في الوقت الذي تحقق فيه راقصات أجنبيات شهرة واسعة في مصر، تواجهن صعوبات عديدة في مسيرتهن الفنية، ما بين اصطدام بالتقاليد ومنافسة مع الراقصات المحليات. نقاد فنيون يوضحون لـDW عربية طبيعة أسباب تلك العراقيل.
يقول نقاد فنيون إنه على الرغم من أن الراقصات الأجنبيات خطفن الأضواء في حالات عديدة من نظيراتهن المصريات إلا أن طريق شهرتهن غالبا ما يكون محفوفا بالمخاطر سواء على صعيد عملهن أو خارجه.
وتعرضت راقصات أجنبيات في مصر مؤخرا، إلى مشاكل ووقائع أثارت الرأي العام المصري آخرها الراقصة الروسية إيكاترينا أندريفا المعروفة بـ”جوهرة” بعد ظهورها في فيديوهات جنسية على مواقع التواصل الاجتماعي.
عقبات إدارية و”ابتزاز”
يشرح الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـDW عربية، أن الراقصات قد تواجهن عدة عراقيل إدارية، مثلا في مسألة استخراج تصاريح العمل والإقامة في مصر “قد تنتهي الإجراءات بسرعة أو يتم إبطاؤها بطريقة ما أو عن طريق شكاوى كيدية تقدمها راقصات مصريات لم يعد هناك طلب عليهن ضد الأجنبيات لعرقلة الإجراءات”، بحسب الشناوي.
ليست جوهرة وحدها الراقصة الأجنبية المثيرة للجدل، فهناك راقصة أخرى أكثر شهرة هي الأرمينية صافيناز التي واجهت مشاكل عديدة بينها واقعة ارتدائها بدلة رقص على هيئة “علم مصر” في 2015 وأُخلي سبيلها حينها.
كما وقع خلاف بين الراقصة الأرمينية وشاهيناز النجار عضو مجلس الشعب السابقة ومالكة الفندق الذي تعمل فيه “صافيناز” وقالت إنها “تعرضت للابتزاز المادي والجنسي من محامي الفندق”.
“الراقصات الأجنبيات قد يقعن عرضة للابتزاز سواء المادي أو الجنسي بسهولة، خاصة إذا وقع خلاف مع شخصية معروفة لديها صلات قوية بالسلطات”، تقول الناقدة الفنية ماجدة خيرالله، لـDW عربية.
ثمن الشهرة
لم تكن ضجة الفيديوهات الفاضحة أول أزمة تواجهها إيكاترينا أندريفا الشهيرة بـ”جوهرة”، فقد ألقت السلطات المصرية القبض عليها في فبراير 2018 بعد أن اتهمتها السلطات بارتداء ملابس غير مطابقة لمواصفات زي الرقص الشرقي. وانتشرت قضيتها على نطاق واسع في وسائل الإعلام المصرية، وانتشر مقطع الفيديو في زيها المثير للجدل، وسرعان ما وصل إلى ما يقرب من أربعة ملايين مشاهد.
بعد ثلاثة أيام، خرجت أندريفا من الحبس وباتت أكثر شهرة من ذي قبل. وبمجرد إسقاط لائحة الاتهام عادت للرقص بالبدلة الشهيرة مرة أخرى.
وقالت الناقدة خيرية البشلاوي لـDW عربية إن بعض الراقصات الأجنبيات “لا يلتزمن بالضوابط الأخلاقية التي يفرضها القانون على مهنة الرقص الشرقي من أجل تحقيق الشهرة وبالتالي يقعن تحت طائلة مخالفة القانون، على العكس من الراقصة المصرية التي تحافظ على حشمتها حتى خلال ارتدائها بدلة الرقص”.
وطالما عرفت القاهرة كموطن للرقص الشرقي، حيث الراقصات الشهيرات مثل نجوى فؤاد، المفضلة لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، اللاتي تعلمن فنون الرقص الشرقي وبرعن فيه. الراقصتان الأسطوريتان مثل دينا طلعت وفيفي عبده لا تزلن تحظين بإعجاب الكثيرين. ولكن في الآونة الأخيرة، زاد الطلب على الراقصات الأجنبيات – وقبل كل شيء الروسيات منهن-.
معايير مزدوجة
وأرجع الشناوي تصدر الراقصات الأجنبيات للمشهد “الجيل القديم من الراقصات كبرن في السن إضافة إلى نقص المواهب، الأمر الذي مكّن الراقصات الأجنبيات من سحب البساط من نظيراتهن المصريات”.
بخلاف نقص المواهب المصرية، أصبحت مصر مثل العديد من المجتمعات العربية أكثر محافظة بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة، في حين أن الراقصات الشرقيات ضروريات في أغلب حفلات الزفاف إلا أن الكثير من المصريين يفضلون في العادة ألا يرتبطوا بهذه المهنة – بل إن مصطلح “ابن راقصة” يعتبر في مصر إهانة. “طول عمر المجتمع المصري ذو وجهين الأول ضد الرقص ووجه آخر مع الرقص”، يقول الشناوي.
وفي عام 2014، علقت فضائية مصرية عرض مسابقة للرقص الشرقي لأجل غير مسمى بعدما انطلقت أولى حلقاتها، على إثر مطالبة بعض رجال الدين بوقفه بدعوى “التعري باسم الفن”.
إنه نوع من علاقة “حب-كره”، وتقليد محمّل بالمعايير المزدوجة. تقول جوهرة صاحبة الـ31 عاما، في مقابلة مع DW نشرت يوم 28 نونبر، إن خلفيتها الروسية تحميها من أي وصمة عار سلبية: “كأجنبية، فأنا أحظى باحترام أكثر لأنهم ينظرون إلي أكثر كفنانة”.
وفي كثير من الأحيان لا يلاحظ جمهورها أنها روسية: “لأنها ليست ثقافتنا، ونحن أكثر حرصا على اتقانها”، تقول جوهرة عن نفسها وزميلاتها. من المهم بالنسبة لها أن يظل الرقص وفيا لشكله الأصلي ولا يتغير بأي حال من الأحوال.
ورغم ذلك يبقى الطلب كبير على جوهرة وزميلاتها الأجنبيات وجداولهن مزدحمة بالحجوزات في الحفلات والأندية وحفلات الزفاف في الفنادق باهظة الثمن.
تقول ماجدة خيرالله، إنه رغم العقبات التي قد تواجهها الراقصات الأجنبيات إلا أنهن يحققن شهرة كبيرة في مصر التي لاتزال عاصمة للفن في الشرق حيث تواظب الفنادق وحفلات الزفاف والأندية الليلية على فقرة الرقص الشرقي في عروضها.