خصص مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد حلقة برنامجه “حديث الثلاثاء” لهذا الأسبوع لمناقشة أرضية وتحديات تفعيل التغطية الصحية في المغرب، حيث استضافت إيمان لهريش، مسؤولة عن البرامج والمسيرة للحلقة، نجيب كديرة، خبير دولي في القضايا الاجتماعية ومدير سابق لوكالة التنمية الاجتماعية إضافة إلى كونه أستاذ سابق بجامعة محمد الخامس بالرباط.
وفي مستهل اللقاء، قدم ضيف الحلقة تقييما عاما لوضعية التأمين الصحي في المغرب حيث أشار إلى التطور الملحوظ الذي سجل في هذا المجال منذ تنفيذ قانون إلزامية التغطية الصحية سنة 2002. وقد جاء القانون في سياق عدم تجاوز عدد المغاربة المستفيدين من التغطية الصحية نسبة العشرين في المئة. فانبثق بسبب هذا التطور نظامين: نظام التغطية الصحية الإجبارية التي فرضت على المشغلين ونظام الراميد الموجه للفئات الاجتماعية المستضعفة.
واسترسل نجيب كديرة موضحا أن مشروع تعميم التغطية الاجتماعية، والتي تشمل التأمين الصحي كعنصر أساسي أصبح أولوية سياسية بالنسبة للحكومة الحالية والحكومات المقبلة.
ومن زاوية أخرى، أشار الخبير الدولي في القضايا الاجتماعية إلى أن مشروع التعميم يعد مسلسلا لأن توسيع التغطية الاجتماعية يفرض العديد من التحديات، على رأسها: التمويل الضخم الذي يقتضيه توفير خدمات هذا الورش الإصلاحي، التحدي المؤسساتي وإشكالية تفعيل هذه المبادرات، غياب الذكاء وطغيان المصالح الفئوية والفردية على المصلحة العامة.
وفي نفس السياق، أكد نجيب كديرة أن الإصلاح يجب أن يمس جانب التأمين الصحي على مستويين: تقوية ما تم تحقيقه والمرور إلى تعميم الخدمة على سائر المواطنين؛ وجانب تفعيل الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام مع التأكيد على دور القطاع الخاص في تحمل المسؤولية ومعالجة القطاعين لإشكالية العجز في الموارد البشرية.
وبالعودة للحديث على الجانب المؤسساتي، أشاد ضيف اللقاء بضرورة إحداث آلية لتتبع مراحل تفعيل التغطية الصحية بالمغرب ومدى تحقيق الأهداف المرجوة مع إخضاع مسلسل الإصلاح إلى التقييم من طرف المؤسسات المختصة وذلك بغرض تحقيق الحكامة الجيدة وتطبيق مبدأ المحاسبة. علاوة على ذلك، يجب على السلطة التنفيذية الالتزام بتنفيذ ورش إصلاح قطاع الصحة خاصة وأنها تحظى بدعم سياسي على مستوى عال نتيجة للقرار الملكي.
وللإجابة عن التساؤل المطروح حول مدى إسهام التقنيات الصحية الجديدة ” Health Tech” في تطوير مشروع التعميم، أوضح نجيب كديرة أن التقنيات الجديدة كفيلة بتسهيل ولوج المواطنين الى الخدمات الصحية وقد اتخذ المغرب خطوات مهمة في هذا الصدد خاصة في إطار تبادل الخبرات واستيراد التقنيات من فرنسا وبلجيكا مثلا.
وفي الختام، قدم نجيب كديرة مجموعة من التوصيات التي تشمل ضرورة السعي إلى توفير التغطية الصحية الشاملة لكافة المواطنين مع التأكيد على عدم فرض أي تكاليف للاستفادة من الخدمات الصحية الضرورية؛ بذل الدولة الجهود الكافية لتقوية القطاع الصحي خاصة بالاشتغال على الميزانية العامة؛ وأخيرا توفير ولوج حقيقي للخدمات الصحية على مستوى جميع الجهات.
