اعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش إدريس لكريني، السبت بالدار البيضاء، أن تقوية التكتل والتنسيق المغاربي يمر عبر ترسيخ الديمقراطية وتحقيق التنمية.
وقال لكرين، في مداخلة له خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال الدورة الثالثة عشر للمنتدى المغاربي التي ينظمها مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية – مدى طيلة يومين في موضوع “المنطقة المغاربية: بين تحديات الواقع وأسئلة المستقبل”، إن المعارك الحقيقية التي تحتاجها المنطقة المغاربية اليوم، هي تلك التي تقود إلى تعزيز التكتل والتنسيق المغاربي، وتستهدف القضاء على كل مظاهر الفقر والتخلف، وكافة أشكال التطرف والفساد.
وأبرز، في هذا السياق، أن تقوية اللحمة بين بلدان المغرب العربي، وبناء تكتل قوي بينها، يمر عبر ترسيخ الديمقراطية، ووضع أسس تنمية مستدامة، إلى جانب تشجيع البحث العلمي وتحقيق الرفاه للمواطن، وكذا توطين التكنولوجيا والنهوض بثقافة حقوق الإنسان.
وأضاف لكريني، الذي يشغل أيضا منصب رئيس منظمة العمل المغاربي، في مداخلته التي حملت عنوان “الواقع المغاربي والمعارك الحقيقية”، أن “صانعي القرار السياسي في المنطقة المغاربية يتحملون مسؤولية كبيرة وجسيمة لتجاوز حالة الانتظارية التي طالت أكثر من اللازم، وتفرض اليقظة وبعد النظر والجرأة”.
وأكد أن المطلوب منهم اليوم “تحويل الإشكالات التي تعوق مسيرة البناء المغاربي، والتي وصلت إلى حد لا يطاق، إلى طاقة إيجابية تعيد الثقة إلى الشعوب المغاربية في فضاء رحب يتسع لأحلامها وتطلعاتها نحو بناء اتحاد مغاربي يضمن للمنطقة مكانتها بين الأمم، بدل الاستمرار في هدر مزيد من الوقت والإمكانات”.
ومن جانبه، اعتبر عبد اللطيف الحناشي، أستاذ جامعي بجامعة منوبة بتونس، في مداخلة عبر الفيديو، أنه رغم تعثر الحلم المغاربي، فإن هناك العديد من العوامل المحفزة التي قد تساعد على تدارك ما فات بالاعتماد على بيان مراكش، مضيفا أن هذه العوامل موجهة لتفعيل اتحاد المغرب العربي، والتعجيل بتحقيق التعاون والتنسيق بين أعضائه.
وشدد، في هذا الصدد، على أهمية دور منظمات المجتمع المدني في إحياء هذا الاتحاد المغاربي وتفعيله، وذلك من خلال توحيد جهودها، وتحويل وتوسيع أنشاطتها على مستوى كافة البلدان المغاربية، وإقامة شراكات في ما بينها حتى تضغط بشكل إيجابي في اتجاه أن يتحقق الاندماج بين أعضائه.
ولم يفت الحناشي الوقوف عند الدور الأساسي لوسائل الإعلام في إعادة الروح إلى هذا الاتحاد، خاصة عبر تحجيم الخلافات السياسية، وإبراز إيجابيات مغرب موحد.
ومن جانبه، اعتبر الأستاذ بجامعة نواكشوط وبالمدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء أحمد جدو اعليه، في مداخلته، عبر الفيديو، في موضوع “المشترك المغاربي كآلية لتجاوز عوائق الحاضر وبناء مستقبل واعد”، أن المشترك الاقتصادي أساسي في بلورة فضاء متحالف ومتجانس بين مختلف البلدان المكونة للمنطقة المغاربية.
أما منسق المنتدى المغاربي المختار بنعبدلاوي، فقد أشار إلى أن هذه الدورة تأتي في ظل تراجع التنسيق بين البلدان المغاربية، وبروز خلافات في وجهات النظر في ما بينها، إلى جانب سلسلة من الإخفاقات التي تراكمت على مدى سنوات، مضيفا أن هناك بدائل متعددة على المستوى الإفريقي أو الأوروبي لكنها تبقى، في نظره، ثانوية من حيث القيمة المضافة، مشيرا إلى أن تلك التكتلات يمكن أن تتأثر في حال تم إطلاق الاتحاد المغاربي، وأصبح إطارا جاهزا للعمل بشكل فعلي.
وأضاف أن السنوات الأخيرة بينت أن الحاجة إلى الوحدة المغاربية لا تتعلق فقط بالبعد الاقتصادي والتنموي، بل أيضا بالبعد الأمني، خاصة على مستوى منطقة الساحل، إذ لا يمكن أن يتحقق الأمن إلا في إطار رؤية والتزام جماعيين بين مختلف الأطراف.
وحسب المركز، فإن تنظيم هذه الدورة في هذا الموضوع، يرجى من خلاله مقاربة الإشكاليات المطروحة، والتحديات التي تعرفها المنطقة المغاربية، خصوصا في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية وما عرفه العالم من تداعيات ناتجة عن أزمة كورونا وتأثيراتها على التكتلات الإقليمية والعلاقات الدولية.
كما يأتي تنظيم هذه النسخة في سياق إقليمي يتميز بالتعقيد بشكل غير مسبوق، وهو ما جعل المنتدى المغاربي، بجميع نخبه الأكاديمية وفعاليات المجتمع المدني المنخرطة فيه، يشدد على ضرورة إبقاء اتفاقية مراكش حية في الأذهان، وتأكيد انخراط المجتمعات المغاربية في هذا المشروع، باعتباره السبيل الأفضل لتحقيق التنمية والاستقرار، وتوفير السلم والرفاهية لشعوب المنطقة.
وتتناول أشغال المنتدى عددا من المحاور، منها “قراءة في الواقع المغاربي وتحدياته”، و”رهانات الممكن”، و”ماذا تبقى من الربيع العربي في المنطقة المغاربية”، و”ما العمل؟ (رؤى مغاربية)”.