عقب توقف لنحو ثلاثة أشهر بسبب الحجر الصحي الذي فرضته جائحة (كوفيد 19)، تمكنت منصة “الشباب أم الربيع، الموجهة لتعزيز فرص الإدماج الاقتصادي للشباب، من استقطاب 348 شابا وشابة من ساكنة الحي الحسني بالدار البيضاء إلى حدود متم شهر أكتوبر الماضي، ما يدل على أن فكرة إدماج الشباب اقتصاديا باتت تشق طريقها بثبات بين أبناء هذه المنطقة. فالمنصة التي أنشأتها جمعية ريادة الأعمال من أجل إدماج الشباب وتأهيلهم، بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، راهنت منذ انطلاقتها على ترسيخ قيم ريادة الأعمال وروح المبادرة لدى هؤلاء الشباب، عبر التكوين والمواكبة، وهو ما أتاح لها استقطاب اهتمام كل من تحدوهم الرغبة في تقوية قدراتهم الذاتية للولوج لسوق الشغل أو خلق وحدات إنتاجية وخدماتية تتناسب مع تطلعاتهم وميولاتهم ومؤهلاتهم العلمية والمهنية.
ولمواكبة هؤلاء الشباب في مساراتهم المهنية، وبدعم من شركاء آخرين، تمت بلورة برامج وورشات لتفعيل وتنزيل الأهداف المتوخاة من وراء هذه المبادرة، ومنها برامج تكوينية تروم ضمان تأهيل إضافي للمستفيدين، وورشات عملية لمرافقة الراغبين منهم في إنشاء مقاولاتهم الخاصة لتقريبهم من كل مراحل إحداث المقاولات، ابتداء من وضع تصور للمشروع ودراسة الجدوى وحتى مرحلة الإنشاء الفعلي.
وهي البرامج والورشات التي يستفيد منها شباب الحي الحسني بمقر هذه المنصة، التي تضم قاعات للاستماع والتوجيه والمواكبة، إضافة إلى فضاءات أخرى لدعم الحس المقاولاتي والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ولاستقطاب الجمعيات النشيطة والفعالة من أجل تقوية قدراتها.
ولهذه الغايات، وضمن سياق تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، عقدت شراكات مع مؤسسات عمومية وخاصة، منها مركز التوظيف “كاريير سانتر” التابع لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل بالحي الحسني، ومؤسسة ” مبادرة للشباب والمقاولة” التي تعنى بمصاحبة الشباب في ريادة الأعمال.
وبهذا الخصوص، أوضح المسؤول عن عملية التوجيه بمنصة “الشباب أم الربيع” عبد الله الزرهوني أن المستفيدين من خدمات المنصة ( 348 شابة وشاب) قدموا 372 طلبا، توزعت بين 40 طلبا للتكوين، و103 طلبا للتشغيل، و229 طلبا لخلق مقاولات صغرى ومتوسطة وصغيرة جدا.
وأشار إلى أن المشاريع التي تقدم بها هؤلاء الشباب، ومن بينهم شباب لا يحملون أية شهادة علمية أو مهنية، شملت قطاع الخدمات والمطعمة بالخصوص بنسبة تزيد عن 55 في المائة، والصناعة والتجارة والصناعة التقليدية والفلاحة.
وفي ما يتعلق بمحور التكوين، فقد شمل ثلاث مجموعات يتراوح عدد المستفيدين في كل مجموعة ما بين 10 و15 مستفيد، يخضعون لثلاث دورات تكوينية بمعدل 6 أيام في كل دورة، تتمحور حول سبل تقوية القدرات الذاتية ( soft skills )، وتقنيات التواصل، وسبل البحث عن العمل، وإعداد منهاج السيرة الذاتية، وتنظيم الوقت، والتحكم في حالات التوتر، وكذا مهارات اكتساب الثقة في النفس وآليات العمل الجماعي.
أما ما يخص ميدان التشغيل، فقد استفاد 17 شخصا، في ظل اتفاقية الإطار المبرمة مع أحد مكاتب الدراسات يعمل من أجل الجمع بين التكوين والتدريب في مجال التوظيف بتمويل من مؤسسة تحدي الألفية، من هذه التجربة إلى حد الآن، يتوزعون على 10 مغاربة و7 منحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، علاوة على الدعم المالي الذي قدمته مؤسسة محمد الخامس لفائدة ستة شباب من حاملي المشاريع لإنشاء مقاولات صغرى ومتوسطة.
ومن جهته، أكد رئيس الجمعية وعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق السيد عبد اللطيف كمات، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه المنصة، التي أحدثت في إطار المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2019-2023)، تشكل ملتقى لكافة الفاعلين والمهتمين بفئة الشباب على مستوى النفوذ الترابي للعمالة، يخول لهم تنسيق جهودهم وبرامجهم لتعزيز قابلية التشغيل لدى هؤلاء الشباب، ومساعدتهم على الاندماج ضمن محيطهم المهني.
وأشار إلى أنه من بين الفاعلين المتعاونين مع المنصة هناك جامعة الحسن الثاني التي تضطلع بدور محوري في النهوض بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والتي وضعت فريقا من طلبتها في سلك الدكتوراه رهن إشارة المنصة، ليتقاسموا تجاربهم وخبراتهم مع هؤلاء الشباب، إسهاما منها في توجيههم وإمدادهم بما هم في حاجة إليه من تكوين تكميلي ومهارات ذاتية، ومواكبتهم في تفعيل أفكارهم وتحويلها إلى مشاريع اقتصادية.
فيما أبرز مدير المنصة محمد سلمان الأهمية المعطاة لهذا الفضاء الذي تنسجم أهدافه مع الدعائم والأولويات الثلاث للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والمتمثلة في الاهتمام بالعنصر البشري، والتركيز على نوعية المشاريع، ومنظومة التدبير.
ولفت إلى أن اختيار الجهة المكلفة بتدبير وتسيير هذه المنصة تم على أساس مجموعة من المعايير المتعلقة بالتنظيم ، والقدرة على التدبير المالي، فضلا عن معايير التقييم والتتبع.
وذكر من جهة أخرى باتفاقية الإطار المبرمة في حفل افتتاح المنصة، والتي تعكس مقتضياتها رغبة كافة الأطراف الموقعة في تجسيد أهداف البرنامج الثالث للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مرحلتها الثالثة، والرامي إلى تحسين الدخل، والاندماج الاقتصادي للشباب للحصول على فرصة أول عمل، من خلال تعزيز قابلية الشغل لديهم، ودعم إحداث المشاريع المدرة للدخل باعتماد مقاربة ترابية مبنية على مواكبة القرب وتثمين المؤهلات والثروات المحلية.