كشفت الإحصائيات الأخيرة المتضمنة بالمذكـرة الخاصة بوقـع جائحة “كوفيـد- 19” عـلى الوضعية الاقتصادية للأسر المغربية والمذكرة الإخبارية بمناسبة اليوم الوطني للمرأة التي أصدرتهما المندوبية السامية للتخطيط، عن تراجع خطير في وضعية النساء بالمغرب، خاصة فيما يخص علاقتهن بسوق الشغل.
وأظهرت المذكرتان، ضعفا كبيرا في مشاركة النساء في النشاط الاقتصادي والتي لم يتجاوز معدلها 20,8% مقارنة بنفس المعدل عند الرجال الذي يبلغ 69,7% كما سجلت تراجعا خطيرا في معدل نشاط النساء خلال سنة فقط، حيث انتقل عدد النساء النشيطات المشتغلات من 2,6 مليون خلال الفصل الثاني من سنة 2019 إلى 2.4 مليون خلال نفس الفصل من سنة 2020.
وأوضحت المذكرتان، تأثيرا متفاوتا لجائحة كوفيد-19 على وضعية الرجال والنساء في سوق الشغل حيث أن %22 من النساء اللواتي كن في وضعية توقف عن العمل خلال جائحة كوفيد-19 فقدن عملهن وتحولن إلى وضعية بطالة مقابل 7% عند الرجال، بالإضافة الى هشاشة قوية ومتزايدة لوضعية النساء الاقتصادية ولنوعية المهن التي يمتهننها.
وعبرت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، بمناسبة صدور هذه الاحصائيات عن قلقها الشديد تجاه هذا التراجع الخطير لتواجد النساء في سوق الشغل وانخفاض معدل النشاط لديهن بنقطتين مئويتين وفقدانهن ل 230 ألف منصب خلال هذه السنة، وهو ما يُعَدُّ رقما مهولا يسجل في مدة قياسية، و تعتبر أن هذا الوضع انتكاسة حقيقية لحق النساء في العمل و الولوج إلى سوق الشغل وعرقلة كبيرة للاختيار الذي وضعه المغرب من أجل التمكين الاقتصادي للنساء وتحقيق المساواة التي كفلها الدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.
وأبرزت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، أنها تدرك تمام الإدراك، أن جائحة كوفيد 19 كان لها الاثر الكبير على فقدان العديد من المواطنين والمواطنات لمناصب شغلهم وشغلهن، إلا أنها تذكر، أنها أثارت الانتباه، من خلال عدة بلاغات سابقة، إلى أن النساء والفتيات هن الأكثر تضررا من الآثار السلبية للجائحة والأقل استفادة من التدابير المتخذة لتجاوز تبعاتها السلبية، كالدعم المخصص للمتضررين والمتضررات من آثار كوفيد-19، خاصة المتعلق بالتعويض عن فقدان الشغل خلال نفس الفترة، حيث لم يتجاوز معدل استفادة النساء 10% مقابل 35% لدى الرجال.
وفي هذا السياق، دعت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب الحكومة للتعامل مع آثار جائحة كوفيد-19 بمنطق يراعي التفاوت الكبير بين النساء والرجال وتذكرها بضرورة الانطلاق من مبدأ أن الاحتياجات المختلفة لدى الجنسين تتطلب تدابير مختلفة، كما تدعوها، بشكل خاص، إلى:
– مراعاة الوضعية الهشة للنساء في سوق الشغل، باعتبار أن أكثر من ثلث النساء النشيطات العاملات يشتغلن كعاملات أو عاملات يدويات في قطاع الفلاحة والغابة والصيد، حيث فقط 15% من النساء المشتغلات بهذا القطاع مصرح بهن في صندوق الضمان الاجتماعي (تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي 2018.)
– اتخاذ تدابير مستعجلة من أجل الولوج المتساوي إلى سوق العمل بين النساء والرجال، وحماية النساء من البطالة.
– إقرار قوانين أكثر فاعلية من أجل حماية النساء من التمييز المبني على الجنس والشطط والعنف والتحرش داخل أماكن الشغل ومن كل فعل أو سلوك قد يجبرهن على التخلي عن مصدر رزقهن، و تسريع المصادقة على الاتفاقية رقم 190 لمنظمة العمل الدولية ضد العنف والتحرش بأماكن العمل بهدف ضمان الحماية اللازمة للنساء.
– العمل على تعميم نظام الحماية الاجتماعية وتوسيعه ليشمل ربات البيوت تثمينا لاقتصاد الرعاية الذي يقمن به والذي يساهم ب34,5% من الناتج الداخلي الإجمالي للمغرب، حسب تقدير المندوبية السامية للتخطيط (البحث الوطني حول استعمال الزمن 2011- 2012 بالمغرب)
– العمل على توفير خدمات شاملة وبسيطة التكلفة لرعاية الأطفال من أجل تحرير وقت النساء وتخفيف الأعباء الكثيرة التي يتحملنها.
– ضرورة إقرار تدابير صارمة ومستعجلة للتفتيش والمراقبة من أجل إعمال قانون الشغل والقضاء على العمل غير المهيكل، خاصة ما يتعلق بحق العاملين والعاملات في التسجيل بالضمان الاجتماعي.