قال قاض بريطاني إن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي أمر بخطف ابنتيه وكان العقل المدبر وراء حملة تخويف لزوجته السابقة، في حكم من المرجح أن يكون ضربة قاصمة لصورة الشيخ محمد كمصلح في الشرق الأوسط.
وقال القاضي آندرو ماكفارلاين إنه يعتبر سلسلة من المزاعم التي قالتها الزوجة السابقة الأميرة هيا بنت الحسين (45 عاما)، وهي الأخت غير الشقيقة للعاهل الأردني الملك عبد الله، حقائق مثبته وذلك خلال معركة قانونية على الحضانة لطفليهما بالمحكمة العليا في لندن.
وفرت الأميرة هيا إلى لندن في 15 أبريل العام الماضي مع طفليها الجليلة (12 عاما) وزايد (8 أعوام) خوفا على سلامتها وسط شكوك في أنها كانت على علاقة بأحد حراسها البريطانيين.
وقال محاموها إن معاملة الشيخ محمد لابنتيه الأكبر من زواج سابق أظهرت أن طفليها معرضان أيضا لخطر الخطف.
وفي إطار المعركة القانونية للحصول على الحضانة بعد ذلك، قام القاضي ماكفارلاين، رئيس محكمة الأسرة في انجلترا وويلز، بإجراء سلسلة من ”تقصي الحقائق“ عن المزاعم التي قالتها الأميرة هيا خلال جلسات الاستماع على مدى الأشهر التسعة الماضية.
وقال القاضي إنه قبِل زعمها الذي قالت فيه إن الشيخ محمد رتب لخطف ابنته شمسة، التي كانت وقتها في الثامنة عشرة من عمرها، من شوارع كمبريدج في وسط انجلترا عام 2000 وأعادها جوا إلى دبي.
كما أضاف أن من المثبت أن الشيخ رتب أيضا لخطف لطيفة الشقيقة الصغرى لشمسة من على متن قارب في المياه الدولية المقابلة للهند على يد قوات هندية في 2018 وأعادها للإمارة من ثاني محاولة لها للهرب.
وقال ماكفارلاين إنهما بقيتا هناك ”محرومتان من حريتيهما“.
وبعد إعلان الحكم يوم الخميس قال الشيخ محمد إنه يقدم فقط ”جانبا واحدا من القصة“.
وأضاف الشيخ محمد في بيان أصدره محاموه ”بصفتي رئيسا للحكومة، لم أتمكن من المشاركة في عملية تقصي الحقائق التي قامت بها المحكمة.. وأدى ذلك لإصدار حكم ’تقصي حقائق‘ يخبر بالضرورة جانبا واحدا من القصة“.
وقال إن قرارا يسمح بنشر الأحكام لا يصب في صالح حماية أبنائه ”من التغطية الإعلامية، وهي الحماية التي يتمتع بها الأطفال الآخرون في قضايا الأسرة في بريطانيا“.
* ترهيب
في الأحكام التي نشرت يوم الخميس قبِل ماكفارلاين أيضا أن الشيخ محمد عرض الأميرة هيا لحملة من التخويف جعلتها تخشى على حياتها.
وأضاف القاضي أن الشيخ الذي تزوج من هيا في 2004، طلقها في الذكرى العشرين لوفاة والدها الملك حسين وهو توقيت قالت إن اختياره كان متعمدا.
وقال ماكفارلاين ”خلصت إلى أن الأم دعمت قضيتها فيما يتعلق بما قالته عما حدث، فيما عدا استثناءات محدودة“.
ولم يحضر الشيخ محمد بن راشد (70 عاما)، الذي يشغل أيضا منصبي نائب رئيس الإمارات ورئيس الوزراء جلسات المحاكمة، وأمر محاميه بعدم تقديم دفوع مضادة للادعاءات التي يقولون إنه يرفضها.
ولا يرقى الحكم إلى حد اعتباره جريمة جنائية لكنه سيوجه على الأرجح ضربة لسمعة الشيخ محمد الذي يُنظر إليه عالميا على أنه صاحب الرؤية والقوة الدافعة وراء القفزة التي شهدتها دبي على الساحة الدولية.
وردا على سؤال عما إذا كانت هذه التطورات ستؤثر على العلاقات التجارية للمملكة المتحدة مع دبي قال وزير الخارجية البريطاني دومنيك راب لرويترز في الرياض ”سنبحث الأمر بعناية فائقة قبل القفز إلى أي استنتاجات“.
ولمح محامو الأميرة هيا إلى أن وزارة الخارجية البريطانة تدخلت لعرقلة تحقيق للشرطة بشأن اختفاء شمسة وقال ماكفارلاين إن المحقق المسؤول عن التحقيق منع من مقابلة شهود محتملين في دبي.
لكن القاضي أضاف بأنه لم يتسن التأكد بشكل قاطع من أن هناك تدخلا مباشرا من وزارة الخارجية بطلب من الشيخ محمد أو دبي.
وكان القاضي قد خلص إلى هذه الاستنتاجات في ديسمبر كانون الأول لكن الحكم خرج إلى العلن بعد رفع القيود المفروضة على إعلانه في أعقاب حكم المحكمة العليا البريطانية الذي صدر في وقت سابق برفض طلب الشيخ محمد بالاستئناف على قرار الإعلان.
وقال ماكفارلاين إن المزاعم التي أوردتها الأميرة هيا عن خطف وتعذيب شمسة ولطيفة والتهديدات التي وجهت إليها ثبت صحتها ما عدا زعمها ببحث مسألة زواج الجليلة بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وكان القاضي قد أصدر في يوليو أمرا مؤقتا بحماية الجليلة من الزواج القسري بناء على مخاوف الأميرة هيا لكنه قال إن هذا الأمر استند فقط إلى أقاويل.
وتزوج الشيخ محمد بالأميرة هيا التي يعتقد أنها الزوجة السادسة، عام 2004. وقال ماكفارلاين في حكمه إنه في فترة ما من عام 2017 أو 2018 كانت على علاقة بأحد حراسها الشخصيين وتدهورت علاقتها بزوجها أوائل عام 2019 عندما غادرت دبي.
وقال محامي الشيخ محمد للمحكمة إن هيا أغلقت الحسابات المصرفية للطفلين وسحبت نحو 32 مليون دولار قبل وصولها إلى بريطانيا.
وحضرت الأميرة هيا كل جلسات القضية بصحبة فريقها القانوني الذي ضم فيونا شاكلتون التي مثلت ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز في قضية طلاقه من زوجته الأولى الراحلة الأميرة ديانا.
وقدمت الأميرة هيا شخصيا الأدلة على مزاعمها في نوفمبر تشرين الثاني وأبلغت ماكفارلاين بأنها تخشى أن يختطف الشيخ محمد طفليها ويعيدهما إلى الإمارات وهو ما يعني أنها لن تراهما أبدا.
وقالت ”رأيت ما حدث لأختيهما ولا أستطيع أن أواجه حقيقة حدوث نفس الشيء لهما“.