بعد تدبير أسال الكثير من المداد، في مدن مختلف داخل المغرب تتوجه الأنظار إلى المدينة الحمراء حيث من المقرر أن تنتهي العقدة المبرمة بين كل من شركة النقل الحضري ألزا والجماعة الترابية لمراكش في 30 يونيو من سنة 2021 وهي التي من المتوقع أن يتم فيها إطلاق طلبات عروض من أجل اختيار الفاعل الجديد في مجال النقل الحضري على مستوى مدينة سياحية ذات صيت عالمي.
وبالرغم من المدة المتبقية التي لا تتجاوز ستة أشهر فإن السلطات المعنية على مستوى الجماعة الترابية لمراكش دخلت في صمت مريب له تفسير واحد وحيد.
وحسب مصادر إحاطة.ما فإن السلطات المعنية بالنقل على مستوى المجلس الجماعي لمراكش تستعد للتمديد لشركة ألزا من أجل الاستمرار في تدبير هذا القطاع بالرغم من عقدين من الزمن الذين أمضتهما ألزا في تدبير هذا القطاع، وبالرغم من الاختلالات التي تورطت فيها دون أن تجد آلية المراقبة والمحاسبة طريقا إليها.
فقد سبق لمجلس المدينة بمراكش أن وقع عقدا مدته 15 سنة في سنة 1999 وفي سنة 2001 تم توقيع العقود المتعلقة بتدبير النقل الجماعي بالمناطق شبه حضرية، ليتم تمديد العقد سنة 2014 لمدة خمس سنوات إلى حدود سنة 2019.
وتفيد المعطيات التي حصل عليها الموقع أن الجماعة الترابية لمراكش قد أطلقت طلب عروض سنة 2018 بحكم أن يونيو 2019 سيكون نهاية عقد التدبير مع ألزا، حيث تم إطلاق طلب العروض ستة أشهر قبل التاريخ المشار إليه، الأمر الذي فسره ساعتها عدد من متتبعي الملف بأنه محاول للالتفاف على الصفقة والإبقاء على ألزا كفاعل لأنه ببساطة لا يمكن أن يتم الانتقال إلى فاعل جديد في مدة قصيرة تتمثل في ست أشهر. الأمر الذي اعتبره عدد من الفاعلين في القطاع بأنه تضييق على المنافسين خاصة منهم الوطنيين الذين تقدموا لهذا الطلب، إلا أنه وبالرغم من هذه الشروط والظرفية التي أطلق فيها طلب العروض فقد تمكنت شركتان مغربيتان من تقديم عرضهما ليتم في مارس من سنة 2019 فتح الملفات الإدارية الخاصة بالمنافسين الجدد لشركة النقل ألزا، إلا أنه وبشكل مفاجئ ودون سابق إشعار سيتم إلغاء المناقصة وذلك في شهر ماي من سنة 2019، لتقدم السلطات الجماعية بتجديد العقد مع شركة ألزا بترخيص استثنائي من وزارة الداخلية تحت ذريعة تجنب الارتباك في خدمة النقل العمومي بمدينة سياحية كمراكش.
وتجدر الإشارة إلى أن ألزا قد دخلت إلى مدينة مراكش على وقع العديد من الخروقات والفضائح التي تم الكشف عنها من طرف تقارير المجلس الأعلى للحسابات إلا أنه وبالرغم من ذلك ظل الماسكون بالقرار على مستوى الجماعة الترابية لأكادير مصرون على التمكين لهذه الشركة التي تستنزف مقدرات المدينة دون أن تقدم الخدمة المنصوص عليها في دفاتر التحملات التي تم اعتمادها.
ويطرح المراكشيون والمغاربة عموما تساؤلات مشروعة بعد كل الذي اقترفته شركة النقل ألزا في حق المال العام، ألم يحن الوقت لتنتبه السلطات الرقابية بمختلف مستوياتها إلى هذه الخروقات التي حفلت بها تقارير المجلس الأعلى للحسابات؟ كما نبه بعض المتابعين لسياسة التدبير المفوض التي انتهجها المغرب في عدد من القطاعات إلى أن عدم ضمان خدمات في المستوى لايمكن أن يبرر استمرار بعض الشركات الأجنبية مثل ألزا للنقل الحضري في الاستمرار في تدبير هذا المرفق، ما دام أن هذا النوع من الاستثمارات لا يضمن خدمة في المستوى، ولا يساهم في انعاش الاقتصاد خاصة أمام تداعيات جائحة كورونا، التي دفعت عددا من دول العالم إلى تبني سياسة تشجيع الاقتصاد الوطني من خلال تمكين الفاعلين الاقتصاديين الوطنيين من تدبير عدد من المرافق مع ضمان الجودة في الخدمات.
كما أن الوقت قد حان وفي ظل الظرفية الحالية أن تتم استعادة الثقة بالفاعل الوطني الذي أكد عبر تجارب مختلفة جاهزيته وفعاليته لتدبير هذا المرفق الحيوي، من جهة حفاظا على القيمة المضافة داخل الدورة الاقتصادية الوطنية، ومن جهة أخرى الدفع بالمقاولات الوطنية من أجل أن تستعيد قوتها في تدبير الاقتصاد الوطني.