في سياق جهودها المتواصلة على قدم وساق لإحتواء إنتشار العدوى والتقليل أكثر ما يمكن من الخسائر البشرية المرعبة، اقتنت مؤخرا الحكومة الإسبانية التي يقودها بيدرو سانشيز، من الصين معدات طبية تتجلى في 9000 وحدة مخصصة للإختبار السريع للكشف عن حالات الإصابات المؤكدة بفيروس (كورونا) القاتل من عدم وجودها في أوساط عموم المواطنين الإسبان والمقيمين الأجانب.
غير أن معظم المختبرات الإسبانية ذات المصداقية والسمعة المهنية في مجال تخصصها، كشفت في خلاصاتها العلنية أن هذه المعدات الطبية الصينية “عديمة الفعالية” بشكل علمي ملحوظ، ولا تقدم المساعدة الملموسة لجهود التعاطي الناجع مع هذا الظرف الوبائي الطارئ وغير المسبوق في تاريخ إسبانيا والبشرية.
وتوضح هذه الخلاصات، التي نشرتها المختبرات الإسبانية المعنية بالموضوع على نطاق واسع، أن “نسبة دقة تلك الوحدات المقتناة والمخصصة تحديدا للإختبار السريع للكشف عن الإصابات المؤكدة بالفيروس (كوفيد 19)، لا تتجاوز بالكاد 30 %، بينما المؤمل في تلك الإختبارات أن تفوق نسبة دقتها 80 %”.
هذه المعطيات التي كشفتها صحيفة (إلباييس) واسعة الإنتشار في الساعات المتأخرة من ليلة أمس الأربعاء (25 مارس 2020) على موقعها الإلكتروني، وخصصت لها مساحة كبيرة في عددها الورقي لنهار اليوم الخميس (26 مارس 2020)، تحولت إلى مادة خبرية من الدرجة الأولى في معظم إذاعات وتلفزيونات البلد منذ الساعات الأولى لصباح اليوم، وأشعلت مواقع التواصل الإجتماعي وبخاصة موقع التغريدات (تويتر) بالتعليقات اللاذعة لأداء حكومة بيدرو سانشيز، وذلك بسبب حساسية الظرفية الصحية بالبلاد التي تعاني الأمرين من جراء جائحة (كوفيد 19).
وبالنظر لخطورة هذه القضية في سياقها الوبائي الخطير وتصاعد وتيرة عداد القتلى والإصابات المؤكدة بالفيروس في مختلف مساحات خريطة إسبانيا، لم يسلم وزير الصحة، سلفادور إيا، من مطرقة مساءلة الفرق البرلمانية خلال “لجنة المتابعة” التي اجتمعت نهار اليوم الخميس.
ومع ارتفاع نسبة التفاعل المؤسساتي والشعبي مع موضوع على درجة عالية من الحساسية والتأثير المباشر على الأمن الصحي القومي الإسباني، خرجت سفارة جمهورية الصين الشعبية المعتمدة في العاصمة مدريد عن “صمتها” إزاء هذا النقاش حول “سمعة ومصداقية صناعتها ومنتوجاتها الطبية”.
وفي هذا الإطار، حملت السفارة الصينية “الحكومة الإسبانية المسؤولية الكاملة في إقتناء تلك الوحدات المخصصة للإختبارات من شركة (BioEsay)، الغير مرخص لها من الحكومة الصينية”.
وبسبب كل هذا التراشق الذي حصل حول معدات كشف الإصابات المؤكدة بالفيروس الفتاك وغير المرئي، فلن يكون أمام وزارة الصحة الإسبانية سوى إعادة هاته السلعة “الفاسدة” لأصحابها الصينيين.
وبحسب آخر إحصاءات، سجلت إسبانيا 655 وفاة جديدة بالفيروس في يوم واحد، ليصل إجمالي الوفيات إلى 4089 من بين أزيد من 56 ألف إصابة.
وتعيش البلاد حاليا واحدة من أحلك لحظاتها في تاريخها الحديث، ولا سيما مع ارتفاع عدد القتلى يوميا، لتصبح إسبانيا في موقع متقدم بالمقارنة مع إيطاليا في انتشار الوباء.
يحدث كل ذلك في الجارة الإيبيرية، في وقت تسلم فيه المغرب يوم 23 مارس الجاري، ما مجموعه 5000 كاشف لفيروس (كورونا) تبرعت بها الشركات الصينية العاملة في المغرب والجالية الصينية المقيمة في المملكة.
نتمنى صادقين أن تتحقق وزارة الصحة المغربية من فاعلية هذه المعدات الكاشفة قبل الشروع في استعمالها حماية لصحة وسلامة المواطنين.
وحده “مختبر معهد باستور” من يملك الإجابة!