يخرج الأطفال من منازلهم، للمرة الأولى، الأحد، بعد اضطرارهم إلى ملازمتها لستة أسابيع، وذلك بفضل تخفيف إجراءات الحجر الأشد في أوروبا، التي فرضت في 14 مارس، إثر التفشي السريع لفيروس كورونا المستجد في اسبانيا.
وبعد هذه الأسابيع، بدأ بعضهم صباحا الخروج إلى الشوارع الخالية، وكانوا برفقة أحد الوالدين، ويستخدمون دراجات صغيرة أو دراجات ثلاثية العجلات، لمن هم أصغر سنا أو حتى عربات أطفال.
وقال ميغيل لوبيز لوكالة فرانس برس، وهو والد طفلين يبلغان ستة وثلاثة أعوام ويعيش في أحد أحياء شمال-غرب مدريد، “خرجا لتوهما برفقة زوجتي. مجهزان، إذ يضع كل منهما القناع والقفازات. أردنا الاستفادة من الساعة الأولى لتخفيف الحظر لأنّ عددا أقل من الأشخاص سيكونون في الطرقات ولأنّ المطر قد يهطل لاحقاً”.
ويوضح ذو الأربعين عاما والموظف في شركة للإعلانات، “هذا الخروج مثل رحلة بالنسبة إليهما. إنّها أقصى متعة يعيشانها منذ شهر”.
في الاثناء، كان الفارو باريديس (سبعة أعوام) وشقيقه الأصغر خافيير (اربعة أعوام) لا يزالان في طور الاستعداد.
وقالت والدتهما انماكولادا باريديس، المهندسة ذات السنوات الـ47 وتقطن حي مونتي كرميلو المدريدي، “سنخرج بعد ساعة، إنّهما متحمسان جدا. استيقظا عند الساعة 6,30 صباحاً، وشرعا يهتفان +سنخرج، سنخرج+. اكتفينا بأن نشرح لهما القواعد الواجب اتباعها”.
ويسمح لمن هم دون الـ14 عاما، حاليا، بالخروج لساعة واحدة يوميا، بين التاسعة صباحا والتاسعة مساء، ولكن ضمن دائرة لا تتعدى المنزل بكيلومتر واحد، وبرفقة أحد الوالدين. ولن يكون بمقدور المرافق الخروج مع أكثر من ثلاثة أطفال.
– “حس سليم” –
كانت اسبانيا، الدولة الأكثر تضررا بتفشي الوباء، خلف الولايات المتحدة وإيطاليا، وسجّلت نحو 23 ألف وفاة، منعت خروج الأطفال منذ فرض الإغلاق العام منتصف مارس، خلافاً لبقية الدول الأوروبية.
ولقي هذا الإجراء انتقادات واسعة في البلاد، فيما شدد العديد من الخبراء على مخاطره المحتملة على صحة الأطفال الجسدية والنفسية.
غير أنّ الكشف عن التوجه إلى تخفيف القيود، الأسبوع الماضي، مثّل إخفاقا للحكومة.
ففي البداية كان القرار يقضي بالسماح للأطفال بمرافقة بالغ في المرات القليلة للخروج المتاحة أمامه، كالذهاب إلى السوبرماركت أو الصيدلية. وصارت النزهة متاحة بدروها بعد سيل الانتقادات الذي ووجه به القرار.
وتعتبر انماكولادا باريديس أنّ “الحس السليم يقول إنّ الأمر آمن للأطفال”، مضيفة “إذا كان بوسعي الذهاب إلى السوبرماركت، وهي مكان مغلق، فالتنزه سيكون أكثر أمانا”.
وبالنسبة إليها، كان بالمقدور تخفيف الإجراءات من قبل، ولكنّها تشير إلى أنّها تتفهم حذر السلطات. ويشاطرها ميغيل لوبيز الرأي نفسه.
ويقول إنّ “كثرا ظهروا غير مسؤولين بشكل فظيع”، مضيفا “هم أنفسهم الذين ذهبوا إلى منازلهم الريفية برغم التحذيرات كلها، كانوا سيجتاحون الشواطئ والحدائق العامة لو سمح للأطفال بالخروج في مرحلة ابكر”.
وتبدي انماكولادا اعتقادها بأنّه “ربما كان يمكن إقرار التخفيف قبل اليوم بقليل، ولكن صحيح أيضاً أنّ سكان اسبانيا ومدريد لم يكونوا مثالاً في التعامل” مع الأزمة.
وبمقدور من تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاماً، مغادرة المنزل، ولكن للدواعي نفسها المطبقة على البالغين، مثل الذهاب لشراء الغذاء أو إخراج الكلب.
وعلى غرار البالغين، فمن غير المتوقع أن يطول الوقت قبل السماح لهم بالتنزه أو ممارسة الرياضة. وسيكون ذلك بدءاً من 2 ماي في حال ظل تواصل تباطؤ وتيرة العدوى، وفق ما قال رئيس الوزراء بيدرو سانشيز مساء السبت.
وجرى تمديد الإغلاق حتى 9 ماي ضمناً. وتتطلع الحكومة إلى تخفيف قيوده تدريجاً.