قال الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إنه يراقب بقلق بالغ موجة الارتفاعات المتتالية في الأسعار، وخصوصا تلك المرتبطة بالمواد الأساسية، مما ينعكس سلبا على دخل الأسر، ويسهم في تدهور الأوضاع المعيشية المتسمة أصلا بالهشاشة، وينذر بمخاطر أقلها ازدياد معدلات الفقر، وعودة شبح الهجرة القروية نحو المدن، وخاصة مع ما يهدد السنة الفلاحية، التي تشي كل المؤشرات بأن هذه السنة ستكون استثنائية في انعاكاساتها السلبية على الفلاحين الصغار والعالم القروي القائم على الفلاحة الصغرى المعاشية والرعي.
وقال الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أنه انطلاقا من مرجعيته الاشتراكية الديموقراطية الاجتماعية، ومن حسه الوطني يدعو إلى خمس إجراءات استعجالية لمواجهة الارتفاعات المتتالية في الأسعار، وهي كالتالي:
أولا: التعجيل بإدخال تعديلات على قانون المالية، بما يسمح بإجراءات ضريبية وتشريعية تحمي الدخل الفردي للأسر، وتحد من ارتفاع الأسعار.
ثانيا: التدخل المستعجل للمؤسسات الوطنية المعنية بمحاربة الفساد والرشوة، وتلك المعنية بالمنافسة، من أجل مراقبة والتدخل لحماية المواطنات والمواطنين من كل أشكال الاحتكار والمضاربة والاتفاق القبلي بين الشركات على تحديد أسعار مرجعية في ضرب صارخ للمنافسة النبيلة.
ثالثا: سن إجراءات فورية لحماية العالم القروي المتضرر الأول من تزامن الجفاف مع التقلبات الاقتصادية الكونية، وضرورة التفعيل الأمثل لصندوق دعم العالم القروي، مع إخضاعه للرقابة والمحاسبة المواطنة.
رابعا: تنظيم مناظرة وطنية حول الماء، تحضرها كل مؤسسات الدولة المعنية بالموضوع، وكل الفعاليات المدنية التي تشتغل على موضوعة الماء، وكل الخبرات العلمية المهتمة بالأمن المائي، من أجل بناء استراتيجية وطنية لتثمين الثروة المائية ودوام استدامتها، والتقليل من كل أشكال الهدر المائي، والبحث عن بدائل مرتبطة بالاستدامة.
خامسا: القطع مع كل أساليب التواصل الحكومي المعطوبة في هذه المرحلة الحرجة، التي تتطلب انتهاج سبيل الصراحة مع المواطنات والمواطنين، الذين في حاجة إلى التفعيل الأمثل للحق في المعلومة، عوض إنتاج خطاب لم يخرج من المرحلة الانتخابية المتسمة بتقديم الوعود عوض الأرقام والمعلومة والمنجزات والنقائص”.
وأضاف الاتحاد الاشتراكي: “إن ما يقع في السوق العالمية في ارتباط بارتفاع متصاعد لأثمنة المحروقات، والمضاربات التي تقع في المواد الأولية بسبب عودة النشاط الاقتصادي والصناعي للانتعاش بعد التعافي التدريجي كونيا من مخلفات جائحة كوفيد 19. لايعفي الحكومة من تحمل مسؤولياتها في الحماية الاجتماعية للمواطنات والمواطنين عبر إبداع حلول مستعجلة كفيلة بالتقليل من انعكاس ما يقع خارجيا على المعيش اليومي للأسر”.
وتابع: “لقد بنت هذه الحكومة قانونها المالي على مؤشرات متفائلة فيما يخص الفرضيات المرتبطة بنتائج الموسم الفلاحي ومتوسط أثمان المحروقات، وإذا كانت الأمطار مما لا يمكن التنبؤ به، فإن الحكومة افتقدت إلى بدائل في حال استمرار موجة الجفاف، مع العلم أن الجفاف يكاد يصبح معطى بنيويا منذ سنوات، بحيث إن متوسط التساقطات المطرية خلال العشر سنوات الأخيرة فقط، كان بمثابة ناقوس خطر بخصوص ضرورة التفكير في بدائل من أجل استدامة الثروات المائية، عوض الاستمرار في الهدر المائي من خلال دعم قطاعات فلاحية وصناعية مبذرة للماء بشكل لا ينسجم مع حجم المخزون المائي لبلادنا، مما يهدد حق الأجيال المقبلة في هذه الثروة التي لا غنى عنها”.
وزاد: “أما بخصوص أسعار المحروقات في السوق الدولية، فإننا كنا قد حذرنا الحكومة أثناء مناقشة قانون المالية من لامعقولية الفرضيات التي تم بناء عليها تحديد الأسعار المرجعية للمحروقات في السوق الدولية، إذ اعتبرناها فرضيات لا تنبني على أي دراسة علمية أو تنبؤية، وقد كانت كل الدراسات في العالم تشير إلى اضطرابات قادمة ستؤثر سلبا على أسعار المحروقات، لكن للأسف صمت الحكومة آذانها، ولم تقم بأي إجراءات استعجالية لحماية جيوب المواطنين”.
وواصل: “بل الأدهى والأمر هو أن قانون المالية جاء بإجراءات ضريبية رفعت من قيمة الضريبة على القيمة المضافة، أو الضريبة على الاستيراد بالنسبة لبعض المواد الأساسية سواء المعدة للاستهلاك أو التي تدخل في صناعات تحويلية لسلع أساسية، مما سيؤدي حتما إلى زيادات في الأسعار النهائية للمنتوجات الموجهة للاستهلاك”.
وأردف: “إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وبكل وطنية ووضوح يقر بأن تأخر الأمطار في تزامن مع وقائع عالمية ساهمت في ارتفاع أسعار المحروقات وعديد من المواد الأولية في السوق العالمية، وتداعيات جائحة كورونا، يفسر جزء مما تعرفه السوق الوطنية من ارتفاعات في الأسعار تمس جيوب المواطنات والمواطنين، ولكن في نفس الآن وبكل مسؤولية يحمل دزء كبيرا من المسؤولية للحكومة الحالية، بسبب غياب أي رؤية تنبؤية مبنية على تحليل دقيق للسياسة والاقتصاد العالميين أثناء وضع قانون المالية، وبسبب إجراءاتها الضريبية التي لم تساهم في حماية الأسر من الانعكاسات الخارجية على السوق المحلية، وفي غياب بدائل اجتماعية وضريبية وقانونية تسهم في التخفيف من تأثيرات هذه الأزمات على الدخل الفردي للأسر، فقد أبانت هذه الحكومة عن غياب الإبداع والكفاءات والاستباقية، ولا يمكنها أن تتحجج بالعوامل الخارجية التي كانت معروفة سلفا، فالحكامة الجيدة هي القدرة على تدبير الأزمات، وليس الاختباء خلفها لتبرير الفشل”.
واستطرد: “إن استمرار هذه الأوضاع لن يسهم فقط في تزايد حدة الاحتقان الاجتماعي، لكنه يهدد كذلك حق المواطنين في تعليم جيد، وحقهم في الوصول للاستشفاء والتطبيب، ناهيك عن عودة شبح البطالة للارتفاع مجددا مما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الفقر داخل المجتمع، ذلك أن تراجع دخل الأسر في تزامن مع الغلاء يؤدي إلى تراجع ليس فقط القدرة على الادخار التي هي اليوم شبه منعدمة حتى عند الطبقة المتوسطة، بل يؤدي كذلك إلى تراجع إنفاق الأسر على التعليم والصحة، والانشغال بتأمين الحد الأدنى من الغداء”.
وخلص: “إننا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية نحذر من استمرار سياسات الهروب إلى الأمام، والبحث عن المبررات غير المقنعة، وندعو لكي تتحمل كل الجهات مسؤولياتها الوطنية في حماية الأسر المغربية وخاصة الفقيرة منها مما تبعات الجفاف والتقلبات الاقتصادية”.