قال الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة إن الرأس المال البشري يعد مفتاح أي نموذج تنموي، وبالتالي، يتعين إعادة النظر في السياسات المتعلقة بالتعليم والصحة في ضوء تسارع الرقمنة وتحول “بردايغم” التعلم.
وأشار بركة الذي حل ضيفا على لقاء نظمته (جمعية خريجي معهد الدراسات السياسية) بباريس-فرع المغرب بمقر حزب الاستقلال بالرباط، حول موضوع الانتخابات التشريعية، إلى أن الحزب اقترح، في إطار المشاورات من أجل بلورة نموذج تنموي جديد، تصورا للتعايش الذي يفضي إلى مجتمع أكثر تماسكا، اجتماعيا وترابيا وبين الأجيال.
وشدد على أن الوضعية الحالية تفرض قطيعة حقيقية مع بعض الممارسات والسياسات الماضية التي لم تعد تجيب على انتظارات المغاربة، مشيرا إلى أن الأزمة المرتبطة بوباء (كوفيد-19) تتيح فرصة حقيقية للقطع مع هذه السياسات.
وتابع الأمين العام للحزب أنه “من الضروري الاستثمار في نجاعة البنيات التحتية عوضا من الاكتفاء بها كإنجاز”، مسجلا أنه ينبغي أن يواكب التنمية دعم حقيقي للمقاولة المغربية، من خلال خلق فرص الشغل وتعزيز الرأس المال البشري عبر اعتماد نمط تعليم وتكوين مهني أفضل، كفيلين بتلبية حاجيات سوق الشغل.
وشدد على أنه، إضافة إلى المنطق المحاسباتي الذي يأخذ في الاعتبار المناصب المستحدثة فقط ، يجب معالجة إشكالية التشغيل من خلال إدماج مقاربة النوع الاجتماعي، مؤكدا، في هذا السياق، على مكانة المرأة ومساهمتها في التنمية.
وأشار الرئيس السابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي شغل أيضا منصب وزير للاقتصاد والمالية، إلى أن “الأولوية اليوم هي إنقاذ اقتصادنا”، ملاحظا أن هناك حاجة لوضع خطة إنقاذ للقطاعات الأكثر تضررا، وخطة إعادة تأهيل من خلال الاستثمار في التكوين، وخطة دعم المقاولات التنافسية، من أجل الحفاظ على مناصب الشغل و”الحفاظ على العائدات الضريبية المستقبلية”.
وبحسب الأمين العام لحزب الاستقلال، فإن التنمية ترتكز على أربع محاور هي التعليم الذي يجب تعميمه وتحسينه، والتكوين المفروض اعتماده طوال الحياة المهنية مع تضمين الاعتراف بالخبرة للعمال غير الحاصلين على شهادة، وذلك من أجل مساعدتهم على الاندماج في القطاع المهيكل.
كما تقوم التنمة، يتابع بركة، على الجهوية المتقدمة التي”يتعين تطويرها”، بالنظر إلى الفرص التي توفرها في مجال التنمية والتشغيل، فيما يشكل تحرير الطاقات ودعم المقاولات ركيزة رابعة للتنمية.
وفيما يتعلق بفرص التنمية، أشار بركة إلى أن هناك إمكانات هائلة (فرصة أولى) يمكن استثمارها على مستوى المهن الجديدة، سيما مع التكنولوجيا الرقمية التي يمكن للمغرب أن يثبت من خلالها نفسه “دولة ناشئة”، مفيدا بأن الفرصة الثانية الكبيرة تتمثل في التحول البيئي، إذ “يجب أن نكافح من أجل إدراجنا في صفقة أوروبا الخضراء، وأن نعد أنفسنا للمعايير البيئية المستقبلية والاحتياطات التي ستكون مطلوبة”.
وتتمثل فرصة التنمية الثالثة في “اقتصاد الحياة”، حيث أكد بركة أن إقرار منظومة صحية بات أمرا ضروريا اليوم، خاصة بعد الإصلاح “الاستثنائي” الذي أطلقه الملك محمد السادس المتمثل في تعميم التغطية الاجتماعية، والذي سيتمكن، بموجبه، ما لا يقل عن 22 مليون شخص إضافي من الولوج إلى التأمين عن المرض خلال 2022.
وفي هذا الصدد، اعتبر الأمين العام لحزب الاستقلال خلال هذا اللقاء الذي أداره بشكل مشترك كل من رئيس الجمعية اسماعيل حريكي والمحلل السياسي مصطفى السحسمي، أن “إصلاح نظام الحماية الاجتماعية يتطلب وسائل هائلة”، مشيرا إلى ضرورة تخصيص موارد كبيرة لهذا المشروع الملكي الذي يتعين إنجاحه. كما يجب أن تواكب التغطية الاجتماعية سياسة خاصة من أجل التمكن من دمج القطاع غير المهيكل وضمان المزيد من الموارد.
الانتخابات التشريعية 2021: “لإحياء الأمل”
وردا على سؤال حول الانتخابات التشريعية المقبلة وفرص حزب الاستقلال خلال هذه الاستحقاقات، أشار بركة إلى أن “الفائز الرئيسي في الانتخابات المقبلة يجب أن يكون الأمل، معتبرا أن إحياء الأمل لا يمكن إلا أن يمر عبر تعبئة المغاربة للذهاب إلى التصويت.
وعن السنوات العشر التي قضاها حزب العدالة والتنمية على رأس الأغلبية الحكومية، لفت المسؤول الحزبي إلى أن التجربة شهدت تحقيق إنجازات معينة و “إصلاحات مهمة للبلاد تطلبت شجاعة سياسية”.
وأشار في هذا الصدد إلى إصلاح صندوق المقاصة وإصلاح نظام التقاعد، على وجه الخصوص، معربا عن أسفه لبعض الإجراءات المتخذة مثل تحرير أسعار المنتجات البترولية.
وقال “نحن نشكل بديلا حقيقيا مقارنة بالسياسات التي يتم تنفيذها اليوم”، مؤكدا أن حزب الاستقلال يمتلك رؤية وبرنامج “ينخرط فيهما الكثير من المغاربة”.