المجلس الاقتصادي والاجتماعي يدعو إلى اعتماد سياسة عمومية للسلامة الصحية للأغذية

أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في رأيه حول موضوع السلامة الصحية للأغذية، على ضرورة تمكين البلاد من سياسة عمومية للسلامة الصحية للأغذية، وذلك قصد ضمان صحة المواطنين.

وفي رأيه المعنون “من أجل سياسة عمومية للسلامة الصحية للأغذية تتمحور حول حماية حقوق المستهلكين وتعزيز تنافسية مستدامة للمقاولة على الصعيدين الوطني والدولي”، اعتبر المجلس أنه قد حان الوقت ل”تغيير البراديغم المعمول به حاليا، وذلك بتمكين بلادنا من سياسة عمومية للسلامة الصحية للأغذية، قصد ضمان صحة المواطنين، من خلال جملة من التوصيات الاستراتيجية مقترنة بخارطة طريق مصاحبة لقيادة التغيير المنشود”.

ونقل بلاغ للمجلس، اليوم الخميس، أن الرأي يوصي بهذه السياسة “نظرا للمخاطر المرتبطة بغياب سلامة الأغذية، والتي تؤدي إلى تدمير القيمة الاقتصادية وهشاشة الساكنة التي تستهلك هذه الأغذية”.

ويقترح المجلس “الانتقال التدريجي من منظومة الحكامة الحالية القائمة على هيئات متعددة إلى منظومة مندمجة، وذلك من خلال اعتماد وكالة وطنية للسلامة الصحية للأغذية، تكون مستقلة وتحت إشراف رئيس الحكومة، وتتوفر على الوسائل والموارد الكافية لإجراء عمليات مراقبة السلامة الصحية”.

وحسب رأي المجلس، الذي ينطلق من وجود العديد من المؤسسات التي لا تتوفر على تراخيص صحية وتعرض منتجاتها في الأسواق معرضة صحة المستهلكين لمخاطر أكيدة وغير متحكم فيها، فإن الانتقال التدريجي من شأنه تحقيق تحول جذري في اختصاصات وموقع المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.

علاوة على ذلك، يقترح المجلس الفصل بين تقييم المخاطر وتدبيرها عن طريق إنشاء هيئة علمية مستقلة مهمتها الأساسية توفير رأي علمي من أجل ضمان استقلالية ونزاهة وحياد المعلومة المتعلقة بالسلامة الصحية للأغذية.

ولمواكبة التغيير المنشود، يوصي المجلس بوضع تدابير في مجال التواصل مخصصة لإعلام المستهلكين والفاعلين في السلسلة الغذائية، وكذا تحسين وتعميم آليات تأهيل القطاعات الغذائية.

وأضاف البلاغ أن رأي المجلس يؤكد على ضرورة تحسين الشروط الصحية في القطاع الغذائي غير المنظم بهدف إدماجه في القطاع المنظم، وتحويل المستهلك إلى “مستهلك فاعل”. كما دعا المجلس إلى تعزيز دور جمعيات حماية المستهلكين، وتطوير الإمكانات التي توفرها الرقمنة، بشكل كبير، من أجل تحسين السلامة الصحية للأغذية، وتعزيز البحث والتطوير، والتحكم في استخذام المدخلات الكيميائية والأسمدة ومبيدات الأفات الزراعية للحد من تأثيرها على البيئة وعلى صحة المستهلكين.

وفي هذا الصدد، يسجل المصدر نفسه أن مبيدات الآفات، على أهميتها، “لا يتم التحكم في استعمالها بالقدر الكافي طبقا للمعايير المعتمدة”، وبالتالي فهي “تشكل خطر مؤكدا على الصحة والبيئة، وتساهم في تدهور الموارد المائية والنظم الإيكولوجية الطبيعية”.

ووفقا للمجلس، يمكن تفسير هذه الوضعية، على وجه الخصوص، بغياب سياسة عمومية متكاملة لسلامة الأغذية، “مما يؤدي إلى العديد من الاختلالات في ما يتعلق بتعدد المتدخلين وتداخل الاختصاصات، وهيمنة القطاع غير المنظم، وانخفاض مستوى متطلبات المستهلكين، وكذا بمحدودية الأدوار المنوطة بالجمعيات المدافعة عن حقوق المستهلك”.

فضلا عن ذلك، ذكر المجلس بأن الولوج إلى تغذية آمنة ومغذية يعتبر حقا كونيا، كرسه دستور المملكة المغربية لسنة 2011، وقد جرى تعزيزه من خلال الالتزامات القوية التي اتخذها المغرب في إطار الاتفاقيات الثنائية الدولية.

وأشاد المجلس بالتقدم “الكبير” الذي تم إحرازه على مستوى السلامة الصحية للأغذية منذ سنة 2009، مع اعتماد القانون 08 -25 القاضي بإحداث المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، والقانون 07 – 28 حول السلامة الصحية للمنتجات الغذائية، والقانون 08 – 31 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك.

وتابع المجلس أن ذلك هو ما جعل اليوم نظام السلامة الصحية للأغذية يتيح للمنتجات المغربية إمكانية اختراق “الأسواق العالمية” التي يصعب الولوج إليها، مؤكدا على أن التقدم المحرز “غير كاف”.

ويهدف رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى تحديد السبل الممكنة للنهوض الشامل بالسلامة الصحية للأغذية بالمغرب، عن طريق اقتراح حلول واقعية ومستدامة تتلاءم والاكراهات التي تواجه المهنيين والسلطات المختصة المكلفة بالحكامة في هذا المجال.

وبحسب المصدر نفسه، من شأن هذه المقترحات ضمان دعم تنافسية الاقتصاد المغربي واندماجه في الاقتصاد العالمي والجهوي.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة