أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون، مساء الأربعاء، في مقابلة تلفزيونية أجراها الرئيس الفرنسي، فرض حظر تجوال ليلي بدءاً من السبت (بين التاسعة مساء والسادسة صباحاً) في عدد من المدن الكبرى، عددها ثمانية، بينها باريس ومرسيليا وتولوز وروون وغرونوبل، بهدف مواجهة الموجة الوبائية الثانية لفيروس كورونا.
وقال في حواره إنّ “حظر التجوال سيستمر لأربعة أسابيع وسنذهب إلى البرلمان لتمديده حتى الأول من كانون الأول/ديسمبر. ستة أسابيع هي الفترة التي تبدو لنا مجدية”.
وأردف ماكرون بأن الاختلاف بين شهر نيسان/أبريل حين طبقنا الحجر الصحي الشامل، والآن هو أننا نحن تعلمنا الدرس. ولا جدال بأن الوضع الصحي في البلاد مقلق للغاية والقطاع الطبي وصل لمرحلة حرجة.
أهداف الحظر
وقال ماكرون إن الدولة تهدف من هذا الحجر ومن تحركها بالإجراءات الاحترازية كبح هذا الفيروس من أجل حماية أنفسنا أولا وخاصة الفئات الأكثر هشاشة وثانيا حماية الطواقم الطبية. فإن حميت نفسي فسأحمي الآخرين وهو ما سيقلص الحالات المصابة التي تحتاج للرعاية المركزة.
وشدد رئيس الجمهورية على أن المعني بهذه الإجراءات هو اللقاءات الكبيرة وحالات التواصل التي تنتشر فيها العدوى لذا فإن حظر التجول هو نوع من التباعد الاجتماعي مثلما حدث في إقليم غويان.
إذن بداية من التاسعة مساء ستغلق دور السينما والمطاعم والحانات وكل الأماكن غير الأساسية التي تستقبل أعدادا كبيرة من الناس.
تعويض اقتصادي
وأكد ماكرون أن الدولة ستتحمل جزءا كبيرا من أجور العاملين بهذه الأماكن بنسب تصل إلى 84 بالمئة من الأجر الصافي كما ستوفر الدولة قروضا لأصحاب الأنشطة المتضررة. وهي إجراءات إضافية تقوم بها الدولة لحماية الأنشطة الاقتصادية ودعمها وحمايتها في كل مدن حظر التجول.
الحريات الشخصية
وأضاف ماكرون في لقائه الذي أذيع على القناة الفرنسية الثانية بأن الأطفال في حاجة للمدارس وبلدنا في حاجة لذلك سنستمر في العمل بالمصانع وغيرها من المواقع الإنتاجية. من سيعملون بعد التاسعة سيحتاجون لتصاريح للتجول ومن سيخالف تلك الإجراءات سيكون هناك بحقه عقوبات وأعمال رقابية وغرامات تبلغ 135 يورو وفي حالة التكرار سيكون المبلغ كبيرا. ومن أجل ذلك ستتم تعبئة أفراد الشرطة المحلية للسهر على تطبيق تلك الإجراءات.
وناشد ماكرون المواطنين الفرنسيين حماية كبار السن والطواقم الطبية واحترام تلك التدابير الاحترازية. وأعرب عن أن أمله أن لا تجد الحكومة نفسها مضطرة لاتخاذ إجراءات أكثر قسوة.
وفي رده على سؤال إن كانت تلك التدابير تمثل صورة من معاملة الفرنسيين كأطفال، قال ماكرون إنه العكس تماما فهذا الأمر يجعلنا نعامل الفرنسيين كبالغين مسؤولين لا كالأطفال وكل جيراننا يقومون بنفس التدابير وخاصة ألمانيا.
قيود على التحرك؟
وذكر الرئيس الفرنسي أن وسائل النقل العامة لن يكون هناك قيود عليها حتى يستمر الناس في استخدامها، وأن الحكومة لن تحد من التحركات بين المناطق والأقاليم لكنها تطلب من الناس احترام القواعد وخاصة في العطلات وعطلة الخريف تحديدا ومناسبات التقاء العائلات. وشدد بقوله: نحن لن نضع قواعد على كل السلوكيات ولكن أطلب من الفرنسيين وضع الكمامات وحماية الآخرين والحفاظ على قواعد التباعد الاجتماعي.
وفي باقي المناطق التي لن يطبق فيها حظر التجول، قال ماكرون إننا سنحشد جهودنا من جديد ويجب احترام القواعد في كل مكان ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي وغسل اليدين وتهوية المنازل من ثلاث إلى أربع مرات يوميا. كما يجب احترام القاعدة السداسية التي طبقت في المطاعم، 6 أشخاص فقط على كل طاولة، في حياتنا الشخصية أيضا ويجب أن نستمر بتلك القاعدة ويجب على كل المواطنين تطبيق هذه القواعد.
وذكر بأنه يعلم أن من الصعب للشباب فهم هذا الوضع وهذا أمر واضح لنا، فهم يقدمون بلا شك تضحيات غالية. فقد ألغيت امتحاناتهم وهم يخشون على مستقبلهم ويخشون من عدم الحصول على دورات تدريبية ولكننا في الجامعات وغيرها أنشأنا مراكز للتدريب كما سنعوض أرباب العمل لتوظيف هؤلاء الشباب، لكنني أطلب من الجميع في الشهور القادمة أن يحترموا هذه القواعد. وقال نحن في حاجة لفرض حظر التجول في هذه المناطق التي ينتشر فيها الفيروس بسرعة كبيرة وبحاجة لإشراك المسؤولين المحليين في هذه التدابير وفي طرق تطبيقها.
العمل عن بعد
وذكر أن علينا أن نعمل أيا كان قطاع العمل. والعمل عن بعد هو أداة إذا استخدمناها بذكاء يجب أن تكون فعالة مع الأخذ في الحسبان شروط مكان المعيشة. وقال إن الحكومة تشجع على العمل عن بعد من يومين إلى ثلاثة في الأسبوع لتقليص أشكال التواصل غير المفيدة ولكن هذا لا يعني أن نتنازل عن حياتنا الاجتماعية.
لذا، أعلن ماكرون، سنغير الاستراتيجية في الأسابيع الستة القادمة والهدف هو تقليل الإصابات اليومية إلى رقم 5000 أو 6000 حالة، وسنلجأ لأشكال جديدة من اختبارات الفيروس تشجع عليها منظمة الصحة العالمية، كاختبار المضادات الجينية الذي يعطي نتائج في ظرف 15 دقيقة وسنعممه على الصيدليات وغيرها من المواقع الطبية. وسنقدم سبل أخرى مثل الاختبارات في المنازل عن طريق اللعاب.
سياسة الإخطار والتأهب
وأشار الرئيس الفرنسي أنه من المهم في هذه الفترة الحرجة تطبيق سياسة الإخطار، فكل شخص وقع فريسة هذا المرض عليه أن يخطر من هم في محيطه ليتخذوا الإجراءات اللازمة. وأعلم أن تطبيقات الهاتف المحمول لم تكن فعالة لذلك سنعمل تطبيقا جديدا أسميناه “كلنا ضد كوفيد” به كل المعلومات اللازمة عن مراكز الاختبارات وغيرها وعندما نلتقي سنشغل التطبيق لتتبع بؤر الإصابات وتتبع الفيروس.
وفي نهاية لقائه قال ماكرون نحن أمة واحدة وكل فرد عليه أن يقوم بدوره وسنخرج من هذه المحنة أكثر صمودا وقوة لأننا سنكون أكثر اتحادا.
الحالة العامة لمرض كوفيد-19 في فرنسا
وسجلت فرنسا 22591 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا اليوم الأربعاء، وهي المرة الثالثة في ستة أيام التي يتجاوز فيها العدد اليومي عتبة 20 ألفا. وأودى الفيروس بحياة أكثر من 32 ألف شخص في البلاد.
وتمنح حالة الطوارئ المسؤولين سلطات أكبر لفرض قيود جديدة. وسبق أن أعلنت الحكومة الفرنسية حالة الطوارئ في مجال الصحة العامة في مارس آذار الماضي، عندما اقترب معدل دخول المستشفيات بسبب الجائحة من ذروته.
وفي ذلك الوقت، استخدمت السلطات سلطاتها الإضافية لأمر الناس بالبقاء في المنزل باستثناء العمل الأساسي أو شراء الطعام أو ممارسة الرياضة لمدة ساعة واحدة يوميا.