وجه نائب رئيس اتحاد كتاب المغرب، الكاتب والشاعر عبد الدين حمروش رسالة إلى رئيس الاتحاد، يطرح فيها الوضع المأساوي الذي آل إليه هذا الإطار الذي جمع ولسنوات كتاب المغرب، وكان صوتا لهم ولكل الديمقراطيين اتلمغاربة، قبل أن يصبح إطارا فارغا من المختوى يعيش فراغا، وصراعات بين أعضائه، وفي ما يلي نص الرسالة..
إلى السيد رئيس اتحاد كتاب المغرب السابق
(الأخ عبد الرحيم العلام)
(أستميح الأصدقاء، الواقعيين والافتراضيين، في العودة إلى اتحاد كُتّاب المغرب مرة أخرى. هذه العودة، أريدها أن تكون أخوية، لا أن تكون تنظيمية. وأرجو من الأصدقاء، الذين أفترض مشاركتهم بالتعليق، عدم الإساءة إلى “الاتحاد” وإلى أي من أعضائه الكُتّاب. نحن لا نتعدى، هنا، عرض وجهة نظرنا. وبذلك، اعتذر عن حذف أي تعليق، فيه تجريح أو طعن أو تعريض).
الأخ عبد الرحيم العلام؛
لم يعد اللقاء بيننا مُمكنا منذ سنوات، لأسباب يعرفها عدد من أعضائنا الكُتّاب. كنت أرجو أن نفرغ من أمر “الاتحاد”، على رجاء أن نعود إلى رفاقيتنا وزمالتنا. غير خاف أنني اختلفت معك، جوهريا، في تدبير شؤون “الاتحاد”، وما أزال إلى اليوم. توقّعنا أن يكون عقد مؤتمر “الاتحاد”، في أقرب فرصة، بعد انزياح الجائحة، فرصة لانتخاب أعضاء مكتب تنفيذي جديد، بمن فيهم رئيسه. هكذا، كان التوقّع قريبا، خلال شهر أبريل الماضي، بعد الحصول على وعد الوزارة بتمويل أ شغال المؤتمر. في هذه الفترة الفارغة، بالذات، تفاجأت بحركتك الالتفافية المُعاكسة، عبر الدعوة إلى عقد لجنة تحضيرية أخرى، ومن ثمّ الدعوة إلى مؤتمر آخر. هل تستحق منظمة تثقافية، مثل اتحاد كُتاب المغرب، في وضعها السيء الحالي، كل هذا (التجرجير)؟
الأخ عبد الرحيم العلام؛
لقد استدعى قرارك الابتعاد عن شؤون “الاتحاد” تنويها خاصا، بحكم ما كان يمكن أن يفتحه من “كوة”، بجدار هذه المنظمة، في حينه. وبالمناسبة، لا ينبغي التغافل عن أننا في منظمة ثقافية، ولسنا في حزب أو نقابة، لكي يحصل ما يحصل من تنازع اليوم. ذلك أن من الاستبداد البيّن، أن يستفرد أي كاتب (مثقف) بتدبير منظمة ثقافية مدى الحياة. يعرف الجميع أنك قضيت “عمرا” في تدبير شؤون “الاتحاد”، مُتقلِّبا في جميع المسؤوليات، إلى أن وصلت إلى منصب الرئيس. 12 سنة في الرئاسة، وأزيد من 20 سنة في أجهزة “الاتحاد”َ، دون أن تفكر في ترك المسؤولية لكاتب آخر.
ما من شك في أنك تدرك استحالة إعادة تأهيل شخصك لـ “رئاسة الاتحاد” من جديد (وهذا هو المأزق الذي اعترفت به، ثم عدت عنه، اليوم، بشكل درامي). والمفارقة أن هذه الرئاسة لا تعدو الإشراف على منظمة ثقافية، ليس لها من إمكانات تُحسب (باستثناء مواقفها الثقافية). كل حديث عن الجزئيات التنظيمية، في هذه النقطة أو تلك، لا يمكن أن يتجاهل حقيقة انتهاء مسؤوليتك على رأس “الاتحاد”. رسالة استقالتك المنشورة، في وسائل الإعلام، كانت قرار الحِكمة، والاعتراف بالواقع. وضع حدّ لأكثر من عشرين سنة، داخل أجهزة الاتحاد، لا يمكن إلا أن يكون قرارا حكيما وعقلانيا.
الأخ عبد الرحيم العلام؛
إن دعوتك لاجتماع لجنة تحضيرية أخرى، بعد استقالتك منها كِتابة، منذ أكثر من سنة، دعوة باطلة بحكم الواقع والقانون. وفي السياق، أنت تعرف أن قرارات ما تبقى من المكتب التنفيذي، بعد انتهاء ولايته المستحقة في 2015، غير قانونية. وليس لي إلا أن أُذكِّر بِحُكْم القضاء، الذي قضت فيه المحكمة بإبطال قرار سحبك “عضوية” الكاتبة ليلى الشافعي. ونظير إبطال قرار سحب العضوية المذكور، يكون بطلان قرار الدعوة إلى عقد لجنة تحضيرية أخرى، على أنقاض لجنة تحضيرية ضمّت مختلف الأطراف الرئيسة (مُوثَّقة بالتقارير والمحاضر والبلاغات والبيانات، وقصاصات الإعلام، والصور، إلخ). والمفارقة أن بعض هؤلاء أو أولئك، ممن يُفترض حضورهم في لجنتك الجديدة، هم من حديثي العهد باتحاد الكتاب (بتعقيداته التنظيمية وما شابه). كما أن من بينهم، من لم يحصل على العضوية إلا خارج الولاية القانونية، أو من لم يحصل عليها بـ “محضر” اللجنة المخولة بذلك. ويعد هذا الخرق التنظيمي، بالنسبة لبعض أعضاء اللجنة الجديدة، تبعة من تبعات مؤتمر طنجة الفاشل.
الأخ عبد الرحيم العلام؛
لن ينتهي النقاش عن الجوانب التنظيمية في “الاتحاد”. ويمكن أن ننتظر زمنا طويلا ليبتّ القضاء في الأزمة التنظيمية الحالية، الناتجة عن تمديد الولاية القانونية الأخيرة ثلاث سنوات أخرى (يعني صرنا بإزاء ولايتين في واحدة: من 2012 إلى 2018). ولو نجح مؤتمر طنجة، لغدونا بصدد ثلاث ولايات، دون احتساب ولاية الرئيس السابق عبد الحميد عقار. واليوم، ينادي المنادي إلى اجتماع جديد، من أجل الاستعداد لتمديد الولاية حتى 2024. هل هذا معقول؟ هل هذا هو ما يريده المجتمعون، من أعضاء اللجنة التحضيرية الجديدة، في اجتماعهم المقبل؟ هل تتحمل منظمة ثقافية عريقة مثل هذا؟
أختم بهذه العبارة: ليس هناك من “مخرج” غير ترك أجهزة “الاتحاد” لأعضاء جدد: أعضاء يفكرون في خلق أفق ثقافي جديد، وإلا فليواروا المنظمة الثرى غير نادمين. أرجو أن يتغلب منطق الحكمة على ما عداه. المسألة ليست شخصية، كما يصورها بعض من الكُتاب، بالانحياز إلى هذا والإعراض عن ذاك. الموضوع مسألة عقل، قناعة، حكمة وتجرد.
والسلام
الشاعر عبد الدين حمروش
نائب رئيس اتحاد كتّاب المغرب