شكل الانخفاض المتواصل لأسعار الطاقة في الاسواق الدولية، و إلغاء نظام الكفيل المثير للجدل، و إقرار استضافة مونديال 2022 لكرة القدم، أبرز الملفات التي خلقت الحدث سنة 2015 في قطر، حيث ظلت طيلة السنة محورا هاما في النقاشات التي حاولت الإحاطة بهذه القضايا من مختلف الزوايا الاقتصادية و السياسة و الاجتماعية.
والواقع، أن تراجع أسعار النفط العالمية، التي انخفضت بأكثر من النصف منذ العام 2014، و هوت مؤخرا عند حدود 36 دولارا للبرميل، أضحى يشكل تحديا حقيقيا لدى السلطات القطرية على غرار باقي البلدان المصدرة للنفط، حيث يتوقع المراقبون ان يؤثر ذلك سلبا على برامج التنمية في البلاد و تسجيل عجز في الميزانية مما قد يؤثر على الانفاق الحكومي والنمو الاقتصادي .
و أمام هذا المعطى، بادر أمير قطر الشيخ تميم في خطاب تاريخي امام مجلس الشورى، في 3 نونبر الماضي، الى التأكيد أن بلاده ستضع ميزانية الدولة لعام 2016 بدون عجز كبير، رغم تأثر الإيرادات بأسعار النفط والغاز المنخفضة، في إشارة إلى أن الإنفاق سيكون أكثر حذرا .
وأبرز في هذا الخطاب الذي وصف بأنه خريطة طريق لمواجهة أزمة اسعار النفط، أن ميزانية 2016 ستأخذ انخفاض أسعار النفط بعين الاعتبار.
و بحسب المراقبين، فإن قطر تدرس خيارات سد العجز المرتقب في ميزانيتها المقبلة ، و قد تجد في اصدار سندات سيادية خيارا جيدا خاصة وأنها تمتلك تصنيفا ائتمانيا عاليا، مما يمنحها ميزة تفضيلية لجهة اسعار فائدة مغرية، تستطيع من خلالها ضبط و ترشيد الانفاق المقدر بنحو 164 مليار ريال (الدولار الواحد يساوي 64 .3 ريال قطري)، ويجعلها بغنى عن تسييل أي من استثمارتها الخارجية.
وعلى الصعيد الاجتماعي، خلفت مصادقة أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في 27 أكتوبر الماضي، على القانون الخاص بÜ”تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم”، والمرتكز على العقود الموقعة بين العامل ورب العمل ،موجة ارتياح واسعة في الأوساط الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد وخارجه، لكون القانون الجديد ينهي العمل بنظام الكفيل المثير الجدل ،والذي كان يفرض على كل عامل وافد أن يكون له كفيل محلي، الأمر الذي كان يضعه تحت رحمة كفيله ويقيد حريته في التنقل والتصرف.
ويأتي القانون الخاص ب”تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم”، كإجراء حكومي يروم تحسين ظروف إقامة اليد العاملة في البلاد، وخاصة منها الأجنبية، وإخراس أصوات من وصفتهم وسائل الإعلام القطرية ب”المغرضين ممن عزفوا على وتيرة حقوق العمال، والادعاء بعدم التزام قطر بوعودها التي أعلنت عنها بشأن تحسين أوضاعهم، خاصة في ضوء ترتيبات الدولة لاستضافة كأس العالم 2022 .”
وينص القانون الجديد بالخصوص على عدم جواز دخول الوافد لغرض العمل، إلا بموجب عقد عمل مبرم، مع مستقدمه، وفقا للشروط والضوابط المقررة قانونا.
وحظر القانون الجديد التنازل عن رخص الدخول التي تصدرها الجهات المختصة بالدولة للغير، وأجاز موافقة كل من صاحب العمل، ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، على انتقال الوافد للعمل إلى صاحب عمل آخر قبل انتهاء مدة عقد العمل.
وأجمعت ردود الفعل التي صدرت عقب المصادقة رسميا على القانون الخاص ب”تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم”، على أن هذا القانون تضمن العديد من البنود التي تصب في مصلحة طرفي المعادلة، الوافد والكفيل على السواء، مما يعزز قطاع الأعمال في الدولة، ويوفر بيئة ومناخ عمل ايجابي ، يستجيبان و ينسجمان مع المعايير المتعارف والمتعامل بها عالميا.
على صعيد آخر ،أنهى إعلان المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، في 25 شتنبر الماضي، رسميا إجراء مونديال 2022 والذي تستضيفه قطر، خلال فصل الشتاء ، جدلا طال أمده حول الفترة المناسبة لإقامة هذا العرس الرياضي العالمي ،خاصة داخل اجهزة الفيفا والاتحاد الاوربي لكرة القدم ، في حين أن الدولة المعنية بتنظيم المونديال (قطر) لم تكترث لذلك، بل أ ضخى موضوع موعد تنظيم المونديال لا يقض مضجعها ، حيث جددت في غير ما مرة استعدادها لاستفاضة المونديال في أي وقت سواء في الصيف أو في الشتاء.
و بحسب المهتمين بشؤون كرة القدم الدولية فإن تغيير موعد اجراء المونديال من الصيف إلى الشتاء ، يعد قرار تاريخيا لكونه تخلي عن التقليد وتمسك بالاستثناء، مراعاة لسلامة اللاعبين وضمان الفرجة الجيدة لعشاق المستديرة ، خصوصا وأن درجات الحرارة في قطر خلال فصل الشتاء تكون معتدلة، على عكسها في الصيف حيث تكون مرتفعة جدا وتصل الرطوبة إلى معدلات قياسية، مما سينعكس سلبا على أداء اللاعبين ويقض مضجع المتفرجين.
و إذا كان الجدل عن فترة اجراء المونديال قد انتهى إلا أن الهجمة الشرسة لعدد من وسائل الإعلام الأوربية و بعض المنظمات الحقوقية الدولية حول احقية قطر باستضافة المونديال قد زادت حدتها خلال السنة التي نودعها بالرغم من الفترة الطويلة التي مرت على التصويت لقطر وفوزها بتنظيم الحدث الأكبر للعبة صاحبة الشعبية الجارفة في العالم ، مما يضع علامات استفهام كبيرة حول أسباب هذه الهجمة، ومن يقف وراءها، وما أهدافها الحقيقة .
و في رد فعلها على هذه الهجمات ، غالبا ما أكدت السلطات القطرية على لسان اللجنة العليا للمشاريع والإرث، (المسمى التي تحمله اللجنة القطرية المنظمة لمونديال 2022 في قطر) أن الحملات الخارجية التي تهدف إلى التشكيك في استضافة قطر لمونديال 2022 لكرة القدم ستبوء جميعها بالفشل ، مشددة على أن قطر تسير في الاتجاه الصحيح نحو استضافة مذهلة للبطولة العالمية، وتقوم بخطوات إيجابية على الأرض وتفعل كل ما من شأنه أن يدحض الأكاذيب التي يطلقها البعض في الصحافة الأجنبية.