ستبقى مأساة ملعب أوليمبي في العاصمة ياوندي التي أدت الى وفاة ثمانية أشخاص، ذكرى سوداء الى الأبد في تاريخ النسخة الثالثة والثلاثين من كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم التي استضافتها الكاميرون، خلال شهر عانى فيه منظمو البطولة القارية من مشكلة تلو الأخرى.
تم بناء ملعب أوليمبي المذهل الذي يتسع لـ60 ألف مقعد في العاصمة ياوندي ليكون جوهرة البطولة في الكاميرون، بتكلفة رسمية بلغت نحو 163 مليار فرنك إفريقي (284 مليون دولار).
إنما اسمه سيظل مرتبطًا إلى الأبد بأحداث 24 يناير 2022، عندما توفي ثمانية أشخاص وأصيب 38 بجروح إثر حادثة التدافع عند بوابة المدخل الجنوبي للملعب قبل مباراة البلد المضيف وجزر القمر في ثمن النهائي.
تم إغلاق الملعب مؤقتًا ولكن أعيد فتحه بعد 10 أيام لمواجهة نصف النهائي بين الكاميرون ومصر والتي لم تكن فأل خير على المضيف الذي ودع البطولة. كما أن الكارثة أبعدت الناس بعد حضور 24371 شخصًا فقط لتلك المباراة.
امتلأ الملعب بنسبة 40 بالمئة فقط، علمًا أن المنظمين يرفعون سعة الملاعب الى 80 في المئة عندما تلعب الكاميرون وفقًا للبروتوكولات الصحية المتعلقة بجائحة فيروس كورونا.
قال فالنتان كامغا، أحد مشجعي الكاميرون، لوكالة فرانس برس عند دخوله الى الملعب لمباراة نصف النهائي “عندما يموت الناس، الجميع يخاف”.
ستعاني الكاميرون للتخلص من الإرث الأسود لملعب أوليمبي، على الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة التي وضعتها بعد الحادثة المميتة.
صرّح أسطورة الكاميرون ريغوبير سونغ لوكالة فرانس برس “لحظات الفرح يمكن أن تصاحبها لحظات حزن. هناك شعور بالحزن لكنه جزء من الحياة”.
عدم جهوزية
مُنحت الكاميرون الوقت الكافي من أجل الاستعداد لاستضافة البطولة القارية على أراضيها للمرة الاولى منذ 1972.
كان من المفترض أن تستضيف النهائيات في العام 2019 قبل أن يُسحب منها هذا الحق بسبب تأخير في الاستعدادات ومنحه لمصر.
كما أُرجئت البطولة العام الماضي بسبب جائحة فيروس كورونا.
ومع ذلك، لم يكن كل شيء جاهزًا، ولم تكن المرافق والخدمات الخاصة بوسائل الإعلام في استاد ليمبي قد اكتملت بحلول الوقت الذي انطلقت فيه البطولة.
ولم يساعد الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) المنظمين المحليين، بعد أن قرر قبل أربعة أيام فقط من الموعد نقل مباراة في ربع النهائي وأخرى في نصف النهائي من ملعب جابوما في العاصمة الاقتصادية دوالا إلى ياوندي.
كانت هناك مخاوف بشأن أرضية الملعب، ولكن لم يتم تقديم أي تفسير رسمي لهذا التغيير، وقررت الهيئة القارية أيضًا في اللحظة الأخيرة تقديم مباراة تحديد المركز الثالث يومًا واحدًا.
كما عانت البطولة من حضور جماهيري متواضع في بلد مجنون بكرة القدم.
فرض الاتحاد القاري شروطًا صارمة لدخول الملاعب، حيث تحتم على الحاضرين أن يكونوا ملقحين بالكامل وتقديم دليل على اختبار سلبي لفيروس كورونا، وهو ما يكفي لردع الكثيرين في دولة ذات معدل تطعيم منخفض.
ارتفع عدد الجماهير مع تقدم أدوار البطولة، ولكن يبدو أن كارثة أوليمبي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للكثيرين.
دروس للعام المقبل
شهدت البطولة الكثير من الإثارة مثل وصول بوركينا فاسو إلى نصف النهائي على الرغم من الانقلاب العسكري في البلاد، بالإضافة إلى وصول غامبيا البلد الصغير إلى دور الثمانية في ظهوره الأول.
كما بلغت جزر القمر الأدوار الإقصائية وخرجت مرفوعة الرأس أمام الكاميرون (2-1) في دور ثمن النهائي على الرغم من اضطرارها الى اللعب بعشرة لاعبين منذ الدقيقة السابعة والى إشراك لاعب ميدان بين الخشبات الثلاث لغياب الحراس الثلاثة بسبب كوفيد والإصابة.
إلا أن حادثة التدافع خارج أولميبي في تلك الامسية طغت سريعًا على ما حدث داخل الملعب.
قال روجيه ميلا المتوج مع الكاميرون باللقب القاري عامي 1984 و1988 لفرانس برس “من الناحية الرياضية، شهدنا بعض المباريات الرائعة، لكن لم يبلغ أفضل فريقين المباراة النهائية”، في إشارة الى مصر والسنغال.
على الرغم من وجود لاعبين عالميين مثل المصري محمد صلاح والسنغالي ساديو مانيه والجزائري رياض محرز، فإن المستويات التي شهدتها المباريات لم ترتق الى مستوى التوقعات.
سُجل 100 هدف فقط في 51 مباراة قبل النهائي، بمعدل 1.96 هدف في المباراة الواحدة، مماثل لنسخة 2019.
على أرض الملعب وخارجه بشكل خاص، هناك آمال في أن تكون النسخة المقبلة من البطولة أفضل.
ولن يدوم الانتظار طويلًا، إذ من المقرر أن تستضيف ساحل العاج العرس القاري في يونيو ويوليوز 2023، بعد ستة أشهر فقط من نهائيات كأس العالم 2022 في قطر وخلال موسم الأمطار، عوامل قد تجلب تحدياتها الخاصة.