لم يمنع وباء “كوفيد 19” القضاء الجزائري من المضي في معاقبة نشطاء الحراك الشعبي ضد النظام وصحافيين. إذ قضت محكمة، الاثنين، بالسجن النافذ سنة على معارض سياسي، بينما شخصيات أخرى معرضة لعقوبات فيما التظاهرات الاحتجاجية متوقفة.
ودين رئيس منظمة “تجمع عمل شباب” الداعمة للحراك، عبد الوهاب فرساوي، بالسجن النافذ سنة بتهمة “المساس بسلامة وحدة الوطن”. وترى منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان أن الحكم في الواقع يندرج في إطار القمع ضد الحراك.
وقال حكيم عداد، العضو المؤسس مع فرساوي للمنظمة وأمينها العام سابقا، لوكالة فرنس برس “السلطة تستغل الوباء العالمي لتصعيد القمع بعيدا عن الأنظار كما اعتادت على ذلك. سنستأنف الحكم”.
واعتبر عدّاد الذي سبق أن قضى ثلاثة أشهر في السجن بسبب نشاطه في الحراك، أن الحكم ضد فرساوي نطق به قضاة “في خدمة سلطة دكتاتورية عسكرية وبوليسية”.
وقالت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين إن الحكم الصادر “قاس”، و”التعسف القضائي مستمر ضد الناشطين والمعتقلين في هذه الفترة التي يوجد فيها المواطنون في الحجر”.
وتأسست لجنة الافراج عن المعتقلين صيف 2019 مع بداية توقيف ناشطين في الحراك الذي انطلق في 22 فبراير 2019.
وكان الادعاء العام طلب السجن سنتين لعبد الوهاب فرساوي خلال المحاكمة التي جرت يوم 23 مارس في محكمة سيدي امحمد بوسط العاصمة، دون حضور المواطنين، بسبب انتشار وباء كورونا المستجد.
وأنكر فرساوي التهمة الموجهة إليه، وقال إنها “تتناقض تماما مع تربيتي وأخلاقي ومع مبادىء ومساري النضالي لأكثر من عشرين سنة، وتتناقض أيضا مع أهداف الجمعية التي أترأسها (…) منذ تأسيسها سنة 1993”.
وختم مداخلته التي نشرت نصها منظمته بالقول “تمّ تحويل مسار الديموقراطية بعد أحداث أكتوبر 1988 (تظاهرات دامية)، وأتمنى ألا يتغير المسار أيضا بعد حراك 22 فبراير”.
وقرّر منظمو الاحتجاجات المتواصلة في الجزائر منذ أكثر من سنة وقفها تماشيا مع التدابير المتخذة للوقاية من فيروس كورونا المستجد.
وفرساوي (39 عاما) موجود في سجن الحراش بالضاحية الشرقية للعاصمة منذ توقيفه في 10 أكتوبر خلال مشاركته في تجمع أمام المحكمة لدعم ناشطين موقوفين.
وعبر نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيد صالحي عن”دهشته”. وقال لفرانس برس “كنا ننتظر على الأكثر حكما بستة أشهر يغطي فترة سجنه” الاحتياطي.
وتابع “هذا الحكم يؤكد قلقنا من خطر تصعيد القمع”.
ورغم أن الرئيس عبد المجيد تبون أصدر عفوا عن أكثر من خمسة آلاف سجين في إطار التدابير المتخذة لاحتواء الفيروس، إلا ان هذا الاجراء لم يشمل موقوفي الحراك الذين ينتظرون المحاكمة.
وفي ظل انتشار فيروس كورونا المستجد في الجزائر (152 وفاة من ضمن 1320 إصابة)، لم تتوقف الملاحقات القضائية.
ففي 29 مارس، تم توقيف الصحافي خالد درارني، مراسل منظمة “مراسلون بلا حدود”، بتهمة “التحريض على التجمهر غير المسلح والمساس بالوحدة الوطنية”. ولم يحدد تاريخ لمحاكمته بعد.
كما يوجد صحافيان آخران في السجن هما سفيان مراكشي وبلقاسم جير. لكن بالنسبة لوزير العدل بلقاسم زغماتي، لا علاقة لسجنهما بعملهما الصحافي.
أما المعارض كريم طابو، أحد رموز الحراك الذي يقضي أيضا عقوبة في السجن لمدة سنة، فقد تأجلت محاكمته في قضية ثانية بتهمة “المساس بالروح المعنوية للجيش” الى تاريخ 27 أبريل، بحسب ما ذكرت محاميته يمينة عليلي.
وهناك معتقلون آخرون من الحراك أقل شهرة. وذكرت آخر حصيلة للجنة الإفراج عن المعتقلين أن 44 شخصا موجودون حاليا في الاعتقال في السجون الجزائرية بتهم تتعلق بنشاطهم في الحراك.
وبالنسبة لسعيد صالحي، فإن المحاكمات القادمة ستعمل على “الحفاظ على شعلة الحراك، ولن تؤدي إلى تراجع التعبئة، بل على العكس من ذلك”.