هنو أولماروش، واحدة من الشخصيات التي التقاها مارسيل خليفة، بصفته سفيرا لبرنامج أمل لدعم قيادات التغيير، في الزيارة التي قام بها الشهر الماضي، في مناطق الجنوب المغربي، وبالضبط أثناء حطه الرحال في تنغير بإقليم الرشيدية. امرأة بمواصفات استثنائية، فضلت التفرغ للنضال والإسهام في تنمية منطقتها. ناضلت إلى جانب الرجال فكانت ندا لهم، ونالت شهرة واسعة بالمنطقة التي تتحدر منها وخارجها، لتترشح في الانتخابات الأخيرة وتفوز بمقعد تمثيلها للدائرة التي اختارتها، وكم هو صعب التنافس في وسط ذكوري، لم ينعتق بعد من تقاليد وأعراف، مازالت تضع المرأة خارج القانون وتدخلها في قائمة حاجيات “الكانون”.
في لقاء حضره جمع من أبناء تنغير وبناتها، تعرف مارسيل خليفة عن قرب عن نوعية استثنائية من المناضلات، لسن خريجات كبريات المدارس والمعاهد. امرأة حفرت معاناة السنين رسوما في وجهها المزين بالوشم الأمازيغي. في اللقاء ذاته تعلم مارسيل خلفية، السفير فوق العادة، درسا آخر من دروس نكران الذات وقيمة أخرى من قيم الجهاد الأكبر.
كان على المائدة نفسها التي جمعت الاثنين، أشخاص آخرون، ضمنهم المحامي الحسين الراجي، رئيس نقابات المحامين بالمغرب، الذي عهد إليه بترجمة ما تقوله هنو، التي لا تتحدث إلا اللسان الأمازيغي.
تكلم مارسيل مازحا بعد أن سمع عن المرأة ما سمعه، فطلب من المترجم أن يحمل لها إعجابه بها ورغبته في الزواج منها. لم تتردد هنو ولم تتهرب من الجواب، فهي تربت في مجتمع لا يعرف المزاح في أمور الزواج، وتمشي على خطى القول النبوي، ثلاث جدهن جد وهزلهن جد، الزواج والطلاق والرجعة.
لم تفكر طويلا، وهو ما أثار إعجاب مبدع ألحان ريتا ومنتصب القامة وغيرهما، إذ أن المرأة تحدتث عن سليقة وبعفوية، ولم تراوغ أو تتملص من الرد، قبلت العرض فورا، لكنها أوقفته على شروط.
وقف الكل مشدوها عندما تحدثت إلى المحامي الترجمان، ونقلت له ما يكتوي في دواخلها، إذ بعفويتها المعهودة، أجابت بالإيجاب والقبول، ثم توقفت عند “لكن”!
شروط هنو أولماروش، نزلت قاسية كما قساوة الطبيعة في تنغير، وبدت كأنها جبال من الأثقال، تنوء بها المناضلة التي بلغ صيتها مناطق القبائل الجزائرية، وأصبحت عمودا ضمن أعمدة تنسيقيات الحركات الأمازيغية.
مهر من ثلاثة شروط، كان هو مقابل الزواج بمارسيل خليفة، الشرط الأول، مطلب عجز عن تحقيقه الوزير الرباح ومن سبقه في وزارة التجهيز، حينما طالبت بشق طريق معبد إلى دوارها. وانسحب الشرط الثاني إلى ما فشل فيه الوزراء المتعاقبون على وزارة التربية والتعليم، وهو بناء مدرسة لجمع شمل الأطفال وتلقينهم ما حرمت منه هنو وقريناتها. أما الثالث، فكان مطلبا عموميا بدوره، وانصب على فشل السياسة الحكومية في بناء المستوصفات وتسييرها بالمناطق النائية، إذ اشترطت أن يشيد مارسيل خليفة مستوصفا صحيا للاهتمام بصحة أبناء منطقتها ومسنيها وبالولادات وغيرها كثير مما يقض مضجع الأهالي ويكبدهم رحلات في مسالك وعرة.
انفض الجمع بابتسامات تشيد بالمرأة، إلا أنه لم يجب عن مطالب هنو، وهو ضمن ما عبر عنه مارسيل بالقول: وجدت أشياء في مناطق نائية بالمغرب عذبتني كثيرا…