حالة من الهيستريا والفزع غير المبرر، والسلوكيات غير الرشيدة عمت ، أمس الجمعة، داخل المتاجر الكبرى بالمغرب، حيث تم إفراغ الأروقة الخاصة بالمنتجات الغذائية الأساسية من السلع من طرف مواطنين دفع بهم الخوف إلى استباق إعلان محتمل عن نفاذها بفعل جائحة كورونا.
وذلك، رغم أن وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، وفي إطار تتبعها حالة تموين السوق الوطنية بالمواد الأكثر استهلاكا للحيلولة دون حدوث أي اضطرابات محتملة مرتبطة بفيروس كورونا المستجد، أكدت، في بيان لها، أن العرض كاف لتلبية جميع احتياجات استهلاك الأسر، بما في ذلك احتياجات شهر رمضان الذي يتميز بارتفاع مستوى الاستهلاك.
كما أن الوزير مولاي حفيظ العلمي كان قد طمأن، في عرض قدمه أمام أنظار المجلس الحكومي الأخير، المغاربة، قائلا إن “سلاسل التموين الصناعية لا تتوقع اضطرابات مهمة على المدى القريب، حيث يتم تأمين مسالك بديلة من طرف الفاعلين”.
وكشف الوزير عن اتخاذ عدة تدابير بهذا الشأن، ووضع آليات لليقظة والتتبع اليومي، وإيجاد الحلول لأي تأثير ممكن لفيروس كورونا المستجد على سلاسل التموين والأسواق في قطاعي الصناعة والتجارة، مشددا على أن وضعية التموين المحلي لا تدعو إلى القلق، وداعيا إلى تحسيس التجار بمسؤولياتهم بشأن هذا الوضع.
ومع كل هذه التطمينات، فإن عددا من المستهلكين المغاربة، الذين أصيبوا بنوبة فزع نتيجة الإشاعات والأخبار الزائفة التي بدأت تنتشر كالنار في الهشيم، تسارعوا، ودون هوادة، إلى التزود وملء خزاناتهم بكميات كبيرة من المواد الغذائية.
لم يفلتوا شئيا، من قناني الماء من مختلف الأحجام والحليب والزبادي والجبن والسكر والشاي والخبز والقطاني والدقيق، وحتى منتجات أخرى كورق المطبخ والورق الصحي والصابون والمعقمات من مختلف الأنواع.
جبال من المشتريات، بالكاد تمكن المبتاعون من دفع عربات التسوق، بعدما حاول كل منهم شراء أقصى ما يمكن من المواد الغذائية وغيرها من مستلزمات البيت، محاولا تقليص مدة تجوله بكل رواق.
متسوقون يبدون في سباق مع الزمن، وفي عجلة من أمرهم، كما هو الحال بالنسبة لسعيد. ب، الذي أكد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه بعدما رأى صورا لصفوف انتظار طويلة أمام شبابيك الأداء بالمتاجر الكبرى على شبكات التواصل الاجتماعي، توجه نحو أحدها بالدار البيضاء رفقة عائلته الصغيرة، للتزود بما يحتاجه تحسبا لأي طارئ محتمل.
وذكر، هذا الرجل الأربعيني والأب لشاب في الواحدة والعشرين من عمره، أنه “قررنا، زوجتي وابني وأنا، أن يقود كل واحد منا عربة، لنضمن وجود السلع بالأروقة، ولربح الوقت، حتى نستطيع أن نمر بسهولة إلى شباك الأداء”.
ومن جهتها، عبرت نادية.ل عن قلقها من هذه الوضعية، قائلة إن “هذه الوضعية يمكن أن تتعقد، إذا ما واصل فيروس كورونا انتشاره بالمغرب وبباقي بلدان العالم، وخاصة تلك القريبة من المملكة”.
وأضافت ” في مشترياتي، كنت حريصة على اختيار المواد الضرورية، وخاصة تلك التي لها تاريخ صلاحية طويل”.
وعلى ما يبدو، فإن جزء معتبرا من المستهلكين أبان عن سلوك مماثل، متأثرين بظاهرة ” الدليل الاجتماعي”، التي تقول بأن شخصا مترددا في الخوض في موضوع معين، ينتهي باتباع ما قام به الآخرون في اختياراته وقراراته.
ومع ذلك، فإن مثل هذه السلوكات تصبح غير مقبولة، في ظل البيان الذي عممته الوزارة، حيث أكدت على توفر العرض الكافي من المنتجات الغذائية الأكثر استهلاكا من طرف المواطنين، واستيفاء حاجيات الأسر لما بعد شهر رمضان الكريم.
ولمواجهة هذه الظرفية المرتبطة بتداعيات فيروس “كورونا” في المغرب، قامت الوزارة بإحداث لجنة لليقظة الاستراتيجية تجتمع كل يومين لاتخاذ التدابير اللازمة، ووضع آليات لليقظة والتتبع اليومي مهمتها تحديد واقتراح، بشراكة مع الفيدراليات، الحلول لأي تأثير ممكن لفيروس كورونا المستجد على سلاسل التموين والأسواق، خاصة المنتجات الأكثر استهلاكا كالسكر والحليب والشاي والزيوت الغذائية والزبدة لضمان عدم نفاذها.
حقيقة واحدة مؤكدة، أنه إذا ما استمر هذا التهافت الكبير على المتاجر الكبرى، سيكون هناك تأثير سلبي على السوق، كارتفاع الأسعار وظهور الاحتكار والمنافسة غير الشريفة بين الموردين.
ولهذا دعت الوزارة التجار إلى ضمان حالة استقرار في تموين الأسواق الوطنية، في احترام تام للقوانين المعمول بها في هذا المجال، علاوة على وضع شبابيك المستهلك والبوابة الالكترونية “خدمة المستهلك” رهن إشارة المستهلكين لتلقي ومعالجة الشكايات ذات الصلة بتموين الأسواق وجودة المنتجات المعروضة للبيع.
ومن جهة أخرى، فإن اتخاذ قرار بتعليق كافة الرحلات الجوية والبحرية ونقل المسافرين، وحتى إشعار آخر، نحو عدة وجهات أوروبية، منها ألمانيا وهولندا وبلجيكا والبرتغال وفرنسا وإسبانيا، خلق بدوره حالة من الرعب لدى فئات من المغاربة، ما قد يفسر هذا الإقبال الكبير على التزود بالمؤن، في انتظار ما ستتجه إليه الأمور في المستقبل.