جعلت من نافذة الأمل ملاذا في أزمتها الصحية، ذلك أن إصابتها بمرض سرطان الثدي، منذ ما يقرب من سنة ونصف ، لم ينل من عزيمتها. هي واحدة من النساء اللاواتي تولدن الأمل من رحم المعاناة ويمتلكن شجاعة استثنائة لمواجهة الصعاب، فقساوة العلاج وآثاره الجانبية لم يثن كوثر رويبعة عن التمسك بأنوتثها والاهتمام بجمالها وأناقتها اللافتين.
تساقط الشعر والرموش والحواجب وغيرها من مظاهر الأنوثة، واحمرار الجلد، وزيادة الوزن أو فقدانه، كلها آثار جانبية ناتجة عن العلاج الكيميائي تؤزم حياة المريضة، وتسبب اضطرابا في علاقتها بمحيطها، فسرطان الثدي ليس من الأمراض الخبيثة التي تؤثر على الصحة فقط، وإنما تأثيره يطال نفسية المريضة أيضا.
بعض النساء يعشن هذه الفترة بطريقة “مأساوية” ويقلقن من العلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي أو غيره من العلاجات الدوائية، خاصة عندما تطول رحلة العلاج، في المقابل، تقرر بعضهن تقبل المرض والتهوين من هذة الفترة الصعبة.
برأسها الحليق وتقاسيم وجهها الجميل، لم تدع كوثر السرطان ينخر جسدها ويغرقها في أوجاعه، فبالنسبة لها، الشعور بالجمال يعد خطوة نحو العلاج.
تقول كوثر في حوار خصت به وكالة المغرب العربي للأنباء، “كان تساقط الشعر والرموش والحواجب، بالنسبة لي، من أصعب اللحظات في رحلة العلاج من السرطان، فقررت أن أخوض هذه التجربة بشكل مختلف، وتقبلت ملامح وجهي الجديدة، واغتنمت الفرصة لتجريب “لوك ” وأساليب جدد، وهذا أتاح لي تقوية قدراتي على التكيف”.
وتتابع كوثر “إذا كانت هناك فترة أساسية للقيام بوقفة والتفكير في الذات، فهذا هو الوقت المناسب لفعل ذلك. أدعو جميع النساء المصابات بالسرطان لإيجاد لحظة يملأنها شغفا، ويستمتعن بحياتهن كاملة، وخاصة الاعتناء بأنفسهن لامتلاك الطاقة والقوة من أجل الاستمرار، لأن الجمال يأتي أيضا من رفاهية العيش”.
بالنسبة لهذه الشابة الثلاثينية التي لا تفارق البسمة محياها، فإن الشعور بالرضى والاطمئنان يمكن من تحسين المظهر والصورة التي نملكها عن ذواتنا”، مشيرة إلى أن السرطان ، هذا المرض الخبيث ، جعلها تدرك أن الحياة قصيرة جدا، وأن اللحظة الحالية هي أفضل وقت لعيش الحياة بكل تفاصيلها”.
وأكدت أيضا أن العلاجات المضادة للسرطان ، سيما العلاج الكيميائي ، تمثل اختبارا صعبا على المستويين الجسدي والنفسي، وتسبب آثارا غير مرغوب فيها تمس الأنوثة، وتضع تقدير الذات على المحك.
وإذا قررت كوثر أن تتقاسم قصتها اليوم، فهذا ليس من أجلها فحسب، بل هو أيضا وقبل كل شيء، “فرصة لأن نفتح أعيننا على هذه المسلمة التي نشعر بها في حياتنا اليومية، وهي أننا غالبا ما ننسى أن الحياة جميلة وأنه يجب علينا اغتنام كل لحظة فيها”.
ومرض هذه الفتاة التي تعشق السفر كثيرا، مثل عائقا لها في البداية، حيث كان تلقيها لخبر الاصابة بمثابة “تسونامي” قلب حياتها ومشاريعها رأسا على عقب، خاصة وأنها لم تكن من الفئات التي يمكن تشخيص السرطان ليدها بالنظر إلى سنها.
وأبرزت في هذ الصدد، “أعتبر أن + فصل السرطان + رحلة جديدة لم أخترها، لكن إصابتي به يشكل فرصة من أجل التقليل من أهمية هذا المرض الذي لا يتم تناوله في المغرب بشكل اللازم”.
بدأت قصة هذه الشابة مع المرض عندما اكتشفت كتلة صلبة غير طبيعية داخل ثديها الأيمن وهي تضع مرطبها اليومي في إحدى الأمسيات ، تحكي كوثر ، “في البداية، اعتقدت أن الأمر مرتبط بالدورة الشهرية، لذلك واصلت مراقبتها عن كثب”.
وتابعت في لحظة بوح “عندما لاحظت أن هذه الكتلة لم تختف بنهاية الدورة الشهرية، حددت موعدا مستعجلا مع طبيبي النسائي الذي طلب مني القيام بالتصوير الإشعاعي للثدي والموجات فوق الصوتية، وهنا تم اكتشاف كتلة غير طبيعية. لذلك قمت بعمل خزعة، عقب ذلك صدرت نتيجة الفحوصات يوم 7 يوليوز الماضي بتأكيد إصابتي بسرطان الثدي المعتمد على الهرمونات”.
وتؤكد كوثر التي تشارك هذه التجربة مع متابعيها على مواقع التواصل الاجتماعي، أن ما دفعها إلى مشاركة قصتها هو التمثلات والصور النمطية السلبية تجاه السرطان والمرضى، التي تهيمن على هذه الوسائط.
وأردفت “قررت أن أشارك قصتي مع عموم الناس، فتقاسمت معهم شكلي الجديد بدون شعر، لكسر الطابوهات حول هذا المرض، ولتغيير نظرة الآخرين، وأيضا كي أنثر الأمل والطاقة الإيجابية على كل الأشخاص الذين يمرون بنفس المحنة”.
كما أكدت أن السرطان لا يصيب فقط الآخرين. “نحن جميعا معرضون لهذا المرض بشكل مباشر أو غير مباشر”، لهذا تقول كوثر، “لنعتني بصحتنا ، ونجعل أنفسنا جميلين، ونتصالح مع أجسادنا، ونحاول الاستمتاع بكل لحظات الفرح الممكنة التي تمنحنا إياها اللحظة الحالية”.