تحوَّل مدرب بايرن ميونيخ الألماني هانزي فليك من الظل إلى الأضواء بنجاحه الكبير مع النادي البافاري وقيادته إلى الثنائية المحلية (الدوري والكأس المحليان) ووضعه على بعد خطوتين من تكرار الثلاثية التاريخية لعام 2013 حيث يلاقي ليون الفرنسي الثلاثاء في نصف نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
منذ استلامه مهام الإدارة الفنية للنادي البافاري، في نوفمبر الماضي، لم يتوقف لاعبوه عن الإشادة بسماته ومؤهلاته وعقلانيته بعدما حول الفريق من محنة إلى ماكينة فتاكة.
يقول لاعب الوسط الدولي الفرنسي كورنتان توليسو “لقد غير الكثير من الأشياء”، مضيفا “لقد جلب جانبا تكتيكيا جديدا وعقليته أيضا، وهذا ما أحدث الفارق اليوم. لقد نجح في حل مشاكلنا بمجرد وصوله. إنه مدرب جيد يتحدث كثيرًا مع لاعبيه ويعطي الكثير من الثقة”.
وبدوره أشاد المهاجم توماس مولر الذي تعامل مع تسعة مدربين في مسيرته الاحترافية الطويلة في النادي، بفليك قائلا “لم يكن أسلوب لعبنا منظما بهذا الشكل الجيد منذ (الاسباني) بيب غوارديولا” الذي أشرف على تدريب النادي في الفترة بين 2013 و2016.
وأضاف “هانزي فليك كان دائما شخصا رائعا، ودائما واضحا جدا في كل ما يقوله لنا. لكنني لم أتوقع أن يكون لديه الحزمة الكاملة ليصبح مدربا لبايرن ميونيخ”.
– في ظل يواكيم لوف –
كانت القصة بالفعل غير متوقعة. عندما أُقيل (الكرواتي) نيكو كوفاتش في نوفمبر الماضي، كان فليك مساعده لمدة ثلاثة أشهر فقط، وفي سن الرابعة والخمسين، لم يكن أبدا مدربا أساسيا لأي فريق محترف.
اقتصرت خبرته على أعلى المستويات على ثماني سنوات قضاها كمساعد ليواكيم لوف في المنتخب الألماني، مع لقب بطل العالم 2014 في البرازيل.
عيِّن فليك في الوهلة الأولى مدربا بالوكالة وكان مقررا أن يبقى في منصبه لبضعة أيام فقط، وهو الوقت الذي كان ينوي فيه بايرن ميونيخ التعاقد مع مدرب نجم لخلافة كوفاتش. وقتها كانت علاقة الكرواتي سيئة باللاعبين داخل غرب الملابس، كما أن أسلوب النادي البافاري كانكارثيا بدون روح أو زخم.
ولكن بعد ثلاثة انتصارات، جددت إدارة النادي البافاري عقد مدربها المؤقت لمدة شهر، وبعدها بفترة قصيرة حتى نهاية الموسم، قبل أن تتخذ قرار التمديد له حتى عام 2023.
وكان الرئيس التنفيذي للنادي البافاري كارل هاينتس رومينيغه صرح هذا الأسبوع قائلا “يمكننا جميعا أن نكون سعداء باختيار هانزي فليك في نوفمبر الماضي وثقتنا به”، مضيفا “لقد أعاد إلينا هذه الثقة بمئة أضعاف. لقد جلب قيما مهمة للفريق وللنادي”.
قيم العمل والصرامة والحرية في اللعب، ولكن أيضا وقبل كل شيء، خارج الملعب، الهدوء والثقة المتبادلة. بسرعة كبيرة، تخلى عن المداورة التي كان يعتمدها سلفه ونجح في وضع تشكيلة أساسية نموذجية ترتكز على العناصر التي زعزعها كوفاتش من خلال إكثاره من مبدأ المداورة.
يقدّر اللاعبون هذه الرؤية التي تمنح الجميع إحساسا بالأمان، بما في ذلك البدلاء الذين يتحدث معهم فليك كثيرا وبصراحة.
– “الوصول إلى القمة” –
بعد أسابيع قليلة من تثبيته في منصبه، لخصت مجلة “كيكر” الأكثر شعبية في ألمانيا، الرأي العام: “في وقت قصير، أعاد المدرب المؤقت لبايرن هويته. عاد البافاريون للسيطرة مجددا: الكرة تتحرك، استعادوا السيطرة، والتحركات بين الخطوط تسير بشكل صحيح، والتحولات (من الدفاع الى الهجوم) مستهدفة. بات اللعب أكثر تنظيما”.
بهذه الصفات نجح فليك في التفوق على خصومه الذين واجههم: 7-1 في مجموع مباراتين ضد تشلسي الإنكليزي في الدور ثمن النهائي للمسابقة القارية العريقة (3-صفر ذهابا و4-1 إيابا)، و8-2 في مباراة واحدة ضد برشلونة الإسباني في الدور ربع النهائي!
في نصف النهائي أمام ليون، تحدث هانزي فليك الحكيم بنفس الاحترام، ولكن أيضا بنفس الثقة في فريقه كما في الدورين السابقين، وقال محذرا “المباراة القادمة تبدأ بنتيجة 0-0، لكننا أكثر تركيزا على هذه المباراة لتحقيق هدفنا: الوصول إلى القمة!”.
الفوز في المباراة النهائية سيقود بايرن ميونيخ إلى صد الثلاثية (الدوري والكأس المحليان ودوري أبطال أوروبا) للمرة الثانية في تاريخه، بعد عام 2013. وقتها كان المدرب يُدعى يوب هاينكيس. أصبح أسطورة في بافاريا، ولدى هانزي فليك كل شيء ليحذو حذوه.