عبد النباوي: التحدي الرقمي يكمن في تحوله لأداة تنتهك حقوق الانسان

أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، الثلاثاء 16 مارس الجاري، غداة افتتاح أشغال هذه الندوة حول موضوع “حقوق الإنسان والتحدي الرقمي”، أن هذا الأخير يكمن تحديه إمكانية تحوله لأداة تنتهك حقوق الانسان، مبرزا أن هذا موضوع ذي أهمية بالغة بالنظر للتطور المذهل للتكنولوجيات الرقمية والذي تفوق سرعته أي اختراع آخر في تاريخ البشرية.

وقال عبد النباوي في كلفته الافتتاحية، أن التطور التكنولوجي، أحدث تحولاً سريعا في المجتمعات وأدى إلى تيسير تحقيق التطور والتقدم على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية والتربوية، موضحا أن هذه التكنولوجيا تطرح في نفس الآن، تحديات جديدة وخطيرة، تستلزم توفير كل الإمكانيات لمواجهتها دوليا وإقليميا ووطنيا، وتأمين استخدامها حتى لا تستعمل استعمالات ضارة بالإنسان.

وتابع رئيس النيابة العامة: “فيما يتعلق بعلاقة حقوق الإنسان بالفضاء الرقمي والتكنولوجيا الرقمية، يمكن الجزم أن ما ينطبق على حقوق الإنسان من حيث ممارستها وضمان التمتع بها خارج الفضاء الرقمي، ينطبق عليها كذلك داخل هذا الفضاء، إذ بقدر ما تمكن هذه التكنولوجيات من تيسير الولوج إلى مختلف أنواع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، المحمية بمقتضى معاهدات حقوق الإنسان الدولية، بقدر ما يمكن أن يتحول استعمالها إلى أداة لانتهاك العديد من الحقوق والمساس بالنظام العام”.

وواصل المتحدث: “لقد مكن الفضاء الرقمي، من تعزيز الولوج إلى العديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إذ على سبيل المثال لا الحصر، ساهم في النهوض بالحق في التربية والتعليم، بما يوفره من إمكانات لتوفير المعلومات والدراسات والأبحاث وتيسير الولوج إليها. كما يسرت وسائلُ التعلم الافتراضي والتعلُّم عن بعد، إمكانيةَ ولوج العديد من الأشخاص لبرامج تعليمية كانوا سيتعرضون بدونها للحرمان من هذا الحق، وأضحت التكنولوجيات الرقمية وسيلة لدعم التنمية. وكذا المساهمة في تأمين التمتع بالعديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كالحق في الشغل والصحة وغيرهما. ففي قطاع الصحة، على سبيل المثال، تساعد التكنولوجيات الرائدة التي يدعمها الذكاء الاصطناعي في إنقاذ الأرواح وتشخيص الأمراض والعلاج والجراحة”.

واستطرد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض: “يجب الاعتراف، كذلك، أن التكنولوجيات الرقمية أصبحت وسيلة لممارسة العديد من الحقوق المدنية والسياسية الأساسية كحرية الرأي والتعبير، والصحافة والنشر، والحق في الحصول على المعلومة. بل إنها تمثل عاملاً كبيراً في تحقيق المساواة من خلال تعزيز الاتصال الإلكتروني والشمول المالي وإمكانيات الوصول إلى الخدمات التجارية والعامة”.

وأضاف عبد النباوي: “إذا كانت الآثار والانعكاسات الإيجابية للتكنولوجيات الرقمية على حقوق الإنسان واضحة كما سبق، فإن هذه التكنولوجيات تحمل معها تحديات جديدة، تتجلى في ظهور أخطار وتهديدات يمكن أن تقوض أمن الدول والمجتمعات والمساس بحقوق الإنسان الأساسية للأفراد، بل قد يؤدي سوء استخدامها إلى حدوث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في بعض الأحيان، ومن بين مظاهر ذلك، أصبح الفضاء الرقمي مجالاً للمساهمة في ارتكاب جرائم أو التحريض على ارتكابها تكون ماسة بالحق في الحياة وبالسلامة الجسمانية للأفراد وممتلكاتهم والجرائم المالية، من خلال أنشطة الشبكات الإجرامية. وأشكال أخرى من انتهاكات حقوق الإنسان كالتحريض على التمييز والكراهية ونشر الأخبار الزائفة والسب والقذف والتشهير وأشكال التعبير المسيئة للأفراد وانتهاك الحياة الخاصة بهم، هذا فضلا عن ترويج المخدرات والاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي للأطفال. ودعم المواد الإباحية وأنشطة التنظيمات الإرهابية، حيث يتم استغلال انتشار وسائل الاتصال الحديثة وسهولة الوصول إلى الانترنيت والبرمجيات الرقمية للتجسس والاختراق وإخفاء الهوية”.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة