الكليشيهات تقتل “متمردة” جواد غالب في مهرجان مراكش

صدر في فرنسا قبل سنوات كتاب طريف أصدره « فيليب مينيافال » تحت عنوان « جميع كليشيهات السينما »، يجمع فيه تلك اللقطات التي نشاهدها مئات المرات تتكرر في أفلام مختلفة : الجندي الذي يعرض صورة حبيبته أو زوجته دقائق قبل مقتله، والنوافد الباريسية التي تطل جميعها على برج إيفل، والأشرار الذين يزرعون قنبلة تكون دائما بها أرقام حمراء لحساب العد العكسي… وغيرها من الكليشيها التي تفسد الفيلم وتعطي انطباعا ب « Déjà vu ».

وأظن أن جواد غالب لم يكلف نفسه عناء كبيرا، وصنع مثل هذا الكاتب ذي الحس الفكاهي، من خلال جمع الكليشيها المقززة في فيلم ممل حد القرف.
فعندما تعرف ان مشروع فيلم مغربي حصل على الدعم من بلجيكا، بعد أن ظفر بدعم المركز السينمائي المغربي، فإن شهيتك تنفتح لاستقبال فيلم سيكون على الأقل متوازنا في أقبح الحالات.
وستزداد شهيتك للفرجة، ويتضاعف الأمل في اكتشاف موهبة جديدة، عندما تعرف أن هذا الفيلم سيمثل المغرب في المسابقة الرسمية للدورة 15 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
لكن سرعان ما تتبدد كل الأحلام، وتتهاوى الآمال لتصبح غصة وإحباطا كبيرا.
ففيلم « المتمردة » الذي عرض بعد زوال اليوم الأحد، مجرد حدوثة تافهة لا تغري بالحكي أو المشاهدة، جمع شذراتها جواد غالب بواسطة مجموعة من الكليشيهات البالية والمتجاوزة التي قتلت الفيلم منذ بدايته، حيث يغيب الصدق والابداع ويحضر التصنع والأفكار المسبقة:
مثلا، مشهد ليلى وصديقها اللذان يشربان البيرة على خلفية مسجد .. بضاعة بائرة استهلكت بغزارة وانتهت صلاحيتها منذ مدة.
كما أن مشاهد المقدمة القصيرة التي تدور في الدار البيضاء، والتي يبرر بها غالب ملايين الدعم المغربية، تبرز فقط عنف رجال الأمن وبطشهم، صومعات المساجد، والبيرة والكاريانات.. وهي مشاهد تبرر في حقيقة الأمر وجود الأورو البلجيكي – الأوروبي الذي يعشق ويدعم في سينما الجنوب كليشيهات التخلف والبؤس فحسب.
أضف إلى كل هذا الأداء الضعيف للممثلين، وسيناريو باهت تنقصه الصرامة والحبكة، حيث يخلق المخرج- كاتب السيناريو حلولا لنفسه.. أي حلول سيناريست فاشل لا يريد إجهاد نفسه أو فكره: قصة الحب التي تبرز فجأة بين ليلى وأندري غير مبررة.. ورحيل ليلى من المغرب الى بلجيكا غير مبرر، كما أن عودتها في نهاية الفيلم للمغرب غير مبررة أيضا.. فماذا كان دافعها للرحيل والعمل في جني التفاح وما دافعها للعودة؟.. فالبطلة ليس لها أي هدف يجعلنا نتماهى معها، ونتعاطف مع قضيتها لأن شخصيتها على غرار الشخصيات الاخرى فجة وفضفاضة وسطحية وتتصرف بشكل غير مقنع أو مفهوم.
في النهاية دعوني أهمس في أذن مخرج الفيلم بمقولة للكاتب السويسري ألان دو بوتون : « لا تكمن عيوب الكليشيهات في كونها تحتوي على أفكار خاطئة، ولكن في كونها صياغة سطحية لأفكار جيدة جدا ».

 

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة