عزّزت الصّين الإثنين القيود على التنقّل، سعيًا منها إلى كبح انتشار فيروس كورونا الجديد الذي خلّف 80 وفاة، بينما تستعدّ فرنسا والولايات المتّحدة لإجلاء رعاياهما من المنطقة الخاضعة للحجر الصحّي.
وارتفعت حصيلة الوفيّات في الصّين جرّاء الفيروس إلى 80، بعد تسجيل 24 حالة وفاة إضافيّة في مقاطعة هوبي في وسط البلاد، بحسب ما أعلنت السلطات المحلّية الإثنين. كذلك، ارتفع العدد الإجماليّ للإصابات المؤكّدة إلى 2744 في كلّ أنحاء الصّين، استنادًا إلى إحصاءات الحكومة المركزيّة.
وأعلن المدير العام لمنظّمة الصحّة العالميّة تيدروس أدهانوم غيبريسوس أنّه توجّه الأحد إلى الصين لإجراء محادثات مع السلطات تتعلّق بالفيروس.
وزار رئيس الوزراء الصينيّ لي كه تشيانغ، الإثنين مدينة ووهان، بؤرة فيروس كورونا المستجدّ الذي أصيب به أكثر من 2700 شخص في أنحاء الصين، بحسب ما أعلنت الحكومة.
وظهر رئيس الوزراء في صوَر رسميّة، مرتديًا معطفًا بلاستيكيًا أزرق وقناعًا باللون نفسه، خلال زيارةٍ له إلى مدينة ووهان تهدف إلى “التحقيق وتوجيه” جهود السُلطات لاحتواء الفيروس. وهذه هي الزيارة الأولى لمسؤول كبير في النظام الشيوعي للمدينة منذ بدء الوباء.
وعزلت الصّين مقاطعة هوبي التي يتفشّى فيها المرض الفيروسيّ، في عمليّة غير مسبوقة تؤثّر في عشرات ملايين السكّان.
وأعلن مسؤولون كبار في القطاع الصحّي الصيني الأحد أنّ “قدرة تفشّي الفيروس تعزّزت” حتى وإن لم يَبدُ “بشدّة السارس” وهو نوع آخر من فيروس كورونا أودى بحياة المئات مطلع الألفيّة الثالثة.
وأقرّ الرئيس الصيني شي جينبينغ مساء السبت بأنّ الوضع “خطِر”، محذّراً من “تسارع” انتشار الوباء الذي ظهر في ديسمبر في ووهان بوَسط البلاد.
وتخضع ووهان ومنطقتها لحجر صحّي منذ الخميس، بهدف الوقاية من انتشار المرض. في المجمل، ثمّة 56 مليون شخص قُطِعوا عن العالم.
وفي ووهان التي أصبحت مدينة أشباح، تذيع مكبّرات صوت رسالةً تدعو السكان للذهاب إلى المستشفى بلا تأخير إذا كانوا يشعرون بأنّهم ليسوا بخير.
وتقول الرسالة “ووهان لا تخشى مواجهة المحن. لا تسمعوا الشائعات، لا تنشروا الشائعات”، فيما يشكك البعض في الحصيلة التي تعطيها السلطات.
80 وفاة و2744 إصابة
بحسب الأرقام الصادرة الإثنين، سُجّلت في الصين 2744 إصابة و80 حالة وفاة جرّاء الفيروس.
وقال رئيس بلديّة ووهان إنّه يتوقّع تسجيل نحو ألف إصابة أخرى، بناء على عدد مرضى المستشفيات الذين لم يخضعوا بعد لاختبار التثبّت من الفيروس.
وسُجّلت إصابات بالفيروس في أوروبا وأستراليا. وأُعلِن الاشتباه بإصابة شخص في كندا.
في الولايات المتحدة، حيث تأكّدت خمس إصابات الأحد، أَعلنت واشنطن تنظيم مغادرة موظفيها الدبلوماسيين ورعاياها العالقين في ووهان.
وفي واشنطن، قالت نانسي ميسونيه المسؤولة عن الأمراض التنفسية في مركز مراقبة الأمراض والوقاية منها “نتوقع تأكيد حالات أخرى”، مشيرة إلى أن 100 مريض يخضعون لفحوص.
وتتواصل دول أخرى مع بكين لإجلاء رعاياها، ولا سيّما فرنسا. وثمة 500 فرنسي يقطنون في ووهان.
والأحد أعلنت وزيرة الصحة الفرنسية أنّ فرنسا ستعيد “أواسط الأسبوع المقبل” رعاياها الموجودين في ووهان إلى وطنهم عبر “رحلات جوية مباشرة”، وسيوضعون في حجر صحي 14 يوما.
وأشارت المجموعة الفرنسية لصناعة السيارات “بي اس اه” التي تملك فرعاً في ووهان، إلى أن موظفيها يمكن أن يُنقلوا إلى شانغشا على بعد أكثر من 300 كلم نحو الجنوب.
معدل الوفايات بالفيروس منخفض
وتشير الدراسات حول الإصابات الأولى إلى أن معدل الوفيات جراء الفيروس ضئيل جداً.
ويعتبر البروفسور الفرنسي يازدان يازدانبانا وهو خبير لدى منظمة الصحة العالمية ويتكفّل بعلاج مصابين بالفيروس في فرنسا، أن معدّل الوفيات “هو حتى الآن أقلّ من 5%”.
وكان معدّل وفيات فيروس “سارس” (متلازمة الالتهابات التنفسية الحادّة) أحد أنواع فيروسات كورونا الذي بدأ أيضاً في الصين في عامي 2002 و2003، 9,5%.
وبالنسبة إلى الخبير في الأمراض المعدية في جامعة ووهان غوي شيين، فإن عدد الإصابات يمكن أن يبلغ “ذروته” نحو الثامن من فبراير، قبل أن يبدأ بالتراجع.
وقال لصحيفة “الشعب” إنّ “عدد المصابين الجُدد حاليًا يرتفع يومياً، لكن ذلك يجب ألا يستغرق وقتًا طويلاً قبل أن يصل إلى ذروته”.
في المستشفيات، ورغم التشنّج والفوضى العارمة، يحافظ بعض السكان على الهدوء.
إلى ذلك، قرّرت الحكومة الصينية تعليق الرحلات المنظّمة من الصين وإليها، اعتباراً من الإثنين، في قرار قد يُوجّه ضربة للتجارة في مدن على غرار باريس، وهي وجهة سياحية مهمّة للصينيين. وسُجّلت إصابات بالفيروس في ستّ دول آسيوية.
من جهتها، فرضت مقاطعة غوانغدونغ (جنوب) وهي الأكثر اكتظاظاً بالسكان (110 ملايين نسمة) ارتداء أقنعة واقية لمنع تفشي الفيروس. وارتداء الأقنعة إلزامي في ووهان ومقاطعة جيانغشي (وسط) وكذلك في مدن كبيرة عدّة.