كورونا في ألمانيا.. لهذه الأسباب بقي معدل الوفيات منخفضاً

يواصل العالم جهوده الحثيثة للسيطرة على انتشار فيروس كورونا وبرغم أن عدد الإصابات في ألمانيا يضعها في المركز الرابع عالمياً، إلا أن عدد الوفيات منخفض نسبياً مقارنة بالدول الأخرى. فما هي الأسباب؟

يستمر فيروس كورونا في حبس أنفاس العالم، حيث يتابع الجميع الأرقام الرسمية اليومية ويترقب تصريحات المسؤولين أملاً في انحسار الموجة وعودة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً. وفي الأيام الماضية اتخذت ألمانيا إجراءات مشددة للحد من انتشار عدوى كورونا، وفي مقدمتها حظر التجمعات العامة لأكثر من شخصين والتشديد على ابتعاد المسافات بين الأشخاص في الأماكن العامة.

لكن رغم كل الجهود المبذولة من الدول التي أصابها فيروس كورونا، تأتي الأخبار بما لا يدعو للتفاؤل. ففي إيطاليا وصل عدد الإصابات حسب أخر إحصائيات جامعة “جونز هوبكنز” الأمريكية إلى 59.138 ألف حالة، منها 5.476 حالة وفاة. أما في أسبانيا فيُقدر عدد الإصابات الإجمالية بـ 28.768 ألف حالة، توفي منها 1.772 شخصاً. وفي فرنسا توجد حتى الآن 16.018 حالة، توفت منها 764. (جميع الأرقام من جامعة “جونز هوبكنز” بتاريخ تحديث منتصف ليلة 23 مارس2020).

التعرف على المرض مبكراً
ويُرجع عدد من الخبراء السبب إلى أن ألمانيا مازالت في المرحلة المبكرة لانتشار المرض بالإضافة إلى صغر سن عدد المصابين مقارنة بالدول الأخرى. ففي ألمانيا يقول معهد روبرت كوخ إن نسبة 80 بالمئة من إجمالي المصابين تقل أعمارهم عن ستين عاماً.

كما أشارت “فاينانشال تايمز” نقلاً عن خبراء أن الشباب الأصحاء الذين يصابون بكورونا يتعافون أسرع نسبياً من الأكبر سناً. يُضاف إلى ذلك قدرة ألمانيا على إجراء الفحوصات المبكرة على الحالات المشتبه فيها. في هذا السياق يقول لوتار فيلر، مدير معهد روبرت كوخ، إن المختبرات الألمانية تجري نحو 16 ألف فحص في الأسبوع، وهو رقم أكبر من الفحوصات الإجمالية التي قامت بها بعض الدول الأوروبية منذ بدء الأزمة.

كما أن وفرة المعامل والفحوصات ساعد ألمانيا في التعرف على المرض مبكراً وبالتالي اكتشافه في الأشخاص الذين لم تظهر عليهم أي أعراض، مما أدى إلى عزلهم وشفائهم قبل تطور المرض لديهم.

أحدث الأجهزة والمعدات الطبية
حتى قبل أزمة كورونا تفوقت ألمانيا أوروبياً في عدد أجهزة التنفس الصناعي وعدد الأماكن المتاحة بأقسام العناية المركزة في المستشفيات. ففي حين يوجد بفرنسا سبعة آلاف مكان، يوجد في إيطاليا خمسة آلاف وفي بريطانيا أربعة آلاف فقط في هذه الأقسام وذلك طبقاً لما ذكرته محطة ntv الإخبارية. في المقابل يتوفر في ألمانيا حوالي خمسة وعشرين ألف سرير مع أجهزة تنفس صناعي في أقسام العناية المركزة.

غير أن ألمانيا لم تكتف بذلك، حيث أعلنت عن مضاعفة أماكن الرعاية المركزة والأجهزة في المستشفيات لمعالجة الحالات الحرجة، بالإضافة إلى استخدام بعض الفنادق والصالات الرياضية كأماكن للعلاج إذا دعت الضرورة لذلك.

أرقام غير معروفة بعد
يُرجح بعض الخبراء الإيطاليين سبب انخفاض أرقام الوفيات في ألمانيا إلى عدم إجراء فحوصات على من توفوا في الحجر الصحي. وبحسب ما نشرته محطة n-tv فإن السلطات الألمانية لا تجري فحوصات على وفيات الحجر المنزلي، وبالتالي لا يدخل هؤلاء الأشخاص في الإحصائيات الرسمية. إلا أن معهد روبرت كوخ لا يرى ضرورة لإجراء هذه الفحوصات بعد الوفاة بحسب n-tv.

وبالرغم من هذا النجاح النسبي يحذر الخبراء من الإفراط في التفاؤل إزاء تطورات الفيروس في ألمانيا. وفي هذا السياق يشير الطبيب وعالم الفيروسات هانز غيورغ كرويسليش في جامعة “هايدلبيرغ” إلى أن ألمانيا مازالت في المرحلة المبكرة من انتشار المرض. ويضيف كرويسليش في تصريحات لـ “فاينانشال تايمز” بالقول: “أغلب الإصابات ظهرت في الأسبوعين الماضيين، على الأرجح سنرى زيادة كبيرة في عدد الإصابات وبالتالي الوفيات في الأسابيع المقبلة”.

كما نقلت محطة n-tv عن خبراء قلقهم من تصاعد أعداد الوفيات معانتقال العدوى إلى من هم أكبر سناً في الفترة المقبلة.

لكن ما يميز ألمانيا عن الدول الأخرى هو استعدادها المبكر، حيث صرح “لوتار فيلر” مدير معهد روبرت كوخ لـ”فاينانشال تايمز”: “مازلنا في البداية، أي لدينا الوقت لاتخاذ كافة الإجراءات لضمان علاج الحالات الحرجة في الوقت المناسب”.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة