بمناسبة اليوم العالمي لداء السكري، يجيب طبيب الصحة العامة، المتخصص في الفيروسات والبكتيريا والأمراض المعدية، إدريس هدان، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن ثلاثة أسئلة حول دور وسائل التواصل الاجتماعي في التوعية بداء السكري والمخاطر المرتبطة بسوء الاستخدام، ومضاعفات الداء في ظل انتشار فيروس “كورنا”، ومستجدات البحث العلمي المرتبط بداء السكري.
1/ يلاحظ مؤخرا أن هناك انتشارا كبيرا للنصائح الطبية التي ت قدم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من بينها داء السكري، كيف تقييمون هذه المبادرات، وهل بإمكانها مساعدة الأطر الصحية على الحد من مضاعفات الداء ؟.
— إن ما تقدمه مواقع التواصل الاجتماعي حول العلاج من داء السكري قد يتسبب لهم بمضاعفات خطيرة، قد تصل حد الإنعاش، بالنظر إلى الأخطار التي يتعرض لها المرضى جراء تناولهم أعشاب طبيعية بطريقة عشوائية.
فالتوعية الصحية التي تمارس بشكل صحيح من قبل الأطباء وعلماء التغذية تساهم بشكل فعال في الوقاية من المرض، لكن عندما تمارس من طرف أشخاص غير مختصين في الوقاية والعلاج فإن ذلك يصنف في إطار “الشعوذة” و”التضليل”، الذي قد تكون له مضاعفات خطيرة على صحة المرضى.
فبعض المتخصصين في التغذية عندما يتحدثون في مجال اختصاصهم يكونون أكثر إفادة، لكن عندما يخوضون في تشخيص الأمراض وطرق علاجها، فإنهم يتيهون وقد يخطئون دون وعي بالمخاطر التي يمكن أن يتسببوا فيها للمرضى.
لذلك على رواد مواقع التواصل الاجتماعي التحقق من مصادر المعلومات الصحية، ولاسيما من التكوين العلمي لأصحابه.
2/ كونه يصنف ضمن خانة الأمراض المزمنة، من المؤكد أن المصاب بداء السكري هو أكثر عرضة للإصابة بفيروس “كورونا”، هل لمستم وعيا لدى المرضى بهذا الخطر ؟
— عانى الكثير من المصابين بالداء خلال هذه السنة من تداعيات الجائحة، فارتفاع نسبة السكر في الدم يشكل بيئة ملائمة لنشاط الفيروس، والسكري داء يزيد من الالتهابات ويضعف جهاز المناعة، وبالتالي فإنه من الصعب على المصابين الصمود أمام الفيروس.
فالدراسات والأبحاث العلمية أثبتت أن فترة العدوى والشفاء لدى مرضى السكري المصابين ب”كوفيد 19” قد تطول مقارنة بغيرهم، حيث أكد خبراء الصحة العالمية أن مرضى السكري الذين يعانون من ارتفاع مستويات السكر في الدم (أكثر من 180مج/دل) ومن مضاعفات أخرى كتصلب شرايين القلب والسمنة وارتفاع ضغط الدم والقصور الكلي، هم أكثر عرضة للخطر عند الإصابة بفيروس “كورونا”، وهم الأكثر عددا في الحالات الحرجة، ويشكلون ضعف نسبة الوفيات.
كما أن الأبحاث الجديدة بينت أن فيروس كورونا يمكن أن يسبب الإصابة بمرض السكري حيث أن بروتين “ACE-2” المستقبل للفيروس موجود أيضا، في الأعضاء التي تدير تحليل الغلوكوز، بما في ذلك البانكرياس والكبد والامعاء الدقيقة والكلي، حيث يمكن أن يؤخر بشدة معالجة ارتفاع نسبة السكر في الدم.
ولتفادي كل هذه المخاطر، ي نصح بضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية للوقاية من الفيروس، لكن للأسف يلاحظ أن العديد من هؤلاء المرضى غير واعين بهذه المخاطر، ولا يلتزمون بهذه التدابير الاحترازية بشكل دقيق.
وتشير الأبحاث المسجلة في المملكة المتحدة إلى أنه يتم تجربة عقار جديد مثبط للمناعة، يمكنه تقديم المساعدة للتغلب على آثار فيروس “كورونا” الذي يصيب مرضى السكري.
وخلص البحث ما قبل السريري، يوضح السيد هدان، الى أن منشط الجلوكوز كيناز (AZD1656) يقوم بتثبيط الاستجابة المفرطة للجهاز المناعي التي تكون حادة لدى المرضى الذين يعانون من ارتفاع مستويات السكر في الدم، مضيفا أن هذا العقار سيكون ذا أهمية كبيرة للمصابين بداء السكري الذين يعانون من الاعراض المبكرة لفيروس كوفيد19.
أما بخصوص داء السكري على المستوى الوطني، فإن المسح الوطني لعوامل الاختطار للامراض غير السارية (STEPWISE) ، لسنة 2018، بالمغرب أظهر أن 10,6 بالمئة من المغاربة الذين يفوق سنهم 18 سنة مصابون بمرض السكري أي حوالي مليونين ونصف، وتمثل النساء خمسين في المئة من إجمالي المصابين.
ويتعين في هذا الاطار تضافر جهود جميع الفاعلين في المجالات المرتبطة بالميدان الصحي من أجل إنشاء المزيد من المستشفيات والمراكز الصحية، بالإضافة إلى توفير الدواء الكافي في الصيدليات وبأثمنة في متناول الجميع.
3/ أين وصل البحث العلمي في مجال داء السكري والمضاعفات المرتبطة به ؟ هل يمكن الحديث عن قرب التوصل إلى علاج فعال ؟
— لا يوجد حتى الآن علاج نهائي لداء السكري، فالأسباب الرئيسية للمرض تبقى غير معروفة ومريض السكري عليه الالتزام بالمتابعة العلاجية.
فأهم ما توصل إليه العلم الحديث يتمثل في اتباع نظام غذائي مناسب لمرضى السكري، خاصة المواد الغذائية ذات معامل التسكر الضعيف، واستعمال أدوية من عقار الانسولين، واستبدال البانكرياس التالفة بأخرى صالحة وذلك بواسطة نقل وزراعة خلايا جزر البانكرياس أو بانكرياس كامل جديد، أو استهداف الجهاز المناعي في محاولة لمنع حدوث المزيد من التلف في البانكرياس، خصوصا عند النوع الأول من مرض السكري المرتبط بالانسولين.
فالنتائج التي توصلت إليها الأبحاث والدراسات العلمية الحديثة أثبت أن الشفاء التام من مرض السكري ممكن، وأنه ليس بالشيء المستحيل، بعد زراعة الخلايا الجذعية، خاصة في المراحل الأولى لمرض السكري، كما أن جراحة تخفيف الوزن يمكن أن تساهم في توازن مرض السكري.