أقل ما يمكن أن يقال عن بلاغ حزب العدالة والتنمية حول “فضيحة” وزيرين في حكومة تترأسها إنه يزكي اللاقانون، ويشرع للفوضى في قطاع التشغيل، خاصة إذا كان الوزير المشرف على القطاع أول الخارقين لقانون الشغل، والوزير الثاني مكلف بحقوق الإنسان أول خارق لحق من هذه الحقوق هو الحق في الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية.
ففي الوقت الذي اعترف الحزب، الذي يدعي تبني التوجه “الإسلامي” بمخالفة قيادييه، الثنائي المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، ومحمد أمكراز، وزير الشغل، للقوانين لعدم تصريحهما بمستخدميهم بمكتبي المحاماة الخاصين بهما في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يؤكد، في المقابل، أنهما لم يخرقا قواعد النزاهة والشفافية المرتبطة بتدبير الشأن العام ومقتضيات تحملهما لمسؤولياتهما العمومية، وهل هناك من خرق لقواعد النزاهة والشفافية أكثر من حرمان مواطن بسيط مغلوب على أمره من الحق في الاستفادة من تقاعد بعد نهاية الخدمة أو من تغطية صحية تساعده على التغلب على مصاريف باهظة للفحص والعلاج، سواء بالنسبة له أو لأفراد أسرته، فبالأحرى حين يضطر لإجراء عملية جراحية؟
ورغم أن الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية التي اعترفت بالخطأ الفادح الذي ارتكبه الوزيران بغض النظر عن الظروف والملابسات التي حالت دون التصريح بالمستخدمين في المكتبين، واعتبر أن عدم التصريح بالمستخدمين مخالفة قانونية، ما دام التصريح بهم يبقى واجبا في الأصل على المشغل، فإنها حاولت تغطية الشمس بالغربال ومهاجمة منتقدي الوزيرين، و”استنكرت” الأمانة العامة، في بلاغها، بشدة، ما اعتبرته “محاولات ركوب البعض على الواقعتين من أجل شن حملة منهجية ومنسقة استهدافا للحزب ومحاولة للنيل منه ومن قياداته”، مؤكدة أن رصيد الحزب وممارسة مناضليه ممن يتولون مسؤوليات عمومية، “رصيد مشرف” ومعتبر يدعو لـ”الاعتزاز والافتخار”، فعن أي رصيد تتحدث وعن أي شرف وبماذا تفتخر، بوزيرين خرقا القانون، والافتخار بحرمان وزيرين لمستخدمين مغلوبين على أمرهم من حق من حقوقهم؟؟؟
بل الأكثر من هذا بدل أن تطالب العدالة والتنمية باستقالة الوزيرين من الحكومة، وإقالتهما من الحزب، عبرت الأمانة العامة للحزب عن تقديرها للعناية المادية الهامة التي شمل بها مصطفى الرميد الكاتبة المعنية، فهل هذه الكاتبة كانت في حاجة لصدقة الرميد أم كانت في حاجة لوضعية قانونية وراتب محترم وحقوق تعفيها من مد اليد وسعي الرميد ليتصدق عليها، وتأتي الأمانة العامة لتشهر بهذه الصدقة و”تمن”، في الوقت الذي كان من المفروض أن يغنيها تسجيلها في الضمان الاجتماعي عن صدقة مشغلها.
بل الأكثر من هذا فإن الأمانة العامة لحزب المصباح نوهت بمسارعة مكتب محمد أمكراز لتصحيح الوضعية وفق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل في مثل هذه الحالات، بتسجيل مستخدميه، بعد الفضيحة في الضمان الاجتماعي، نعم نوهت، ولا نعلم هل أدى مقابل سنوات طوال لهؤلاء المستخدمين أم تساهلت معه إدارة الصندوق باعتباره وزيرا، ولم تغرمه التأخير، وهنا سيصبح وزير الشغل سابقة يقتدى بها عن كل مخالف لقانون الشغل، وسيلجأ المخالفون للاستشهاد بهذه السابقة الخطيرة عند كل مخالفة، ويطالب بالمثل في إطار أن الكل سواسية أمام القانون، رغم أن هذه الفضيحة أظهرت أن بعض قادة العدالة والتنمية فوق القانون، وأن حزبهم يحميهم ويدافع عن زلاتهم وفضائحهم وعلانية وبلاغات رسمية ويشرع لها وذلك دون خجل بل مع “تخراج العينين”.