أصدرت المديرية العامة للأمن الوطني، مؤخرا، عددا جديدا من مجلة الشرطة، باللغتين العربية والفرنسية، يقترح على القراء مجموعة من المواضيع ذات الراهنية، وملفا خاصا حول “الأمن الوطني.. رافعة للتنمية المجالية بالأقاليم الجنوبية”.
وفي افتتاحية العدد، أبرزت المجلة نجاح المملكة في كسب رهان توطيد الأمن الصحي للمواطنين والاصطفاف ضمن الدول العشر الأوائل المحتفى بها من طرف منظمة الصحة العالمية، بفضل النجاح المتميز في الحصول على اللقاح وضمان الحق في الوصول إليه بشكل متساو وعادل من طرف المواطنات والمواطنين.
وسجل كاتب الافتتاحية أن سنة 2020 “ستبقى موشومة في ذاكرة المغاربة عموما، ومبعثا للفخر والاعتزاز في خلد ساكنة الأقاليم الجنوبية للمملكة، بعد النجاحات الدبلوماسية المبهرة التي بصم عليها المغرب، بفضل الحكمة المتبصرة للجناب الشريف أسماه الله وأعز أمره، وذلك في أعقاب الاعتراف الأمريكي بالحقيقة اليقينية التي يؤمن بها عموم المغاربة والمتمثلة في مغربية الصحراء وفي قدسية الوحدة الترابية للمملكة”، مشيرا إلى أن هذا الحدث الدبلوماسي الهام “شكل نقطة البداية لأوراش تنموية كبيرة في الأقاليم الجنوبية للمملكة، كما شكل أيضا حافزا مشجعا لمواصلة تنفيذ المشاريع المهيكلة التي انخرط فيها المغرب منذ سنوات لصالح هذه الثغور العزيزة من أراضيه”.
وأضافت الافتتاحية أن المديرية العامة للأمن الوطني انخرطت في مواكبة إنجاح الإقلاع الاقتصادي والطفرة السياحية التي تعرفها المناطق الجنوبية للمملكة، وكذا في تجويد الخدمات الأمنية المسداة لساكنة هذه الأقاليم، فضلا عن بلورة منتوج أمني متطور يستحضر خصوصيات المنطقة ويستشرف المستقبل الزاهر الذي ينتظرها، وذلك باعتبار الأمن رافعة مشجعة لأوراش التنمية، وشريكا أساسيا في توفير الأجواء الآمنة للتمتع بالحقوق والحريات.
وفي ملفها الخاص حول الأمن الوطني بالأقاليم الجنوبية، كتبت المجلة أنه من منطلق المواكبة الأمنية للرهانات التنموية التي تطرحها المناطق الجنوبية للمملكة، كانت المديرية العامة للأمن الوطني سباقة إلى تطوير استراتيجية أمنية متكاملة، تراعي الخصوصيات المحلية لهذه المنطقة وتعدد التحديات الأمنية التي تطرحها، خصوصا تحركات بقايا الأوساط التخريبية ورصد نشاط متنامي لشبكات الجريمة المنظمة العابرة للحدود، والتي تعمل في مجال تنظيم الهجرة السرية والاتجار في البشر والتهريب الدولي للمخدرات، فضلا عن تقاطع نشاط هذه الشبكات مع تحركات التنظيمات الإرهابية المتطرفة التي تنشط في منطقتي الساحل والصحراء.
وسجلت المجلة ضمن هذا الملف أيضا، أن هذه التحديات تنضاف إلى الطلب المتزايد في المنطقة على الخدمات الأمنية المرتبطة باستصدار الوثائق التعريفية وبطائق الإقامة وباقي الشواهد والوثائق الإدارية، وكذا باقي الخدمات التي يقدمها المرفق العام الشرطي، والمتصلة بتوفير التغطية الأمنية لمجموع المناطق التي تدخل ضمن المجال الحضري ومعالجة نداءات النجدة الصادرة عن المواطنين، ومباشرة الأبحاث والتحقيقات في الملفات والشكايات ذات الصبغة القضائية، مع توفير ما يتطلبه تعدد هذه المهام من بنيات أمنية ترابية وتوفير للموارد البشرية المؤهلة والوسائل والمعدات اللوجيستيكية الضرورية.
وتضمن العدد الـ39 من المجلة أيضا، ملفا خاصا بعنوان “الأمن الجهوي بالداخلة.. هيكلة جديدة لخدمة التنمية المجالية”، حيث أبرز أن المديرية العامة للأمن الوطني قامت بتاريخ 3 فبراير 2021 بدعم البنيات الشرطية بالأقاليم الجنوبية للمملكة من خلال إحداث إصلاحات هيكلية شاملة ضمن مصالحها اللاممركزة، شملت الارتقاء بمنطقة أمن الداخلة إلى مصاف أمن جهوي يتميز بتنظيم هيكلي جديد، ودعم للحصيص البشري والمعدات اللوجستيكية، فضلا عن إحداث المجموعة المتنقلة للمحافظة على النظام بهذه المدينة، وكذا الفرقة المتنقلة للدراجيين والارتقاء بالمعبر الحدودي الكركرات إلى مفوضية خاصة.
كما تم تسليط الضوء على “المجموعات المتنقلة للمحافظة على النظام.. فعالية ومهنية في ظل احترام حقوق الإنسان”، حيث تم إنشاء المجموعة المتنقلة للمحافظة على النظام بتاريخ 23 مارس 2011، وهي تتكون من 800 شرطي ينقسمون إلى ستة فصائل متنقلة، تعمل بكل من مدن العيون والسمارة وطانطان وكلميم وسيدي إفني، وتتلخص مهامها الأساسية في المحافظة على النظام العام وصونه، والتدخل لتقديم المساعدة في حالات وقوع حوادث أو كوارث وأخطار طبيعية خطيرة، كما تشارك هذه المجموعات في تأمين التظاهرات الكبرى، الفنية والثقافية والرياضية الدولية منها والوطنية.
وفي موضوع آخر، أبرزت المجلة دور شرطة الحدود في إشعاع المناطق الجنوبية، موضحة أن المطارات تعتبر مكونا أساسيا في مجال الربط بين البلدان والشعوب والثقافات وتعزيز الشراكات والتعاون في مجالات السياحة والاقتصاد. وأبرزت أن عولمة المبادلات التجارية وتطور المنصات الجوية، شكلت من جانب آخر، عاملا مساعدا على ظهور وتطوير أشكال إجرامية مستجدة تندرج في سياق الجريمة المنظمة والإرهاب الذي يستهدف النقل الجوي وبعده الاستراتيجي، ويتعلق الأمر بالاتجار غير المشروع في الممنوعات بما فيها المخدرات والأسلحة، فضلا عن تنظيم عمليات الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر وصولا إلى الهجمات الإرهابية التي تستهدف النقل الجوي وكذا البنية التحتية للمطارات.
كما قدم العدد تحليلا حول “ترشيد الحكامة الأمنية، عامل أساسي في ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان”، من خلال حوار مع الأستاذ مبارك بودرقة، وهو من الشخصيات الحقوقية التي حرصت على الانفتاح على المؤسسة الأمنية، عبر شراكة مندمجة في التكوين الممنهج في مجال حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
وشمل العدد أيضا حوارا مع مع العميد الإقليمي سعيد برحو، رئيس الأمن الجهوي بمدينة الداخلة، حول جهود مديرية الأمن الوطني لمواكبة التطورات الإيجابية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، ولا سيما بمدينة الداخلة.
ومن جهة أخرى، اهتمت المجلة بالمقاربة الاستباقية لمكافحة الإرهاب، لاسيما من خلال تفكيك خلية إرهابية بمدينة وجدة مرتبطة بفروع تنظيم (داعش) في منطقة الساحل والصحراء، موضحة أن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تمكن يوم 25 مارس 2021 من تفكيك خلية إرهابية تتألف من أربعة متشددين تتراوح أعمارهم بين 24 و28 سنة، ينشطون بمدينة وجدة ويرتبطون بما يسمى بتنظيم (الدولة الإسلامية)، وذلك ضمن المجهودات التي تبذلها مصالح الأمن المغربية لتحييد مخاطر التهديد الإرهابي وتفكيك التنظيمات المتطرفة التي تهدف للمس الخطير بالنظام العام وتحدق بأمن واستقرار المملكة.