استأنفت بعض الصحف الورقية المغربية الصدور، بعد توقف دام لأكثر من شهرين، بقرار من وزير الثقافة والشباب والرياضة السابق، الحسين عبيابة، القاضي بوقف طباعة وتوزيع الصحف لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) في 22 مارس الماضي.
ولاحظ القراء القلائل، الذين يداومون على قراءة الصحف، خاصة في المنطقة الثانية، غياب جل الصحف الورقية عن الأكشاك، حيث لم تستأنف الصدور سوى أربع صحف صادرة عن مؤسستين فقط، “إيكو ميديا”، التي تصدر يوميتي الصباح بالعربية، وليكونميست بالفرنسية، و”ماروك سوار”، التي تصدر الصحراء المغربية بالعربية، ولومتان بالفرنسية، إضافة إلى أسبوعيتي تيل كيل (بالعربي والفرنسية) في عدد خاص عن الراحل عبد الرحمن اليوسفي.
وفضل جل الناشرين التريث في استئناف إصدار الصحف في غياب الشروط للوصول إلى القارئ، خاصة أن جل الصحف تعاني من أزمة مالية، في ظل ضعف القراءة في المغرب، وعدم الإقبال على اقتناء الصحف، وضعف سوق الإشهار، وغلاء الورق والطباعة والتوزيع، ما يضاعف من الأزمة ويعمقها، في حال الصدور من جديد، في ظل هذا الظرف.
وفي هذا الصدد، طمأنت بهية العمراني، الصحافية ومديرة نشر أسبوعية “لوروبورتير”، القراء، ووعدتهم باستئناف باقي الصحف الصدور قريبا، مع الرفع النهائي للحجر الصحي.
وقالت بهية العمراني، المراسلة الصحافية سابقا لـ”بي بي سي” و”جون أفريك”، إن الصحف المغربية تعاني أصلا من أزمة مالية، وتعمقت هذه الأزمة مع تفشي وباء كورونا (كوفيد 19)، واستئناف الصدور في غياب شروط موضوعية لعرض وبيع الصحف سيقضي عليها نهائيا.
وتساءلت العمراني، في تصريح لـ”إحاطة.ما” عن من سيقتني هذه الصحف، في حال استئناف الصدور، في ظل الحجر الصحي، وحالة الطوارئ، ولزوم المواطنين منازلهم، وقلة الأكشاك.
وأشارت إلى أن الصحف التي استأنفت الصدور، بدورها، لم تسحب إلا عددا قليلا من النسخ، وعيا من أصحابها بهذه الظروف، ومن باب المنطق الذي يتضح للعيان، وهو من سيقتني الجرائد في ظل الحجر الصحي.
وأوضحت العمراني أن التكلفة المالية لإصدار صحيفة ورقية مكلفة، في الظرف العادي، فبالأحرى في ظرف طارئ مثل الذي يعيشه العالم، والغرب، جراء انتشار الوباء، وفي غياب نقط البيع بشكل كامل، وفي ظل إغلاق المقاهي، التي تساهم بـ20 في المائة من مبيعات الصحف خاصة اليومية، هذا ناهيك عن الصحف التي كانت تقتنيها الخطوط الملكية المغربية، والاشتراكات الأخرى سواء مع المؤسسات والمقاولات أو الأفراد.
وأضافت العمراني أن الصحف المغربية تعاني، أصلا، من الأزمة، وأن هذه الأزمة ستتفاقم في حال الصدور في ظل هذه الظروف، مشيرة إلى أن الصحافة الوطنية المغربية تحملت مسؤوليتها الوطنية، كباقي القطاعات الوطنية، باعتبارها مقاولات مواطنة، واستمرت في الصدور، عن طريق الانترنت لنقل المعلومة إلى القارئ في بيته، ومجانا.
وخلصت بهية العمراني إلى أن استئناف باقي الصحف، اليومية أو الأسبوعية، سيكون مباشرة بعد رفع الحجر الصحي وحالة الطوارئ بجميع مناطق المملكة، خاصة أن حجم المبيعات الأكثر هي بالمنطقة الأولى، التي يستمر فيها الحجر مثل الدار البيضاء والرباط.
وجدير بالإشارة إلى أن وزير الثقافة والشباب والرياضة، عثمان الفردوس، سبق أن أعلن في تدوينة له على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” عن استئناف صدور الصحف الورقية، حيث كتب “استجابة لرغبة ناشري الصحف والجرائد الورقية، وحاجتهم لاستئناف نشاط مقاولاتهم الصحافية”، فإنه “يمكن استئناف إصدار ونشر وتوزيع الطبعات الورقية، وذلك ابتداءً من يوم الثلاثاء 26 ماي 2020”.
وفيما شدد المسؤول المغربي على ضرورة “احترام الأبعاد والمعايير والتدابير الصحية الآمنة المعمول بها والمحددة من طرف السلطات العمومية المختصة”، رفض مجموعة من ناشري الصحف، وأيضا، شركة التوزيع، حينها، العودة للصدور، لغياب الشروط الموضوعية لذلك، قبل أن تصدر شركة التوزيع بلاغ تؤكد فيه إمكانية الصدور مجددا.
يذكر أن سوق الصحف الورقية في المغرب يعاني، منذ سنوات، جراء التراجع الكبير في المبيعات، نظرا لضعف المقروئية، وظهور منافس جديد، الصحافة الإلكترونية، إذ لا تتعدى مجموع مبيعات الصحف الورقية المغربية 150 ألف نسخة يوميا، بعدما كانت الصحيفة الواحدة تتجاوز هذا الرقم، في التسعينيات من القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة.