تفعيلا لاتفاقية التوأمة والتعاون الموقعة سنة 1999 بين محكمة النقض بالمملكة المغربية والمحكمة العليا والمجلس العام للسلطة القضائية بالمملكة الاسبانية، تحتضن مدينة مراكش أشغال اللقاء المغربي الاسباني السابع يومي 3-4 فبراير 2020 بالمجمع الإداري والثقافي محمد السادس لوزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية.
وعبر الرئيس الأول لمحكمة النقض الأستاذ “مصطفى فارس” في كلمة ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية عن اعتزازه بمرور 20 سنة على التعاون وروح الإخاء بين الهيئتين القضائيتين وهما يستقبلان اللقاء السابع بكل ما يقتضيه ذلك من احتفاء وما تستوجبه المسؤولية من وقفة للتأمل والتقييم.
وفي هذا السياق، أشاد “مصطفى فارس” بالخطوات الجبارة التي تم قطعها على درب التعاون والعمل المشترك، نظموا خلالها العديد من اللقاءات وتمت مناقشة الكثير من المواضيع التي تكتسي أهمية وطنية وإقليمية ودولية ذات ارتباط بمجالات الأسرة والمعاملات المدنية والقضايا الجنائية والإدارية ومنازعات الشغل وقضايا الاستثمار والتجارة والبيئة والإعلام وإشكاليات استقلال السلطة القضائية وغيرها، حيث أسفرت عن رصيد هام من التوصيات والآليات التي تفتقت عن تجربة وحنكة قضاة أفذاذ من الجانبين الاسباني والمغربي زاوجوا بين الاحترافية والقراءة المقاصدية للنصوص والرؤى الاستشرافية للحلول والمآلات والإحساس الكبير بضرورة تحقيق العدل وأهمية الوصول إلى الأمن القضائي والإجابة على انتظارات المتقاضين ،مؤكدا على أهمية الارتقاء بهذه الآلية إلى شراكة قوية بين المؤسستين وفق برنامج عمل مكثف ورؤية واضحة بأهداف محددة لتطوير العدالة بالبلدين وإيجاد حل ملائم للإشكاليات التي تفرضها حركية الإنسان والأفكار ورؤوس الأموال بين الضفتين.
وأضاف نفس المتحدث، أن العالم يتغير بشكل يصعب على أي مؤسسة لوحدها أن تسايره سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وأخلاقيا بفعل الآثار المتسارعة للثورات الإعلامية والتكنولوجية والبيولوجية، مما يجعل الجميع ملزمين معا جنبا إلى جنب بإعادة النظر في آليات الاشتغال وتطوير العلاقات الثنائية وتكثيفها في المرحلة المقبلة.
وقال “فارس” في نفس السياق، أن هذا اللقاء فرصة لفهم سليم للنصوص التشريعية والاجتهاد القضائي في البلدين من خلال تدارس مواضيع واقعية يعيشونها معا بشكل يومي سواء في مجال القانون المدني والتجاري أو الجنائي أو الاجتماعي أو في مجال تدبير إكراهات عمل السلطة القضائية بكل مؤسساتها ومكوناتها، منوها بكل من ساهم في الاختيار الموفق لمحاور هذا اللقاء المتميز التي تختزل أهم القضايا المعاصرة التي تشغل جميع المهتمين والفاعلين في الشأن القضائي العالمي والأورومتوسطي والإفريقي.
وختم “فارس” كلامه بالقول إن الجميع أصبح يعاني من آثار الجرائم المرتكبة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي يزيغ بها البعض عن أهدافها الخيرة الايجابية إلى خلق عواصف إجرامية مدمرة تصيب فئات المجتمع على اختلاف مراتبها ومواقعها وصفاتها، فضلا عن الإشكاليات التي تطرحها العدالة البيئية في مختلف المجالات وتستدعي منا إيجاد الضمانات القانونية والقضائية الكافية لحماية المتعاملين بها، كما يبقى موضوع الكفالة والتبني الدولي من المواضيع الأسرية المحورية المتطورة التي يجب وضع تصور موحد بشأنها بالنظر لحجم الجاليات والمواطنين المقيمين بالبلدين وبالنظر لمتطلبات الخصوصية وشروط الاندماج، ومناسبة لإبراز أوجه التقارب بين النظامين واقتراح حلولا تشكل أرضية لتطوير النصوص التشريعية والاجتهاد القضائي، كما أن الأرقام الرسمية تبرز التطور الهام لحجم المبادلات التجارية بين الشركات المغربية والاسبانية والمنحى التصاعدي لمعدلات الواردات والصادرات بين البلدين وهو ما يجعل من اللازم مواكبتها قضائيا وقانونيا من خلال البحث في مختلف الضمانات التي تشجع هذه الاستثمارات وتحسن مناخ الأعمال وبما يكفل أيضا حقوق الجميع ومنهم العمال الموسميون الذين يعدون بالآلاف بحثا عن تطوير قدراتهم المهنية وأوضاعهم الاجتماعية ويسعون إلى ممارسة كل حقوقهم في إطار من الضمانات التي تصون كرامتهم، مؤكدا أن هذا اللقاء السابع بمدينة مراكش سيكون محطة تاريخية مرجعية للتعبير فيها عن الرغبة في ترسيخ الصداقة والرفع من التعاون إلى مستوى شراكة كاملة نموذجية مبنية على الثقة والاحترام المتبادل تساهم فعليا في دعم علاقات مؤسساتية مثمرة ومتنوعة تعكس حقيقة روابط البلدين المتينة.