ظلت القراءة على مر العصور، ثقافة يومية ترافق الإنسان في أشد الصعاب، حيث يزداد الإقبال على الكتاب لتبديد المشاعر السلبية.
وتتيح الظرفية الحالية التي تعيشها معظم دول العالم من جراء تفشي فيروس كوفيد-19، فرصة ذهبية لإعادة التعود على القراءة وجعلها طقسا يوميا عند عموم الناس صغارا وكبارا، بالنظر لفوائد هذه الممارسة الحضارية بامتياز.
وتخول فرصة الجلوس في المنزل لمختلف الفئات العمرية وللتلاميذ بعد الانتهاء من صفوف الدراسة عبر منصات التعليم الإلكتروني عن بعد، متعة حقيقية للسفر في عوالم وثقافات مختلفة من خلال الإنكباب على القراءة اليومية للقصص والحكايات والكتب.
وقالت فتيحة عبد الله ناقدة أدبية، ورئيسة الشبكة الوطنية للقراءة والثقافة في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إنه “في ظل مكوث قسري في البيت، وفي ظل وقت فراغ طويل في مساحة ضيقة… وفي ظل مشاعر خوف من عدوى فيروس قاتل، وإعلان حالة الطوارئ الصحية… تبقى القراءة هي الحل لتجاوز كل ذلك، واتقاء كل الوساوس، وتحقيق منفعة مؤكدة، ومتعة مضمونة، تخفف المعاناة النفسية من وضعية الأسر غير المعتادة، والعزلة الاضطرارية”.
وأضافت أن الفرصة مثالية لممارسة القراءة، وتعود الصبر عليها، والشعور بمتعتها وفوائدها الجمة، حيث تعتبر القراءة وسيلة ناجعة لتوجيه الوقت الراكد ودفع الملل، وتغذية الفكر وتنشيط العقل وقت الهلع والرعب. إنها مضاد حيوي للقلق والاكتئاب وتقوية للمناعة، وتنفيس من غصة الرعب الذي يثيره تواتر الأخبار السيئة.
وأكدت الناقدة الأدبية، أن القراءة تشغل الإنسان عن التفرغ لهذا السيل من الأخبار التي تنهال عليه، من كل وسائط الاعلام والاتصال، حتى أضحى بسببها فريسة للوساوس والكوابيس المزعجة التي تقتله بالتقسيط وتزكي هلعه من الموت المتربص به، مشيرة إلى أن القراءة يجب أن تنصب على حكمة الكون في الكتب الخالدة، وفي الإنجازات الباهرة، وفي الحلول الممكنة لهناء الإنسان وسعادته.
واعتبرت رئيسة الشبكة الوطنية للقراءة والثقافة، أن كل هذه القراءات تحاكي حياة الإنسان وتلبي حاجة لديه، وبذلك تمكنه من فسحة أمل، ودرس للوجود، فينتعش ويسهو عن واقع الخوف الذي يتملكه من فيروس يتهدده.
ومن جهتها، اعتبرت إلهام سلامتي، كاتبة، في تصريح مماثل أن القراءة في الوقت الحالي، “فرصة لإعادة اكتشاف الذات، وإعادة توزيع الحيز الزمني الذي تشكل وسط المغريات وأمام هبات العصر، التي أغدقت على الإنسانية الكثير من الممارسات الهوجاء”.
وأضافت أن الظرف موات للتأمل ورفع الحصار عن العقول والأرواح، لتؤكد أن الكتابة والإبداع تتطلب من الإنسان أن يكون قارئا نهما، لأن القراءة تفتح أمامه عالما سحريا من الأحداث، وتجعله يسافر حول العالم دون أن يبارح مكانه، حيث تظل القراءة فرصة لتصحيح المسار والعودة إليها، باعتبارها السبيل إلى التحرر والخلاص من عبودية الجهل ومن وطأة الملل والضجر.
وتبقى القراءة شعلة منيرة في هذه الظرفية العصيبة التي تمر منها مختلف شعوب ودول العالم، لبعث الأمل والتفاؤل بالخير في