فدرالية نسائية “مستاءة ومنزعجة” من تقرير حول العنف الزوجي ضد الرجال

قالت فدرالية رابطة حقوق النساء إنها تابعت باستياء وانزعاج شديدين نتائج البحث الذي أعدته المندوبية السامية للتخطيط حول معدل انتشار العنف لدى الرجال في مختلف مجالات العيش، الذي اجري على عينة من 3000 رجل، حيث أفادت المندوبية أن معدل انتشار العنف الزوجي بلغ نسبة 54 ٪ لدى الرجال غير المتزوجين، الذين لديهم أو كانت لديهم خطيبة أو شريكة حميمة، خلال الاثني عشر شهرا التي سبقت البحث مقارنة مع نسبة 28 ٪لدى الرجال المتزوجين.

كما أفادت المندوبية أن 70 ٪ من الرجال تعرضوا لفعل عنف واحد على الأقل خلال حياتهم والذي قارب بشكل مخيف وخطير وغير مسبوق وغير مقبول لا من حيث المنهج العلمي، ولا الحقيقة المجتمعية بين العنف الذي تتعرض له النساء مع العنف الذي يتعرض له الرجال/ الخلافات الزوجية.

وقالت فدرالية حقوق النساء: “إن نتائج هذا البحث تجعلنا نعتقد ان المغرب يعتبر ظاهرة عالمية منفردة، تستحق الدراسة، وأن المجتمع المغربي ليس مجتمعا أبويا، يسوده الفكر والهيمنة الذكورية، بل مجتمع تسدوه المساواة وعدم التمييز والعلاقات الاجتماعية المتكافئة، الشيء الذي لم تصله حتى الدول الإسكندنافية، المعروفة عالميا باحترامها الحقوق الإنسانية للنساء، بحيث مازالت تتبنى قوانين لمناهضة العنف ضد النساء، وتعمل على تطبيق اتفاقية إسطنبول الخاصة بذلك”.

واضاف المصدر أن اصدار المندوبية السامية للتخطيط لهذا البحث ينم عن خلل كبير لديها على مستوى الإطار المفاهيمي والمنهجي لدراسة ظاهرة العنف المبني على النوع الاجتماعي، وعدم وضوح الرؤية بخصوص تعريف العنف المبني على النوع كما هو متعارف عليه على المستوى الدولي، من خلال المعايير الدولية للحقوق الإنسانية للنساء، التي تعرف العنف ضد النساء على أنه انتهاك لحقوق الإنسان، وإحدى صور التمييز ضد المرأة المبني على الجنس، وهو مجموعة من الانتهاكات القائمة على أساس نوع الجنس، وحرمان تعسفي للنساء للتمتع بحرياتهن الأساسية”.

وتابع المصدر أن “هذا الخلط المفاهيمي والمنهجي الناتج عن عدم وضوح الرؤية، فيما يخص تعريف العنف المبني على النوع جعل المندوبية السامية للتخطيط تنزلق في تصنيفات لبعض مظاهر الخلافات والنزعات التي تقع بين الأزواج، وتعتبرها عنفا ضد الرجال من قبيل -كما ورد في البحث-بعض “مظاهر الغضب أو الغيرة من قبل المرأة عندما “يتحدث شريكها إلى امرأة أخرى”، أو “فرض طريقتها في إدارة وتسيير شؤون الأسرة”.

وواصلت فدرالية النساء أن “لجوء المندوبية السامية للتخطيط إلى اخراج هذا البحث في هذه الظرفية العصيبة التي يمر منها المغرب والعالم برمته، نتيجة جائحة كورونا وتداعياتها، والتي كانت النساء أول ضحاياها، حسب دراسات عالمية، تؤكد على ارتفاع العنف ضد النساء بشكل مخيف، يطرح أكثر من تساءل حول هذه (الدراسة)، وما هو المقصود بها والهدف منها؟ وهل تم فيها احترام معايير ومنهجية البحث العلمي؟ وما جدوى تخصيص يوم عالمي لمناهضة العنف ضد النساء؟ ولم إخراج قانون العنف ضد النساء؟”.

ودعت الفدرالية، المندوبية السامية للتخطيط الى توضيح الهدف والغاية من هذا البحث، و لماذا استعملت مفاهيم تتعلق بعنف النوع، أو العنف المبني على الجنس والذي يستهدف أساسا وغالبا النساء لكونهن نساء، وهو نتيجة للتمييز الجنسي المبني على هيمنة السلطة الذكورية المتجسدة في البنيات الاجتماعية، وفي علاقات النوع وفي تقسيم الأدوار بين النساء والرجال، وفي المنظومة العائلية وانعكاسات ذلك على المكانة الدونية للمرأة في مختلف المجالات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حفاظا على مصداقيتها كمؤسسة إحصائية وطنية تعتمد بحوثها كمراجع في البحث العلمي والاكاديمي.

وطالب كل القوى التقدمية وجمعيات المجتمع المدني، وجميع الجهات المعنية المؤسساتية والمدنية المغربية، والحركة النسائية الحقوقية، وكذلك هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالمغرب، الى “التفاعل مع هذه الدراسة وابداء مواقفها ومساءلة المندوبية السامية للتخطيط، حول المنهجية والمعايير العلمية والمفاهيمية التي ارتكزت عليها في اخراج هذه الدراسة، التي ستؤدي ال محالة إلى خلق البلبلة والاستخفاف بخطورة ظاهرة العنف ضد النساء، وضرورة وضع استراتيجية متعددة المجالات للقضاء عليه، مادام أن هذا العنف متبادل، وتقريبا بنفس الحدة والخصائص حسب نتائج الدراسة”.

وناشدت وسائل الاعلام الوطنية والدولية، إلى تكثيف الجهود والبرامج من أجل فتح النقاش حول مفهوم العنف المبني على النوع، كما هو متعارف عليه دوليا، والتحسيس واتخاذ الحذر والتعامل بعقلانية وبمنهجية علمية وواقعية، مع نتائج هذه الدراسة المتحيزة للثقافة الذكورية، حتى لا تكرس نفس منهجية المندوبية السامية للتخطيط المتحيزة بشكل واضح وفاضح وصارخ للثقافة الذكورية، وتساهم في التطبيع والتسامح مع ظاهرة العنف ضد النساء”.

وخلصت، الى مطالبة الحكومة بمراجعة قانون 13.103 لمناهضة العنف ضد النساء وتجويده وتعزيز مقتضياته، بما يتلاءم مع المعايير الدولية من حيث الوقاية والحماية، وعدم الإفلات من العقاب والتعويض، وجبر ضرر النساء المعنفات والناجيات من العنف.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة