تواجه اقتصادات دول الخليج التي عانت لسنوات من تدني أسعار النفط سيفا ذي حدين مع إمكانية اندلاع نزاع مع إيران قد يؤدي إلى ارتفاع ثمن الذهب السود بسبب احتمال عرقلة حركة تصدير النفط.
وقد يؤدي اندلاع حرب بين واشنطن وطهران بعد اغتيال الجنرال الإيراني البارز قاسم سليماني بغارة أميركية في العراق، إلى استهداف منشآت نفطية في دول الخليج التي يضم العديد منها قواعد عسكرية أميركية، بما في ذلك الأسطول الأميركي الخامس في البحرين.
ويرى مراقبون أن اندلاع نزاع من هذا النوع قد يرفع أسعار النفط لتصل إلى أكثر من مئة دولار للبرميل، ولكن قد يؤدي ايضا إلى عرقلة كبرى لصادرات النفط حال قامت إيران بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي الذي يشكل شريانا رئيسيا لإمدادات النفط العالمية.
وقال ام أر راغو نائب الرئيس التنفيذي في إدارة الأبحاث المنشورة في المركز المالي الكويتي لوكالة فرانس برس، “مع تعهد إيران برد انتقامي، هناك خطر متزايد من هجمات تستهدف المنشآت النفطية وأهداف اخرى” في دول الخليج ما يؤدي إلى أسعار نفط مرتفعة.
ولكن بحسب راغو فإن “ارتفاع أسعار النفط قد لا يعني ارتفاعا في العائدات لأن أكثر من 20 بالمئة من إمدادات النفط العالمية يتم نقلها عبر مضيق هرمز الذي هددت إيران بإغلاقه في سبتمبر الماضي”.
وخلال الأشهر الماضية، تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران من جهة أخرى، بعد سلسلة هجمات على ناقلات نفط ومنشآت نفطية اتّهمت إيران بالوقوف خلفها، ما أثار مخاوف حول إمدادات النفط العالمية.
وأدت ضربة غير مسبوقة ضد مجموعة أرامكو النفطية العملاقة في شرق المملكة في سبتمبر الماضي، أدّت إلى تراجع إنتاجها غلى حوالى النصف لأيام.
وقالت واشنطن إنّ إيران هي التي شنت الهجوم، رغم تبنّيه من جانب المتمردين الحوثيين في اليمن الذين تقاتلهم السعودية والإمارات على رأس تحالف عسكري منذ مارس 2015.
ومن شأن عرقلة جديدة كبرى لإمدادات النفط العالمية بسبب انخفاض الانتاج وانخفاض الإيرادات، التسبب بشل الاقتصادات الإقليمية التي تعتمد على النفط.
– نظرة قاتمة-
منذ عام 2014، تسبب انهيار أسعار النفط بخسارة اقتصادات الخليج مئات المليارات من الدولارات.
وعانت دول الخليج بزعامة السعودية اكبر مصدر للنفط بالعالم، من عجز مستمر في الميزانية وانخفاض في النمو الاقتصادي وتدفق الاستثمارات الأجنبية الذي دفعها إلى اللجوء للاقتراض الداخلي والخارجي.
وفي اكتوبر الماضي، خفض صندوق النقد الدولي توقّعاته للنمو الاقتصادي في الخليج في 2019 إلى 0,7% مقابل 2,0 بالمئة العام السابق. وتوقع الصندوق أن ينمو الاقتصاد السعودي بنسبة 0,2 بالمئة فقط بسبب انخفاض أسعار النفط وتخفيض الانتاج والتوترات الجيوسياسية.
وتشكل إيرادات النفط والغاز 70 بالمئة على الأقل من الإيرادات العامة لدول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية والإمارات وقطر وسلطنة عمان والكويت والبحرين).
وتوقعت مؤسسة “كابيتال ايكونوميكس” المالية الاستشارية أنه في حال نجحت طهران في إغلاق مضيق هرمز فإن سعر “برميل النفط الخام سيقفز إلى 150 دولارا للبرميل”.
ولكنها أشارت إلى أن تأثير هذا على الدول الاخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “سيعتمد في نهاية الأمر على انخراطها بشكل مباشر في الصراع”.
واعتبر المحلل في بنك الإمارات دبي الوطني إدوارد بيل أنه نظرا للمتغيرات فإنه من الصعب تحديد توقعات النفط. ولكنه استبعد أن تتجاوز أسعار النفط مئة دولار للبرميل الواحد.
وأكد لفرانس برس أن الاحتمال الأكثر ترجيحا هو “الانتقال من نطاق (سعر) بين 60 إلى 70 دولار للبرميل الواحد إلى 70-80 دولار للبرميل”.
وتملك بعض دول الخليج خاصة السعودية والإمارات طرقا بديلة لتصدير النفط في البحر الأحمر وبحر العرب، بينما تقع سلطنة عمان خارج مضيق هرمز.
وهاجم المتمردون الحوثيون في اليمن ماي الماضي خط الأنابيب شرق-غرب في السعودية الذي تصل قدرته الانتاجية إلى خمسة ملايين برميل يوميا، ما أدى إلى توقف العمل فيه لعدة أيام.
ومن جهته، يرى المحلل الاقتصادي السعودي فضل البوعينين أن اندلاع حرب بين الولايات المتحدة وايران سي
وقال لوكالة فرانس برس أن “أي قيود على قدرة دول الخليج على تصدير النفط ستؤدي إلى انخفاض في نموها الاقتصادي..وهذا أمر لن يعوضه ارتفاع أسعار النفط “.
والإثنين، اعتبرت وكالة التصنيف “ستاندرد اند بورز” في بيان أن “أي تصعيد سيتم احتوائه” نظرا للمخاطر الاقتصادية، مشيرة أن تقييمها للدول الخليجية “يأخذ بعين الاعتبار بالفعل مستوى معين من مستوى التقلبات الجيوسياسية الإقليمية”.