختصاصات في مدينة بن جرير، قبل أن يلتحقوا بالحوارات الأطلسية.
جدير بالذكر أن مركز السياسات للجنوب الجديد هو مركز أبحاث مغربي تم تأسيسه عام 2014 في الرباط، مع 39 باحثًا مشاركًا من الجنوب والشمال. كان يُعرف سابقًا باسم مركز سياسات OCP. يهدف المركز من خلال منظور الجنوب بشأن قضايا البلدان النامية، إلى تسهيل القرارات المتعلقة بالسياسات في إطار برامجه الرئيسية الأربعة: الزراعة والبيئة والأمن الغذائي؛ الاقتصاد والتنمية الاجتماعية؛ المواد الخام والتمويل. الجغرافيا السياسية والعلاقات الدولية.