ثمن مرصد العمل الحكومي، ومركز الحياة لتنمية المجتمع المدني، في تقريره الصادر الاثنين 24 يناير الجاري، في اطار قراءته الأولية لبرنامج “أوراش”، توجه الحكومة في اتجاه تسريع تنزيل التزاماتها فيما يخص التشغيل، وذلك من خلال وضع الاطار العام لبرنامج “أوراش”، وإعطاء انطلاقته في مدة لم تتجاوز 3 أشهر من تنصيب الحكومة.
وفي هذا الاطار، قدم مرصد العمل الحكومي، ومركز الحياة لتنمية المجتمع المدني مجموعة من الملاحظات في تقريره، حول البرنامج المذكور، معتبرا أن البرنامج يصنف في اطار نوع جديد من السياسات العامة للتشغيل في المغرب، مبرزا أن الحكومة المغربية، لجأت لأول مرة في تاريخ منظومة التشغيل بالمملكة الى اعتماد سياسات “سالبة” “politiques passives” في مجال التشغيل، تروم بالأساس تخفيف الضغط على سوق الشغل، و حماية تنافسية قيمة العمل، من خلال تعطيل ولوج نسبة مهمة من الباحثين عن شغل الى سوق الشغل ، و هو ما يشكل نقطة جد إيجابية في التعاطي الحكومي مع التخطيط لسوق الشغل بالمغرب.
في نفس الاتجاه، اعتبر التقرير أن التوجه الاقتصادي للبرنامج إيجابي، بحيث سيمكن من المساهمة في الرفع من نسبة الاستهلاك، وذلك من خلال الدخل الذي سيوفره للعدد الكبير للمستفيدين ، بموازاة مع الغلاف المالي المرتفع للبرنامج، علاوة على الدينامية المجتمعية الإيجابية، التي سيخلقها البرنامج، والقدرة الكبيرة على التأطير وخلق الفرص لعدد كبير من الشباب، وخاصة الفئات المقصية من سوق الشغل، فضلا عن المقاربة التشاركية المعتمدة في تنزيل وصياغة البرنامج، والاعتماد على الدينامية المحلية، كرافعة جديدة لخلق فرص الشغل، ناهيك على الحرص على الحفاظ على الاطار القانوني للعلاقة الشغيلة للبرنامج، وفرض التغطية الاجتماعية كشرط أساسي للفرص المحدثة، منوها بالمقاربة التجريبية في تنزيل البرنامج، من خلال الاكتفاء في المرحلة الأولى على تنزيل البرنامج في عدد محدود من الأقاليم.
من جهة أخرة، تخوف التقرير من فرض التدبير البيروقراطي، وتعقيد مساطر الاستفادة من البرنامج سواء للمشغلين أو الاجراء، و ذلك من خلال اللجن الجهوية والإقليمية، و ما يرافق قدرتها على التنفيذ السلس، من إجراءات و مساطر إدارية ومالية محكومة بقواعد إدارية بيروقراطية، و هو ما قد يهدد التنفيذ السريع و الناجع للبرنامج، علاوة على هشاشة فرص الشغل الناتجة عن البرنامج، بالإضافة الى محدوديتها الزمنية، و هو ما قد ينتج عنه توترات اجتماعية ، في حالة عدم قدرة المستفيدين على الولوج الطبيعي الى سوق الشغل.
وتخوف التقرير أيضا، من الاستغلال الحزبي و السياسي للبرنامج، في ظل التدبير الجهوي و الإقليمي للمؤسسات المنتخبة، وفي ظل هيمنة الأحزاب المشكلة للحكومة على أغلبية المجالس الجهوية والإقليمية، وهو ما قد يهدد شمول البرنامج لمختلف الجماعات و المجالات الترابية، ناهيك عن سلبية الدور الثانوي الممنوح للمؤسسات العمومية المسؤولة عن التشغيل، وعدم تمكينها من لعب أدوارها والاستفادة من خبرتها في مجال التشغيل، والتعامل مع مختلف الفئات الباحثة عن شغل.
وواصل التقرير، تأكيد تخوفه من سيادة منطق الريع فيما يخص استفادة هيئات المجتمع المدني المستهدفة، والباحثين عن شغل، ومدى قربهم من المشرفين على الشأن العام المحلي و الجهوي، وعدم مطابقة بعض المجالات المقترحة في إطار الأوراش العامة المؤقتة وأوراش العمل المستدام، مع أهداف البرنامج المتجلية أساسا في رفع قابلية الشباب للتشغيل، وتمكينهم من ولوج سوق الشغل، والخالية من أي إمكانية لخلق التراكم و التجربة لدى المستفيدين، نظرا لطابعها الموسمي( رعاية المسنين، التنشيط الرياضي،…)، وغير المتلائم مع الحاجيات الحقيقية لسوق الشغل.
ولفت التقرير، أن “أوراش” يعاني من ضعف الجانب التواصلي حول البرنامج، وعدم تخصيص أي مواد إعلانية وتعريفية بالبرنامج، وخاصة في الاعلام العمومي، فضلا عن تخوفه من ضعف الإمكانيات اللوجيستيكية و البشرية، لمواكبة تنفيذ البرنامج، وخاصة فيما يخص تأطير ومواكبة المستفيدين من برنامج أوراش صغرى وكبرى مؤقتة خلا مدة الورش، كما جاء في اهداف البرنامج.
ويشار، أنه جرى التوقيع، الأربعاء 12 يناير الجاري، على منشور رئيس الحكومة المتعلق بإطلاق برنامج ”أوراش”، الرامي لإحداث 250 ألف فرصة شغل مباشر في أوراش مؤقتة خلال سنتي 2022 و2023 ، مبرزا أنه تم توجيه المنشور إلى الوزراء والوزراء المنتدبين والمندوبين السامين والمندوب العام من أجل العمل على تفعيل مضامينه.
وأوضح بلاغ لرئاسة الحكومة بأنه تم أن هذا البرنامج الذي أطلق عليه اسم ”أوراش” يضم شقين، يتعلق الشق الأكبر منه بالأوراش العامة المؤقتة، التي سيتم تفعيلها بشكل تدريجي خلال سنة 2022 مع تحديد نهاية السنة لتحقيق الأهداف المسطرة، فيما يتعلق الشق الثاني بأوراش دعم الإدماج المستدام على الصعيد الوطني.